في ظل الفوضى التي أشاعتها المجموعات المسلحة شرق رفح، عاد إلى الواجهة اسم حسام الأسطل، الضابط السابق في جهاز الأمن الوقائي، والمتهم منذ تسعينيات القرن الماضي بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ليشكّل لاحقاً أحد أبرز أذرع عصابة ياسر أبو شباب في جنوب قطاع غزة.
تشير إفادات أمنية وتقارير صحفية إلى أن سيرة الأسطل تحمل سلسلة طويلة من المهام السرية والارتباطات الاستخبارية، بدأت منذ عام 1996 عندما ارتبط بجهاز المخابرات الإسرائيلي قبل أن يتحول إلى العمل مع “الموساد” في عمليات ميدانية، مستخدماً جوازات سفر مزوّرة للتنقل وتنفيذ مهمات داخلية وخارجية، وهو ما جعله اسماً مألوفاً في الملفات الأمنية الفلسطينية على مدار ثلاثة عقود.
يُعدّ اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في العاصمة الماليزية كوالالمبور عام 2018 الحدث الأبرز في مسيرة الأسطل، إذ استُهدف البطش فجر 21 أبريل/نيسان برصاص مسلحين على دراجة نارية أثناء توجهه إلى صلاة الفجر، وهو الهجوم الذي وُجهت فيه أصابع الاتهام مباشرة إلى “الموساد”، فيما أعلنت وزارة الداخلية في غزة في 9 يناير/كانون الثاني 2022 توقيف مشتبه به اعترف بدوره في الاغتيال، دون إعلان اسمه رسمياً في حينه، قبل أن تتداول منصات محلية اسم حسام الأسطل باعتباره الشخص الموقوف.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أصدرت المحكمة العسكرية في غزة حكماً بالإعدام على «حسام، أ» (مواليد 1975 من خانيونس) بعد إدانته بالمشاركة في عملية الاغتيال ضمن القضية رقم 7/2022، وهو ما عزز الربط بين الاسم المتداول والحكم القضائي الصادر آنذاك.
مع اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرضت مقار أمنية وسجون للقصف، ما أدى إلى فرار عدد من الموقوفين، بينهم متهمون في قضايا تخابر، ليبرز اسم ياسر أبو شباب الذي أسس ميليشيا محلية شرق رفح تحت مسمى “القوات الشعبية”، وعمل في ظل حماية مباشرة من الجيش الإسرائيلي، وفق ما أكدته تقارير ميدانية.
في هذه المرحلة، التحق حسام الأسطل بتلك الميليشيا، قبل أن يؤسس مجموعته المسلحة الخاصة في منطقة قيزان النجار بخان يونس، مستفيداً من الفراغ الأمني. ونشرت تقارير إسرائيلية، من بينها ما ورد في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، أنه أعلن المنطقة “تحت مسؤوليته”، وبدأ في تسويق نفسه محلياً باعتباره “بديلاً” عن حكم حركة حماس، مع اعترافه بتنسيق مباشر مع ياسر أبو شباب المسيطر على شرق رفح وأجزاء من خان يونس.
وأفادت صحيفة “هآرتس” والقناة 12 العبرية أن هذه الميليشيات تعمل بإشراف مباشر من جهاز “الشاباك”، وتكلف بمهام استخباراتية تشمل مراقبة المناطق التي انسحبت منها فصائل المقاومة وضبط الأمن في مناطق النزوح جنوب القطاع، مع حصول عناصرها على رواتب وتصاريح سلاح رسمية، بينما تُزود بالعتاد من الأسلحة التي تمت مصادرتها أو تهريبها، لإضفاء صفة “الغنيمة” على ترسانتها.
في المقابل، أصدرت عائلة الأسطل في الداخل والخارج بياناً أكدت فيه براءتها الكاملة من حسام، الملقب بـ“أبو سفن”، موضحة أن مواقفه وأفعاله لا تمثل العائلة ولا قيمها الوطنية والاجتماعية، وشددت على أن موقفها ثابت في رفض أي انحراف عن الصف الوطني، محذّرة أبناءها من الانجرار وراء أي أجندات خارجية.
وبهذا، تتقاطع فصول مسيرة حسام الأسطل بين تاريخه الأمني الطويل، وتورطه في واحدة من أكثر عمليات الاغتيال شهرة في الخارج، وصولاً إلى تحوّله إلى قائد ميليشيا محلية تعمل ضمن شبكة مصالح إسرائيلية، ما يجعل اسمه أحد أبرز رموز مرحلة أمنية مضطربة في غزة.
إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق