يترقب أسطول الظل الإيراني مرحلة جديدة تزامنًا مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما يحمله ذلك من احتمالات وتطورات دفعته لاستعدادات جديدة.
وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يُشار إلى الناقلات القديمة التي لا يُعرَف مالكها الأصلي، وتفتقر للصيانة والتفتيش، وتنقل النفط المفروضة عليه عقوبات أميركية مثل الإيراني والروسي والفنزويلي بـ"أسطول الظل".
وقبل 6 أسابيع فقط من عودة ترمب، سجّل أسطول الظل الإيراني تطورات تشير إلى مروره بـ"مرحلة حرجة"، ومنها تراجع واردات أكبر المستوردين الصين، وفرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 14 شركة و21 ناقلة متورطة في نقل خام طهران.
وتزامنَ ذلك مع ظهور تقرير يقول، إن اثنتين من ناقلات النفط الكبيرة جدًا (VLCC) التابعة لأسطول الظل الإيراني تتجه إلى الهدم لأول مرة منذ عام 2022.
وعملية هدم السفن أو "تخريدها" هي تفكيك أجزاء في نهاية عمرها التشغيلي، سواء للتخلص منها، أو إعادة استعمالها.
هدم ناقلات أسطول الظل الإيراني
شكّلت الناقلات الكبيرة جدًا (التي تنقل أكثر من 200 ألف طن متري) نحو 44% من صادرات النفط الإيراني خلال العام الجاري (2024).
ويتوقع سمسار السفن البريطاني "بريمار" (Braemar) -في أحدث تقاريره- هدم تلك الناقلات ممن يتجاوز عمرها التشغيلي 20 عامًا.
وبالفعل، يُدفع باثنتين من ناقلات النفط الكبيرة جدًا ذات الصلة بإيران باتجاه الهدم، وستتبعها أخرى، بحسب بريمار.
ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع ناقلات النفط:
وبسبب عمرها الكبير، من غير المحتمل عودة تلك الناقلات إلى تجارة النفط غير الخاضع للعقوبات بسهولة.
وربما يعود بعضها إلى تخزين النفط العائم، لكن معظمها ستخضع للتخريد، رغم صعوبة ذلك في ضوء العقوبات.
وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة، يُقصَد بالمخزون العائم النفط الموجود في السفن أو حاملات النفط التي تُستعمل بصفتها خزانات، كما تستعمله بعض الدول وبيوت التجارة العالمية للاستفادة من فروق الأسعار.
وبالنسبة للناقلات الكبيرة التي يقترب عمرها من 20 عامًا تقريبًا، من المحتمل أن يؤول مصيرها إلى الهدم كما حدث قبل عام 2020، ما لم تُخفف القيود المرتبطة بالعمر بصورة أوسع نطاقًا على تجارة النفط غير الخاضع للعقوبات.
عقوبات النفط الإيراني
فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 21 ناقلة ضمن أسطول النفط الإيراني يوم 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري (2024).
وفي معرض تبريره للخطوة، قال نائب وزير الخزانة الأميركي لشؤون التمويل والإرهاب برادلي سميث، إن إيران تستعمل إيرادات النفط لتطوير برنامجها النووي ونشر الصواريخ الباليستية والمسيرات غير المأهولة وتمويل عملائها الإرهابيين الإقليميين، بما يهدد بمزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
وباستعمال كامل الأدوات والسلطات، أكد استمرار التزام الولايات المتحدة بتعطيل أعمال أسطول الظل الإيراني ومشغّليه الذين يسهّلون تلك الأنشطة غير القانونية.
وبذلك، يرتفع إجمالي عدد الناقلات الخاضعة للعقوبات إلى 80، بما يشكّل 9% من أسطول الناقلات الكبيرة جدًا.
وسبق فرض عقوبات أخرى في 11 أكتوبر/تشرين الأول (2024)، بعد الهجوم الإيراني بالصواريخ على إسرائيل.
وتتوقع شركة بريمار أن تشهد حقبة ترمب الجديدة فرض عقوبات أشد على إيران، وهو ما أكده كبير مستشاري ترمب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، الذي قال، إن الرئيس المنتخب سيعيد إلى الواجهة إستراتيجية فرض أقصى قدر من الضغط على إيران، رغبةً في تعطيل امتلاكها برنامجًا نوويًا، ولذلك انسحب من الاتفاق النووي خلال مدة ولايته الأولى.
وخلال حملته الانتخابية في 2024، قال ترمب، إنه لا ينوي إلحاق الأذى بإيران ما لم تتخطَّ "خطّه الأحمر"، وهو الأسلحة النووية.
