تحل اليوم 4 مايو ذكرى وفاة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، أحد أعمدة الموسيقى العربية، الذي غير شكل الغناء والتلحين على مدار عقود، وترك إرثًا فنيًا لا يزال حيًّا حتى اليوم.
نشأة محمد عبد الوهاب
ولد محمد عبد الوهاب في 13 مارس 1902، داخل حارة برجوان في حي باب الشعرية بالقاهرة، حيث نشأ وسط الأجواء الشعبية، متنقلاً بين الموالد والأفراح، ليكوّن أذنه الموسيقية منذ نعومة أظافره.
وفي عمر الخامسة عشرة، انضم إلى فرقة فوزي الجزايرلي عام 1917، كمطرب ناشئ، قبل أن يبدأ أولى خطواته الجادة بتعلّم العود في نادي الموسيقى الشرقي، المعروف اليوم بـ”معهد الموسيقى العربية”.

رحلة الصعود
في بداياته، عمل عبد الوهاب مدرسًا للأناشيد، ثم انتقل إلى شارع محمد علي، قبلة الفن آنذاك، لينضم إلى فرق مسرحية كفرقة الكسار والريحاني.
وجاءت انطلاقته الحقيقية حين التقاه الفنان سيد درويش، وأُعجب بصوته وقدم له الدعم، ثم سجل أول أسطوانة له بعنوان “فيك عشرة كوتشينة” من كلمات الشيخ يونس القاضي.
لكن اللقاء الأهم في حياته كان مع أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي تبنّى موهبته وقدّمه إلى الصفوة من رجال السياسة والأدب، من أمثال سعد زغلول، طه حسين، والعقاد، فمهّد له طريق المجد، وكان سببًا في أن يلقب لاحقًا بـ”مطرب الأمراء”.
مجد الألحان
اشتهر محمد عبد الوهاب بقدرته على المزج بين الأصالة والتجديد، لم يكتفي بتكرار القوالب التقليدية، بل أدخل إيقاعات حديثة في ألحانه، منها إيقاع “الفالس” في قصيدة “الجندول” عام 1941، وإيقاع “الروك أند رول” في أغنية “يا قلبي يا خالي” لعبد الحليم حافظ، مما جعله يسبق عصره في التطوير الموسيقي.
ومن أبرز الأغاني التي لحنها لنفسه كانت من تأليف أحمد شوقي، مثل “كليوباترا”، و”الجندول”، و”جفنه علم الغزل”، و”يا جارة الوادي”، وقد غنّى معظمها بصوته العذب الذي امتاز بالرقي والتفرد.
لقاء السحاب
مثّلت الستينيات مرحلة ذهبية في حياة محمد عبد الوهاب والموسيقى العربية عامة، إذ تحقق الحلم المنتظر بتعاونه مع كوكب الشرق أم كلثوم، فيما عرف بـ”لقاء السحاب”.
وجاء اللقاء بتشجيع من الزعيم جمال عبد الناصر، وبدأ بأغنية “إنت عمري”، التي حققت نجاحًا ساحقًا، أعقبتها مجموعة من الروائع، منها “أمل حياتي”، “فكروني”، و”هذه ليلتي”.

لحن لكبار المطربين
امتد تأثير عبد الوهاب ليشمل أجيالًا متعددة من المطربين، لحن لعبد الحليم حافظ أشهر أغانيه: “أهواك”، “فاتت جنبنا”، “توبة”، “نبتدي منين الحكاية”، “لست قلبي”.
كما لحن لفايزة أحمد “ست الحبايب” و”حمال الأسية”، ولفيروز “سكن الليل”، ولأسمهان “محلاها عيشة الفلاح”، إضافة إلى ليلى مراد في أفلام “عنبر” و”غزل البنات”.
التمثيل والتكريم
خاض عبد الوهاب تجربة التمثيل في سبعة أفلام، منها “الوردة البيضاء”، و”يوم سعيد”، و”غزل البنات”، و”ممنوع الحب”، و”لست ملاكًا”، ليُظهر جانبًا آخر من موهبته الفنية.
نال خلال حياته العديد من الأوسمة والتكريمات، منها رتبة “لواء فخري” من الرئيس أنور السادات، ووسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر، والميدالية الذهبية في العيد الذهبي للإذاعة، والفضية في العيد الفضي للتلفزيون.
رحيل محمد عبد الوهاب
رحل محمد عبد الوهاب عن عالمنا في 4 مايو 1991، بعد رحلة فنية دامت أكثر من 70 عامًا، صنع فيها هوية موسيقية خاصة، وترك إرثًا خالدًا جعل منه “موسيقار الأجيال” عن جدارة.
اقرأ أيضًا: طبق المهلبية أول أجر لها، مقتطفات في الذكرى الـ 50 لرحيل كوكب الشرق
تعليقات