أصدرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب بيانا توصلت الجريدة بنسخه منه أشارت فيه إلى أن المكتب التنفيذي للجمعية، وبعد تتبعه لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب المودع لدى البرلمان، والذي جاء بعد مسار تشريعي متعثر استمر لأزيد من 60 سنة، رغم اقراره في مختلف الدساتير المتعاقبة إلى حين دستور2011 طبقا لمقتضيات الفصل 14 الشيء الذي ترتب عن هذا الفراغ التشريعي غياب كل من الأمن القانوني والقضائي، والذي رصدته على مستوى تضارب الأحكام والقرارات القضائية سواء الصادرة عن المحاكم العادية التي وسعت من نطاق ممارسة حق الإضراب، في المقابل تضيف الجمعية فإن المحاكم الإدارية قيدت من ممارسة هذا الحق، الشيء الذي ترتب عنه بشكل مباشر المساس بحقوق وحريات الأفراد الفردية والجماعية.
وباستقراء لمقتضيات المشروع المذكور والذي كان من المفروض أن يتضمن مقتضيات تشريعية تسعى إلى تدعيم الخيار الديمقراطي يضيف البيان ، فإن الجمعية تسجل مجموعة من الخروقات حددتها على سبيل المثال لا الحصر مع اقتراحها بالموازاة مجموعة من البدائل التي نأمل أن يتم أخذها بعين الاعتبار من قبل مختلف الفاعلين في صناعة القرار ما يلي:
1 بالرجوع إلى مقتضيات المادة الثالثة من هذا المشروع يلاحظ أنه تم حصر الجهة الداعية للإضراب في النقابة الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني والنقابة الأكثر تمثيلا على صعيد المقاولة أو المؤسسة، وبالتالي كان من المفروض أن يوسع المشروع من دائرة الجهات التي يحق لها ممارسة هذا الحق خاصة الذين لا يخضعون لمدونة الشغل وقانون الوظيفة العمومية بالإضافة إلى التنصيص على نقابات الأقلية التي ليست بأكثر تمثيلية.
2 تنص المادة الخامسة على أن كل إضراب يسعى إلى تحقيق أهداف سياسية ممنوع، لكن من غير المنطقي أن يتم اللجوء إلى الإضراب بدون السعي نحو تحقيق أهداف وغايات ومطالب للسلطة السياسية لتحسين وضعية الأجراء والموظفين والمطالبة بحقوقهم، لذا وجب إعادة صياغة هذا المقتضى من خلال التنصيص على أن تنسجم مختلف المطالب الداعية إلى الاضراب مع مبادئ النظام العام والتشريعات الجاري بها العمل.
3 طبقا لمقتضيات المادة 14 من المشروع أن الاجراء المشاركون في الإضراب في حالة التوقف المؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم لا يمكنهم الاستفادة من الأجر، وذلك تكريسا لقاعدة الأجر مقابل العمل طبقا للمادة 6 والمادة 32 من مدونة الشغل، إلا أنه كان من المفروض أن تتم الإشارة إلى مبدأ التناسب بين مدة التوقف عن العمل ونسبة الاقتطاع، وكذلك الإشارة إلى الحالات الاستثنائية التي لا يقتطع فيها من الأجر حينما يكون سبب الإضراب عدم أداء الأجر.
4 بخصوص الآجال وطبقا لمقتضيات المادة 7 من المشروع المذكور والتي ضيقت من مدة ممارسة الحق في الإضراب والتي لا يمكن ممارستها إلا بعد مرور ثلاثين يوما، إن كانت غاية المشرع من هذا المقترح منع التسرع في اتخاذ القرار ومنح فرصة للمفاوضات إلا أنه من جهة اخرى وجب الأخذ بعين الاعتبار الحالات الاستعجالية كاستثناء.
5 بخصوص العقوبات يلاحظ أن المشروع المذكور خصص 12 مادة للجزاءات والعقوبات السالبة للحرية والغرامات الشيء الذي لا ينسجم مع فلسفة وضمانات هذا الحق، بعد أن كان من المفروض تجنب التنصيص على عقوبات سالبة للحرية مع عدم الخوض في المسائل التأديبية المدنية والجنائية، التي تنص عليها التشريعات الجاري بها العمل تجنبا لمسألة ازدواجية العقوبات المؤطرة وفق قانون الشغل إلى جانب باقي التشريعات.
هذا وقد استنكرت الجمعية من خلال بيانها هذا كافة مشاريع القوانين التي تحاول ضرب كافة حقوق الإنسان ومنها الحق في الإضراب، وطالبت من مختلف الهيئات التشريعية وخاصة الفرق البرلمانية إلى جانب مختلف الفاعلين في المجتمع المدني إلى إعادة النظر في مشروع قانون الإضراب المعروض حاليا على البرلمان مع تقديم مقترحات تحتكم إلى المبادئ العامة المتمثلة في المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، والنصوص المعيارية لمنظمة العمل الدولية، إلى جانب المبادئ الدستورية والتشريعات الداخلية.
0 تعليق