في تحول تاريخي يعكس تزايد المخاوف الأمنية في القارة الأوروبية، تعهد المستشار الألماني فريدريش ميرتس، أمس الأربعاء، بأن تصبح بلاده صاحبة “أقوى وأكبر جيش تقليدي في أوروبا”.
تعزيز القدرات العسكرية
يأتي هذا الإعلان اللافت خلال كلمة ألقاها ميرتس أمام البرلمان الألماني “البوندستاج”، مؤكداً أن تعزيز القدرات العسكرية لألمانيا يمثل “أولوية مطلقة” لحكومته، وذلك لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .
ويُعد هذا التصريح بمثابة نقطة تحول جذرية في السياسة الدفاعية الألمانية، خاصةً بالنظر إلى القيود التي فرضتها تداعيات الحرب العالمية الثانية على تطوير الجيش الألماني لعقود طويلة.
وتعكس هذه اللهجة القوية وغير المسبوقة من مستشار ألماني بشأن القوة العسكرية لبلاده، تعكس إدراكاً متزايداً للتحديات الأمنية المتصاعدة في المنطقة، وعلى رأسها الحرب المستمرة في أوكرانيا وتداعياتها الجيوسياسية.
ضخ استثمارات ضخمة في قطاع الدفاع
وأوضح ميرتس أمام النواب أن حكومته الحالية قد قامت بالفعل بتمهيد الطريق لضخ استثمارات ضخمة في قطاع الدفاع، وذلك من خلال إقرار خطة مالية طموحة من قبل البرلمان السابق، والتي تتيح تخصيص مئات المليارات من اليورو كتمويل إضافي للجيش الألماني.
وقال ميرتس أمام النواب إن “تعزيز الجيش الألماني هو أولويتنا المطلقة”، بعد سنوات طويلة شهدت نقصا في تمويل المؤسسة العسكرية.
وأضاف “هذا ما تتوقعه أقوى دولة في أوروبا وأكثرها تعدادا للسكان. وهذا ما ينتظره منّا أيضا أصدقاؤنا وشركاؤنا. وهم يطالبون حتّى بذلك”.
ويهدف هذا التمويل إلى تحديث المعدات والأسلحة، وزيادة أعداد الجنود، وتعزيز التدريب، بما يمكن الجيش الألماني من استعادة مكانته كقوة رادعة وموثوقة في قلب أوروبا.
ويُنظر إلى هذه الخطوة الألمانية باعتبارها استجابة مباشرة للضغوط المتزايدة على برلين من حلفائها في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وخاصة الولايات المتحدة، لزيادة إنفاقها الدفاعي والوفاء بالتزاماتها تجاه الحلف.
كما تأتي في سياق جهود أوروبية أوسع لتعزيز القدرات الدفاعية الجماعية في ظل حالة عدم اليقين الجيوسياسي الراهنة بسبب الحرب في اوكرانيا .
من جهة أخرى، يثير هذا التوجه الألماني الجديد تساؤلات حول تداعياته على ميزان القوى في أوروبا وعلاقات ألمانيا مع جيرانها. ففي حين يرحب بعض الحلفاء بهذه الخطوة باعتبارها ضرورية لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي.
تعليقات