العالم يشاهد| الكرنك تحت ضوء الشمس.. عبقرية المصريين القدماء في ضبط الزمن

العالم يشاهد| الكرنك تحت ضوء الشمس.. عبقرية المصريين القدماء في ضبط الزمن

تظهر ظاهرة فلكية مدهشة في معبد الكرنك في كل عام، في يوم 21 ديسمبر، حيث تعامد الشمس على معبد الكرنك معلنة بداية فصل الشتاء في مصر، وهذه الظاهرة الفلكية تعتبر من أبرز مظاهر التألق العلمي والحضاري للمصريين القدماء، الذين كانوا يملكون فهمًا عميقًا لحركة الشمس حول الأرض.

ويشهد هذا اليوم أروع مشهد فلكي، حيث تلتقي الشمس مع المعابد التي تم بناؤها خصيصًا لهذا الغرض، وهو ما يثبت قدرة الفراعنة على توظيف المعرفة الفلكية لخدمة علومهم ومعتقداتهم الدينية.

 تعامد الشمس على معبد الكرنك وتاريخ الفراعنة الفلكي

الظاهرة تتزامن مع الانقلاب الشتوي، وهو اليوم الذي يصبح فيه النهار هو الأقصر والليل هو الأطول، حيث تصل الشمس إلى أدنى ارتفاع لها على الأفق عند الظهيرة، وحيث كان الفراعنة يربطون بناء معابدهم بهذه الظواهر الفلكية لتوثيق الأحداث الكبرى أو لحسابات مواسم الزراعة، وفي هذا اليوم، تضيء الشمس على تمثال الإله آمون وزوجته الإلهة موت داخل معبد الكرنك.

تعد هذه الظاهرة تأكيدًا على فهم المصريين القدماء للطبيعة وتوقيتها، حيث كان لديهم القدرة على تخطيط وإنشاء هياكل معمارية تتماشى مع التوقيت الفلكي الدقيق.

وهذا التوقيت يتناسب مع بداية فصل الشتاء، الذي يعتبر من أكثر الفصول تأثيرًا في الزراعة والحياة اليومية في مصر القديمة.

اكتشاف الظاهرة الحديثة

بدأت تلك الظاهرة تلفت الأنظار في عام 2005، عندما لاحظ أحد العاملين في الكرنك، وهو خفير، أن أشعة الشمس تتعامد على محور معبد الكرنك في الثلث الأخير من شهر ديسمبر.

وبعد دراسة الظاهرة وتحليل الصور التي التقطها الأثريون، اكتشفوا أن الشمس بالفعل تضيء معبد الكرنك في نفس اليوم مما أثبت مدى دقة تصميم معبد الكرنك الذي كان ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالظواهر الفلكية.

اقرأ أيضًا:

عبث لا يليق..”الآثار”: وقف تصوير أي إعلانات تجارية بـ المتحف المصري الكبير

التأثيرات التاريخية والثقافية للظاهرة

تعود هذه الظاهرة إلى عصور الفراعنة، حيث كانت تعكس طقوس دينية مرتبطة بعظمة الإله آمون، الذي كان يُعد من أرفع الآلهة في مصر القديمة، ويُعتقد أن الظاهرة كانت بمثابة إعلان عن مناسبة دينية تخص هذا الإله، الذي كان يُمثل ملك الآلهة، وكان يشيد له المعابد ويكرس له الطقوس بشكل خاص.

تسلط الشمس في هذا اليوم الضوء على تمثال الإله آمون وزوجته الإلهة موت، ويستمر التأثير البصري للظاهرة في معبد الكرنك، حيث تضيء الشمس قاعدة تمثال آمون رع، وهو تمثال ضخم كان يقف هناك في العصور الفرعونية، وتستمر الظاهرة لتشمل موائد القرابين التي كانت موضوعة على محاذاة محور المعبد، والتي ترمز إلى الرباط بين الآلهة والبشر.

تعامد الشمس على معبد الكرنك

وقال بيان صادر عن وزارة السياحة والآثار، إنه على أنغام موسيقى الهارب، توافد آلاف الزائرين من المصريين والسائحين إلى منطقة ميناء معابد الكرنك لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس على معبد الكرنك وعلى المحور الرئيسي للمعابد، وهي الظاهرة التي تحدث في يوم 21 ديسمبر من كل عام، والذي يوافق بداية فصل الشتاء رسميًا.

وأوضح محمد عبدالبديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أن أطفال الكشافة بزيهم الفرعوني استقبلوا جميع الزائرين بالورود والهدايا التذكارية وقدموا لهم بعض الفقرات الفنية المستوحاه من الفن المصري القديم.

وقام محمود العديسي، مدير إدارة الوعي الأثري بإلقاء محاضرة عن أهمية هذه الظاهرة وعبقرية المصري القديم في ربط الحسابات الفلكية بالهندسة المعمارية وتخطيط المعابد واتجاهاتها.

وأوضح عبدالخالق حلمي، مدير عام آثار الكرنك، أن هذه الظاهرة تكشف تميز المصري القديم وبراعته في ربط علوم الفلك والهندسة المعمارية معًا، وحرصه على ذلك طوال 2000 عام وهي المدة التي تم استغراقها لبناء معابد الكرنك، حيث تشرق الشمس أعلى مقصورة الزورق المقدس لأمون رع والتي شيدها الملك فيليب أرهيدايوس أخو الإسكندر الأكبر، وتتعامد على محور الكرنك الرئيسي الممتد من الشرق للغرب مخترقًا مداخل الصروح من السادس إلى الأول وكذلك قاعة الأساطين الكبرى حتى يراها الزائر عند ميناء الكرنك أمام واجهة المعبد الرئيسية.

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.