الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يطالب بالإنصات إلى "نبض الشارع" - بلس 48

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دعا محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، اليوم السبت، الحكومة الحالية إلى “التفكير في تقديم الحساب قبل فوات الأوان والسير في اتجاه تقديم الاستقالة نزولاً عند رغبة مختلف المكونات الشعبية”، معوّلا على ما سمّاها “جرعة نضج تقتضي أن تتوفّر لدى الجهاز التنفيذي كي ينصتَ” إلى ما هو رائج في الشارع وفي غيره من الفضاءات التي تحتضن النقاش العمومي.

جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للجامعة السنوية للحزب، المنعقدة تحت شعار “ساعة البديل الديمقراطي التقدمي”، حيث دفع بنعبد الله بما وصفه بـ”الوعي المبكر لدى حزب الكتاب بتحول مجتمعي أساسي يحدث”، وشدد على أنه “لا يمكن فهم هذا التحول إلا بالاستماع لمن يجسده، أي أجيال اليوم”، وتابع: “علينا أن نتحاور معهم حول انتظاراتهم، مطالبهم، رؤيتهم، وكيف يقاربون الأمور ويتفاعلون معها، حتى وإن كانت تعبيراتهم تختلف عن تلك التقليدية التي نمثلها”.

“تباين الأدوار”

قال الأمين العام لـ”حزب الكتاب”: “علينا أيضاً الاعتراف بنقائصنا وهفواتنا، وبأن هناك ضرورة لربط الصلة ومواكبة هذا التحول الذي يشهده المجتمع المغربي”، معتبرا أنه “تمّ العمل على إدماج عدد من الطاقات الشابة، وتمكينها من تفجير قدراتها في مجالات مختلفة؛ وهذا، وإن لم يكن كافيّا، إلا أنه خطوة نحو انسجام أكبر مع ما يجري في مختلف الفضاءات المجالية، حضرية كانت أو ضواحي المدن، أو في القرى، أو الجبال، أو غيرها”.

أما بخصوص الحركات الاحتجاجية الأخيرة فأورد المتحدث أنه “لا ينبغي أن نستغرب مما شهدناه منذ نهاية الأسبوع الماضي من تعبيرات سلمية ومطالب مشروعة”، وأكد تضامن حزبه المطلق معها، “في وجهها الصافي والخام، المعبر عن إرادة لتحسين الخدمات الصحية العمومية، والخدمات التعليمية العمومية، والرغبة الجامحة في رؤية مغرب خالٍ من الفساد، من تضارب المصالح، ومن الممارسات التي تسيء إلى الفضاء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي”.

كما شدد بنعبد الله على أن “هذه المطالب تلخص في كلمة واحدة: الكرامة”، مردفا بأنه “من الضروري أن ينعم كل مواطن مغربي، وخاصة الشباب، بها، وذلك عبر تحويلها إلى فعل وإلى سياسات عمومية ملموسة”، وزاد: “قد تكون للحكومة الحالية، الممتدة لأربع سنوات، بعض الإنجازات وبعض الإيجابيات، لكن هي وحدها تتحمّل مسؤولية التواصل بشأنها لتفسيرها للمغاربة. هذا ليس دورنا كما يطلب منا كثيرون”.

وواصل الأمين العام لـ”حزب الكتاب” نقد أداء الحكومة، معتبر أن “فشلها لا يرتبط فقط بالتظاهرات الأخيرة”، متابعا: “عندما نقول إنها فاشلة فلا نقول ذلك فقط لأن الشباب خرجوا للتعبير عن مطالبهم، بل لأن هذا ما عبّرنا عنه في بلاغات المكتب السياسي، وتدخلاتنا البرلمانية، وخطابات قيادات الحزب… أخفقت لأنها لا تستمع، وتختفي وراء شعارات فارغة”.

وفي هذا السياق حمّل السياسي ذاته الحكومة مسؤولية التنكّر لمبادئ النموذج التنموي الجديد، قائلاً: “أذكّركم هنا بمرجعيتين أساسيتين لهذه الحكومة: أولًا النموذج التنموي الجديد، لكنها لم تعد تذكره، لا عنواناً ولا مضموناً، رغم ما يحمله من أهداف واضحة، منها محاربة كل أشكال الريع والرشوة وتضارب المصالح”، لافتاً إلى أن هذا النقد “ليس من أدبيات حزبنا، بل من صلب وثيقة النموذج التنموي الجديد، مع أن هذا النموذج لا يعني الكمال بالنسبة إلينا”.

كما شدد الفاعل السياسي اليساري على أن البلاد “في أمسّ الحاجة إلى بديل”، موضحاً أن “طرح الحزب لهذا البديل ليس مرتبطاً فقط بالحراك الأخير، بل نابع من قناعة راسخة سابقة”، واسترسل: “نعتبر، وبدأنا العمل على ذلك، أن هناك وجهة أساسية وفضاءً محوريا ينبغي الاشتغال عليه، هو فضاء الشباب والشابات؛ أي هذه القيمة الأساسية التي يحملها المجتمع المغربي، ومن الضروري الإنصات إليها”.

