بقلوب يعتصرها الحزن، نعت نقابة المهن السورية وفاة الفنانة القديرة فاطمة سعد، التي وافتها المنية مساء الأحد، عن عمر يناهز 59 عامًا.
وجاء في بيان رسمي نشره فرع دمشق للنقابة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”:
“فرع دمشق ينعي إليكم وفاة الزميلة الفنانة القديرة فاطمة سعد، توفيت ليلة الأمس وتم الدفن صباح اليوم في معضمية القلمون، من يود التعزية الاتصال على رقم الزميلة فاطمة. إنّا لله وإنّا إليه راجعون”.

رحيل مفاجئ يصدم جمهور الدوبلاج العربي
جاء خبر وفاة فاطمة سعد بمثابة صدمة لمحبي فن الدوبلاج في الوطن العربي، خصوصًا أولئك الذين نشأوا على صوتها الذي لازَم أشهر الشخصيات الكرتونية.
فرحيلها لا يمثل فقط فقدان فنانة موهوبة، بل فقدان رمز صوتي شكّل وجدان أجيال كاملة عبر شاشات التلفاز.
من هي فاطمة سعد؟
وُلدت فاطمة سعد في العاصمة السورية دمشق عام 1966، وبدأت مسيرتها الفنية في منتصف الثمانينات، لتتخصص سريعًا في مجال الدوبلاج الذي برعت فيه وتميزت بأدائها الصوتي المؤثر والمعبر.
لم يكن صوتها مجرد وسيلة أداء، بل كان أداةً لنقل مشاعر الشخصيات ومواقفها وقيمها، بأسلوبٍ فنيّ عالٍ جعلها واحدة من أهم مدبلجي الوطن العربي.
بصمة لا تُنسى في تاريخ الدوبلاج العربي
عرف الجمهور العربي فاطمة سعد من خلال أدائها المميز لشخصية مازن في مسلسل “كابتن ماجد”، إحدى أشهر سلاسل الرسوم المتحركة في العالم العربي.
وكان صوتها الجهوري والمؤثر هو البطل الحقيقي خلف الكواليس، حيث نجحت في التعبير عن شخصية رياضية تنافسية مليئة بالعزيمة والتحدي.
كما أدّت أصواتًا خالدة أخرى مثل:
هزيم الرعد: العمل الملحمي الذي لامس أحاسيس الكبار قبل الصغار.
ماوكلي: حيث قدمت صوتًا مفعمًا بالحياة والبراءة والارتباط بالطبيعة.
كما شاركت في أعمال أخرى مثل “فرسان الأرض”، و”صقور الأرض”، وغيرها من المسلسلات التي ساهمت في نشر ثقافة الأنمي بأسلوب عربي محترف.
مسيرة مهنية حافلة بالإنجازات
امتدت مسيرة فاطمة سعد لنحو 38 عامًا، تميزت خلالها بموهبة صوتية فريدة وقدرة على تقمص مختلف الأدوار سواء أكانت لشخصيات ذكورية أو أنثوية، بطولية أو شريرة، طفولية أو ناضجة.
وعلاوة على التمثيل الصوتي، برعت أيضًا في إخراج الأعمال الإذاعية، لتضيف إلى رصيدها خبرة تقنية وفنية عزّزت من مكانتها في الوسط الفني السوري والعربي.
شهادات من زملاء الوسط الفني
عقب الإعلان عن الوفاة، توالت التعليقات ورسائل النعي من زملاء الفنانة الراحلة في الوسط الفني.
وأكد العديد منهم أن فاطمة سعد لم تكن مجرد صوت، بل كانت شخصية فنية وإنسانية مميزة، تتمتع بالتواضع، وروح الزمالة، والحرص على دعم المواهب الجديدة.
كتب أحد زملائها في منشور على “فيس بوك”:
“برحيل فاطمة فقدنا أحد أعمدة فن الدوبلاج في سوريا، إنسانة محبة ومخلصة لفنها حتى آخر يوم في حياتها”.
موقع الدفن ورسائل العزاء
تمت مراسم الدفن صباح الإثنين في مدينة معضمية القلمون، وسط حضور عدد من الأصدقاء والمحبين وزملاء العمل.
وناشدت نقابة الفنانين السوريين عبر بيانها كل من يرغب في تقديم العزاء بالتواصل على رقم الفنانة الراحلة.
فاطمة سعد وذاكرة الأجيال
صوت فاطمة سعد لا يمكن فصله عن ذاكرة جيل التسعينيات والألفينات.
فقد كانت بالنسبة للأطفال آنذاك، الصوت الذي رافقهم في مغامراتهم اليومية، والمعلم الذي زرع فيهم القيم، والمُلهم الذي أضاء خيالهم.
وفي زمنٍ كانت فيه خيارات الترفيه محدودة، كانت أصوات مثل صوتها تشكّل نافذةً نحو عوالم جديدة، مليئة بالإثارة والمعاني.
الدوبلاج السوري.. وريادة مستمرة رغم التحديات
كان لفاطمة سعد دور كبير في ترسيخ ريادة الدوبلاج السوري عربيًا، لا سيما في تسعينيات القرن الماضي، حين كانت شركات الإنتاج السورية تتصدر مجال دبلجة الرسوم المتحركة من اليابانية والإنجليزية إلى العربية الفصحى.
وتميّزت تلك المرحلة بالاحتراف والحرص على جودة الصوت والنص معًا، وهو ما كانت تمثّله فاطمة بامتياز.
تعليقات