في تصعيد جديد لأزمة الشحن البحري بين بكين وواشنطن، أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم الثلاثاء، فرض قيود على خمس كيانات أمريكية تابعة لشركة "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية، إحدى أكبر شركات بناء السفن في العالم، وذلك رداً على الإجراءات الأمريكية الأخيرة ضد قطاع الشحن الصيني.
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن القرار يأتي "لحماية المصالح المشروعة للصين وشركاتها"، مؤكدة أن الخطوة تستهدف كيانات مرتبطة بأنشطة النقل البحري والخدمات اللوجستية داخل الولايات المتحدة، والتي يُعتقد أنها شاركت في إجراءات تمييزية ضد شركات صينية.
وفي موازاة ذلك، أعلنت وزارة النقل الصينية أنها بدأت تحقيقاً موسعاً بشأن تداعيات التحقيق الذي يجريه مكتب الممثل التجاري الأمريكي بموجب المادة 301 من قانون التجارة الأمريكي، والمتعلق بممارسات الصين في قطاع الشحن البحري. وأشارت الوزارة إلى أن بكين "تحتفظ بحقها في اتخاذ إجراءات انتقامية إضافية في الوقت المناسب"، إذا ما استمرت واشنطن في خطواتها التصعيدية.
رد فعل كوري جنوبي ودلالات اقتصادية
تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه كوريا الجنوبية إلى الموازنة بين تحالفها الأمني مع الولايات المتحدة ومصالحها الاقتصادية الكبيرة مع الصين، إذ تُعد بكين من أكبر الأسواق المستوردة للسفن الكورية. وتُعد شركة هانوا أوشن — التي كانت تُعرف سابقاً باسم "دايو لبناء السفن والهندسة البحرية" — لاعباً رئيسياً في بناء ناقلات الغاز العملاقة وسفن الحاويات الحديثة، ويُحتمل أن تؤثر القيود الجديدة على جزء من عقودها التشغيلية مع الشركات الأمريكية.
ويرى محللون أن الخطوة الصينية تمثل رداً مباشراً على القيود التي فرضتها واشنطن مؤخراً على شركات الشحن الصينية، في إطار ما تصفه الأخيرة بـ"ممارسات غير عادلة في التسعير والنقل"، وهو ما تعتبره بكين تدخلاً غير مبرر في سوق النقل البحري العالمي.
تصاعد التوتر في قطاع الشحن
تأتي هذه الأزمة ضمن سلسلة من التوترات المتزايدة بين القوتين الاقتصاديتين حول الرسوم الجمركية، وسلاسل الإمداد، والسيطرة على الممرات البحرية الحيوية، حيث تحاول الولايات المتحدة تعزيز نفوذها التجاري في آسيا، في حين تعمل الصين على حماية مكانتها باعتبارها أكبر مصدر للبضائع في العالم.
وتشير التقديرات إلى أن استمرار هذا التوتر قد يؤثر سلباً على تكاليف النقل العالمية ويزيد من اضطرابات سلاسل الإمداد، في وقت يشهد فيه القطاع ضغوطاً متزايدة بسبب تباطؤ التجارة العالمية وارتفاع أسعار الطاقة.
ويرجح خبراء الشحن أن تتجه الصين إلى توسيع قائمة الكيانات المستهدفة بالقيود إذا لم تُظهر واشنطن مرونة في تعاملها مع القضايا التجارية، خاصة في ضوء التنافس المتصاعد على التحكم في طرق التجارة البحرية بين آسيا وأوروبا.
0 تعليق