“بديل مطروح”

قال يوسف كريم، مهندس نائب رئيس “منتدى اقتصاديي التقدم”، إن “الحزب اختار هذه السنة عنواناً لجامعته ينسجم ويتفاعل مع الأوضاع الراهنة، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، وهو: ‘ساعة البديل الديمقراطي التقدمي'”، مسجلا أنه “في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا ثمة حاجة إلى انفراجة اجتماعية وسياسية، وإلى بديل حقيقي يكفل الحق في العيش الكريم، وفي النصيب العادل من الثروة للجميع”.

وأشار كريم، حين تناول الكلمة خلال الجلسة الافتتاحية، إلى الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في شتنبر 2026، موردا: “المرحلة التي تفصلنا عن شتنبر من السنة القادمة تبدو حاسمة، طالما أن المغرب يواجه تحديات ومخاطر داخلية وخارجية على حد سواء. كما تتعين علينا مواجهة الاستحقاقات الكبرى على المديين القصير والمتوسط، بارتباط مع التزاماتنا الدولية”.

ولفت المتحدث إلى “ضرورة تحليل الإكراهات المتصلة بهذه التحديات والمخاطر، مع الوقوف عند تقييم عناصر القوة والفرص التي يتمتع بها المغرب، من خلال وضع سؤال أساسي: كيف نجعل من الفترة التي تفصلنا عن شتنبر 2026 سنة محورية تؤدي إلى بروز معالم تغيير حقيقي في التوجهات الإستراتيجية، وإلى إنعاش مسار بناء الديمقراطية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي لفائدة الشعب المغربي قاطبة، وبالخصوص لفائدة الطبقة المتوسطة والفئات الاجتماعية الكادحة والمحرومة والمستضعفة؟”.

واستعرض كريم “التحديات التي تواجه بلادنا”، وجمّعها في أربعة أصناف، بدءاً بـ”التحديات المتعلقة بتطورات الأوضاع الدولية”، مبرزا أن “بلادنا تسير في اتجاه عالم نجهل قواعده المستقبلية؛ عالم يُعاد فيه تشكيل التحالفات العالمية التقليدية، وتحتدم فيه التصادمات بين القوى والتكتلات الجيو-إستراتيجية على مستويات عدة: اقتصادية، تجارية، مالية، تكنولوجية وعسكرية”.

أما التحدي الثاني، وفق المصدر ذاته، فمرتبط بـ”الترسيخ النهائي لسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية الجنوبية”، مشيدا بـ”تحقيق الملف مكتسبات كبرى على المستوى الدبلوماسي، وعلى مستوى الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على صحرائه”، ومشددا على أن “تفعيل مخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية يتعين أن يسير بالتوازي مع تمتين الجبهة الداخلية، وإطلاق إصلاحات ديمقراطية جديدة، وتسريع مسلسل اللامركزية والجهوية المتقدمة”.

وبالنسبة للتحدي الثالث، وهو “المتعلق بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد”، أشار كريم إلى أن “بعض إنجازات الدولة وعدد من المقاولات العمومية الكبرى، وكذا الاستثمارات في البنية التحتية من ملاعب وطرق وقناطر، لا يمكنها أن تحجب النقائص في السياسات العمومية، والفشل متعدد الأوجه للحكومة الحالية”، موضحاً أن ذلك يتمثل في “نمو اقتصادي ضعيف، وضعف دينامية الاستثمار الخصوصي، وأزمة التشغيل، وتعمق البطالة، وفقدان مناصب الشغل، خصوصاً في المجالات القروية، وانخفاض معدلات النشاط الاقتصادي، خاصة في أوساط النساء، والارتفاع المهول في إفلاس المقاولات”.

وأخيرا أشار المتحدث إلى التحديات المتعلقة بـ”استمرار أزمة العمل السياسي”، مورداً أن “الأزمة تعمقت جراء سلوك الحكومة الحالية التي تتجاهل الأوراش ذات الصلة بتفعيل مبادئ الديمقراطية والدستورية، وخاصة توجهها نحو تقييد الحقوق والحريات”، وضمنها “التقليل من شأن المؤسسات المنتخبة، من برلمان ومنتخبي الجماعات الترابية، والعمل بمنطق ‘الصفقة’، وما يصاحب ذلك من حالات مؤكدة لتضارب المصالح، في غياب أي إرادة سياسية حقيقية في ما يتعلق بمكافحة الفساد”.

ووضح يوسف كريم أن “الحكومة الحالية، الغارقة في خياراتها الطبقية، ومنطقها النيوليبرالي، الخادمة للأوليغارشية الريعية، بقناع الدولة الاجتماعية، غير قادرة على مواجهة هذه التحديات التي ذكرناها”، خالصا إلى أن “فرضية استمرار هذه التوجهات الحكومية ستكون لا محالة مضرة بالبلاد، ولاسيما أن فرصاً استثنائية حقيقية توجد أمام بلادنا، وتحديداً تلك المتمثلة في تنظيم تظاهرات رياضية عالمية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق