تراجعت مؤشرات الأسهم الأوروبية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، لتفقد الزخم الإيجابي الذي شهدته الأسواق في مطلع الأسبوع، وسط عودة المخاوف بشأن اندلاع نزاع تجاري جديد بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، ما أثار حالة من القلق بين المستثمرين بشأن مستقبل التجارة العالمية والنمو الاقتصادي.
فقد تراجع المؤشر الأوروبي العام «ستوكس 600» بنسبة تقارب 0.8% متأثرًا بخسائر قطاعي التكنولوجيا والصناعة، فيما شهدت معظم البورصات الكبرى في القارة الأوروبية أداءً سلبيًا، حيث هبط مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني بنسبة 0.6%، وانخفض مؤشر داكس الألماني بنحو 0.9%، بينما تراجع كاك 40 الفرنسي بأكثر من 0.7%.
وجاءت هذه التراجعات عقب تقارير إعلامية تحدثت عن اعتزام الإدارة الأمريكية فرض قيود جديدة على تصدير التقنيات المتقدمة إلى الصين، تشمل معدات تصنيع أشباه الموصلات والرقائق المتطورة، وهي خطوة من شأنها أن تؤجج الخلاف التجاري بين البلدين الذي هدأ نسبيًا خلال الأشهر الماضية.
ووفقًا لمحللين في بنوك الاستثمار الأوروبية، فإن الأسواق كانت تراهن خلال الفترة الأخيرة على استمرار تحسن العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين بعد سلسلة اللقاءات الثنائية رفيعة المستوى، لكن المؤشرات الأخيرة أعادت المخاوف إلى الواجهة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وازدياد حدة الخطاب التجاري بين الطرفين.
وأشار المحللون إلى أن قطاع التكنولوجيا الأوروبي كان الأكثر تأثرًا بهذه التطورات، مع تراجع أسهم شركات كبرى مثل «ASML» الهولندية و«Infineon» الألمانية و«STMicroelectronics» الفرنسية، بسبب ارتباطها الوثيق بسلاسل التوريد العالمية في قطاع الرقائق الإلكترونية.
كما تعرضت أسهم شركات السلع الفاخرة والسيارات للضغوط، نظرًا لاعتمادها على السوق الصينية كمصدر رئيسي للإيرادات. وتراجعت أسهم «بي إم دبليو» و«مرسيدس بنز» بأكثر من 1%، فيما انخفض سهم «إل في إم إتش» الفرنسية بنحو 0.8%، متأثرة بالتوقعات السلبية بشأن الطلب الصيني خلال الربع الأخير من العام.
من جانب آخر، حاولت الأسواق استيعاب تصريحات بعض مسؤولي البنك المركزي الأوروبي (ECB) الذين أكدوا أن السياسة النقدية ستظل متشددة في الوقت الحالي لمواجهة التضخم، وهو ما زاد من الضغط على الأسهم، خاصة في ظل ارتفاع عوائد السندات الأوروبية مجددًا.
ويرى محللون أن تزامن المخاوف الجيوسياسية مع تشديد السياسة النقدية يمثل مزيجًا معقدًا يحد من شهية المستثمرين للمخاطرة، ويعزز الميل نحو الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الأمريكية.
وفي المقابل، ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف بعد تصريحات من منظمة «أوبك» أشارت إلى احتمالية خفض الإنتاج في حال استمرار ضعف الطلب العالمي، ما ساهم في تقليص الخسائر في قطاع الطاقة داخل الأسواق الأوروبية.
ويؤكد خبراء الأسواق أن المرحلة المقبلة ستشهد تقلبات حادة في الأسواق العالمية إذا لم يتم احتواء التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، إذ يخشى المستثمرون من أن تؤدي أي إجراءات انتقامية متبادلة إلى إبطاء وتيرة الانتعاش الاقتصادي العالمي وتعطيل سلاسل الإمداد الصناعية.
وبينما لا تزال الأسواق الأوروبية تسعى للحفاظ على مكاسبها السنوية، فإن التوترات الجديدة تضيف عامل عدم يقين جديدًا إلى المشهد الاقتصادي العالمي، ما يفرض على المستثمرين إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية في ضوء التطورات الأخيرة.
0 تعليق