وهنا، يتوقع مستشار منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي أن ترمب لن يفرض عقوبات على إيران إلّا إذا طلب من دول الخليج زيادة إنتاجها من النفط، لتعويض غياب طهران على الساحة.
وفي حالة الموافقة، سيؤدي فائض الإنتاج إلى خفض أسعار النفط، إلّا أن المحللين يتوقعون عدم موافقة البلدان الخليجية، بحسب الحجي.
وأوضح قائلًا: "لن تفعل دول الخليج ذلك؛ لأن إيران موجودة على الجانب الآخر منها، وهي جارة، وستفسّر طهران هذا على أنه عداء، ومن ثم ليس هناك مخرج أمام دول الخليج لتفادي أيّ مشكلات مباشرة معها، إلّا أن تقول، إن لديها مخططًا قديمًا، وهو إعادة التخفيضات الطوعية للسوق بتاريخ معين، وإنها ملتزمة به قبل أن يأتي ترمب".
صادرات النفط الإيراني
خفّف الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن قبضة العقوبات على طهران؛ ما أثمر تعافيًا تدريجيًا، وهو ما انعكس في ارتفاع صادرات إيران من النفط إلى أكثر من 1.5 مليون برميل يوميًا في 2024، بحسب بيانات شركة الاستشارات "بوتن آند بارتنرز" (Poten & Partners).
لكن بحسب تقديرات شركة بريمار، ارتفعت صادرات النفط الإيراني إلى 1.4 مليون برميل يوميًا في 2024، من 400 ألف برميل يوميًا فقط في 2020.
وانهارت تلك الصادرات بعد فرض حظر كامل في 2019 على يد ترمب، لتهوي من 2.5 مليون برميل يوميًا خلال النصف الأول من 2018 إلى 250 ألف برميل فقط في 2019
وتراجعت واردات الصين من النفط الإيراني في نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، إذ رفعت العقوبات من تكاليف الشراء بالنسبة للمصافي الصينية المستقلة (المشتري الرئيس)، علاوة على المخاوف من حدوث إرباك للإمدادات وارتفاع مفاجئ للأسعار.
وارتفعت واردات الصين من النفط في الشهر الـ11 بنسبة 7%، لكن حصة إيران وروسيا وفنزويلا تراجعت بصورة كبيرة، لتشكّل إجمالًا ربع واردات الصين، نزولًا من الثلث في أكتوبر/تشرين الأول السابق.
ناقلات النفط الإيراني
خلال السنوات الأخيرة، استحوذت الناقلات الكبيرة جدًا التي يبلغ عمرها 20 عامًا على نسبة كبيرة من تجارة النفط الإيراني خلال العام 2024.
وحتى هذا الوقت من العام، كان ثلُثا النفط المنقول على تلك الناقلات إيرانيًا، في حين احتفظت فنزويلا بنسبة 9% فقط.
وارتفعت حصة الناقلات الكبيرة جدًا التي يتجاوز عمرها 20 عامًا في نقل النفط من 5% في 2021 إلى 14% من النفط خلال هذا العام.
وإذا انخفض حجم صادرات النفط الإيراني بصورة كبيرة، ستشهد سوق الناقلات دفعة، وخاصة الناقلات الكبيرة جدًا، كون طهران تستحوذ على النسبة الكبرى من تلك الناقلات في أسطول الظل الإيراني.
يُقارن ذلك بحصّة ضئيلة لفنزويلا واستعمال روسيا لناقلات أفراماكس وناقلات السويس.
وفي ضوء ذلك، ستظهر الحاجة لاستبدال النفط الإيراني بآخر غير خاضع للعقوبات من دول أخرى؛ وهو ما سيوفر فرصًا تشغيلية للناقلات.
وبعد فرضها عقوبات على 35 ناقلة كبيرة جدًا مرتبطة بإيران، تضع أميركا عيونها على 85 أخرى فيما يراه المحللون في شركة جيفريز (Jefferies) مكسبًا لكل من سوق الناقلات عمومًا والناقلات الكبيرة جدًا.
وإذا نالت العقوبات من الـ85 ناقلة موضع المراقبة، من المتوقع أن ترتفع معدلات تشغيل الناقلات من 85% إلى 95%.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
1- تقرير شركة بريمار عن أسطول الظل الإيراني
2- تقرير منصة ريفيرا عن العقوبات على الناقلات الإيرانية
3- تقرير من منصة سبلاش عن مستقبل الناقلات