في إطار الجهود الكبيرة الساعية إلى إعادة رسم الخريطة التقنية في سوريَة، ووضعها على مسار المنافسة الإقليمية والدولية، شهدت العاصمة، دمشق، اجتماعًا وزاريًا مهمًا، جمع بين قطاعي الاتصالات والإدارة المحلية، فقد ضم اللقاء معالي عبد السلام هيكل، وزير الاتصالات وتقانة المعلومات، ومعالي محمد عنجراني، وزير الإدارة المحلية والبيئة.
ويبدو أن ذلك الاجتماع لم يكن مجرد لقاء روتينيًا، بل كان بمنزلة منصة لمناقشة مشاريع ضخمة تهدف إلى تحويل سوريَة إلى مركز إقليمي للإنترنت، ومكافحة الفساد من خلال أدوات العصر الرقمي.
ففي قلب النقاش، برز مشروع (سليك لينك) الطموح، الذي لا يهدف فقط إلى ربط المدن السورية الرئيسية بشبكات ضوئية فائقة التطور، بل يطمح إلى أبعد من ذلك، وهو تحويل سوريَة إلى محور ربط إقليمي ودولي لتدفق البيانات.
وزير الاتصالات يبحث مع وزير الإدارة المحلية تعزيز البنية التحتية الرقمية في سوريا من خلال مشروع "سليك لينك" للربط الضوئي، ودعم رقمنة البلديات للحد من الفساد الإداري، مع التحضير لإطلاق مركز القدرات السورية-السعودية للتدريب والتقنيات الحديثة.#وزارة_الاتصالات_وتقانة_المعلومات pic.twitter.com/44DvnwQ52v
— وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات السورية (@moctsyria) October 9, 2025
وحسب تقارير عدة، فإن ذلك المشروع، إذا نُفذ بنجاح، سوف يرفع من مكانة سوريَة الإستراتيجية في عالم الاتصالات، ويجذب استثمارات تقنية كبيرة، وهو ما تم التباحث فيه بشكل مفصّل خلال الاجتماع.
ولم يغفل الوزيران عن التحدي الأكبر الذي يواجه هذا الحلم التقني: العقوبات الدولية المفروضة على البلاد منذ عهد النظام السابق، لذلك خصصا قسمًا مهمًا من النقاش لبحث السبل والإجراءات الضرورية لتذليل هذه العقبة أمام الشركات والمشروعات التقنية الطموحة، في إشارة واضحة إلى إدراك حكومي للمعوقات والسعي الجاد لإيجاد حلول عملية لها.
تعاون تقني بين سوريَة والسعودية:
لم تكن الطموحات محصورة في البنى التحتية العملاقة فقط، بل امتدت إلى قلب الخدمات اليومية للمواطن، إذ كشف الوزير هيكل عن رؤية شاملة للتمكين الرقمي، تقوم على إنشاء وحدة تنظيمية مختصة بالتحول الرقمي في كل وزارة، لافتًا إلى أن تلك الوحدات سيكون لها دور محوري في تأهيل الكوادر وبناء البنى التحتية وربط جهات القطاع العام بشبكة إلكترونية موحدة، مما يضع أسسًا متينة لحكومة إلكترونية فعالة.
وفي تطور يدل على انفتاح تقني مهم، أعلن هيكل قرب إطلاق “مركز القدرات السورية – السعودية” في دمشق، متوقعًا أن يشكل هذا المركز منصة نوعية للتدريب وتبادل الخبرات التقنية بين البلدين، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون وبناء القدرات المحلية.
محاربة الفساد:
من جهته، ربط وزير الإدارة المحلية والبيئة بوضوح بين الماضي والمستقبل، مشيرًا إلى أن أنظمة عمل البلديات في المرحلة السابقة، قد رسخت ممارسات فساد إداري تتطلب معالجة جذرية.
وأكد الوزير أن الحل الأمثل يكمن في الرقمنة، التي تُعدّ أداة فعالة للحد من هذه الممارسات عبر تعزيز الشفافية وإمكانية تعقب الإجراءات، معلنًا إطلاق منصة إلكترونية خاصة بالبلديات لرقمنة الإجراءات الإدارية وتعزيز العمل البيئي، مما سينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطن ويساعد في اتخاذ القرارات السليمة بناء على البيانات الدقيقة.
كما أكد عنجراني، جاهزية وزارته للتعاون الكامل مع وزارة الاتصالات لتنفيذ مشروع “برق نت”، الذي يهدف إلى توصيل خدمات الفايبر إلى المنازل ورفع جودة الخدمات الرقمية للمواطنين مباشرة، وهو ما يمثل خطوة عملية سوف تلمس آثارها في الحياة اليومية للأسر السورية.
واختتم الجانبان الاجتماع بتأكيدهما على تفعيل التنسيق المشترك وتبادل الخبرات بين الفرق الفنية، والالتزام بالإجراءات القانونية والتنظيمية اللازمة لضمان نجاح هذه المشاريع العملاقة، فيما يُعدّ هذا اللقاء رسالة واضحة بأن سوريَة تتجه بخطى ثابتة، رغم كل التحديات، نحو عصر رقمي جديد، يعول عليه ليس فقط في تطوير البنى التحتية، بل أيضًا في إصلاح نظم الإدارة الحكومية، ومحاربة الفساد وبناء مستقبل أفضل للمواطن.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق