تتجه المملكة المغربية نحو إنجاز مشروع استراتيجي عملاق يتمثل في بناء ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يعد أحد أهم ركائز برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية.
وانطلق هذا البرنامج الطموح بمبادرة من الملك محمد السادس عام 2015 بمدينة العيون، تزامناً مع الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، ويهدف إلى تحويل الأقاليم الجنوبية إلى قطب اقتصادي متكامل.
تقدم ملحوظ في التنفيذ
بلغت نسبة إنجاز المشروع أكثر من 30%، ومن المتوقع أن يكتمل العمل ويدخل الميناء الخدمة بحلول عام 2028. هذا الإنجاز، الذي يأتي ضمن رؤية استراتيجية لتعزيز التنمية المحلية، يهدف إلى ربط المغرب بالدول الإفريقية عبر البحر، مما يعد نقلة نوعية في مجال التبادل التجاري.
ميناء الداخلة الأطلسي.. نقلة اقتصادية وتجارية
مع تشغيل ميناء الداخلة الأطلسي، ستتغير معادلة النقل التجاري المغربي نحو القارة الإفريقية. ستختفي الحاجة إلى الشاحنات التي تنقل المنتجات الزراعية والبضائع عبر معبر الكركرات، وسيتم اعتماد السفن البحرية لنقل البضائع مباشرة من الداخلة إلى موانئ إفريقية رئيسية، مثل ميناء السنغال.
هذا التحول سيؤدي إلى تقليص تكاليف النقل بشكل كبير؛ إذ تشير التقديرات إلى أن تكلفة شحن الحاوية الواحدة بحراً ستتراوح بين 1500 و2000 درهم، مقارنة بتكلفة النقل البري التي تصل إلى 15 ألف درهم، فضلاً عن تجاوز التحديات الأمنية واللوجستية التي تواجه النقل البري.
غضب الجيران وآفاق المستقبل
المشروع لم يخلُ من أصداء خارجية، إذ أثار غضب بعض الدول المجاورة التي تنظر بعين التوجس إلى التقدم المغربي في مجال تعزيز دوره كمحور تجاري بين إفريقيا وأوروبا. ورغم ذلك، يشكل ميناء الداخلة الأطلسي ورقة رابحة للمغرب في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية، مع خلق ديناميكية اقتصادية محلية ستساهم في توفير فرص عمل وتنمية مستدامة في الأقاليم الجنوبية.
ميناء الداخلة الأطلسي ليس مجرد مشروع بنية تحتية، بل خطوة استراتيجية تعكس رؤية المغرب المستقبلية في تعزيز دوره كجسر اقتصادي بين أوروبا وإفريقيا، مما يعزز مكانته الإقليمية والدولية ويضمن تحقيق التنمية المتوازنة والشاملة.