حينما نحاول فهم أسباب الحروب المستمرة حول العالم، ونتساءل عن سر تجاوز بعض الدول للثوابت والقيم في سبيل تحقيق مصالحها، نجد أن الإجابة هي إسرائيل، ففي قلب كثير من النزاعات والصراعات، توجد هذه الدولة كلاعب رئيسي يعيد تشكيل التحالفات ويؤثر في موازين القوى.
إعلان قيام إسرائيل هل لحظة تأسيس أم بداية نكبة؟
في 14 مايو 1948، أُعلن عن قيام دولة إسرائيل رسميًا على أرض فلسطين، وذلك بعد انتهاء الانتداب البريطاني عليها.
وجاء هذا الإعلان من قبل دافيد بن غوريون، رئيس الوكالة اليهودية حينها الذي أعلن استقلال إسرائيل في تل أبيب، مما شكل نقطة تحول تاريخية أدت إلى اندلاع صراع طويل مع الفلسطينيين والدول العربية المجاورة.
وقد تزامن قيام الدولة مع بدء نكبة الشعب الفلسطيني بعد أن هجّرت القوات الإسرائيلية مئات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم ومدنهم في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة.
عبد الناصر يقاطع ألمانيا الغربية لدعمها إسرائيل
في 13 مايو 1965، اتخذ الرئيس المصري جمال عبد الناصر موقفًا حاسمًا تجاه ألمانيا الغربية، حيث أعلن مقاطعتها دبلوماسيًا واقتصاديًا ردًا على دعمها العسكري والسياسي المتزايد لإسرائيل.
وكشفت تقارير عن تزويد ألمانيا لإسرائيل بأسلحة ومعدات تكنولوجية متقدمة، مما اعتبره عبد الناصر موقفًا ضد القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ويعد هذا الموقف امتدادًا لسياساته الرافضة لأي شكل من أشكال التطبيع مع الدول التي تسهم في دعم الكيان الصهيوني، مؤكدًا أن الكرامة والسيادة العربية لا تقبل المساومة.
13 مايو 1965 : 13 مايو 2024.. ما بين الأمس واليوم موقف الدول العربية تجاه إسرائيل
في ذكرى الوقت الذي قاطع فيه الرئيس جمال عبد الناصر ألمانيا الغربية بسبب دعمها لإسرائيل، رافعًا شعار الكرامة والسيادة العربية فوق كل اعتبار، نجد اليوم مشهدًا مقلقًا من التراجع المبدئي لدى عدد من الدول العربية، سوريا، التي لا تزال الجولان تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وتُبدي استعدادًا لإبرام اتفاق سلام مع إسرائيل، وتقديم تنازلات أبرزها الموافقة على وجود إسرائيل قرب الجولان، وعلى صعيد آخر، قطر، التي دومََا تصور نفسها كمدافع عن القضايا العربية، تُهدي الولايات المتحدة الأمريكية طائرة “بوينغ 747” فاخرة، رغم أن واشنطن هي الحليف الأول والداعم العسكري والمالي الأبرز لإسرائيل.
ومنذ عام 2020، بدأت موجة من التطبيع العلني بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بدءًا بالإمارات والبحرين، مرورًا بالسودان والمغرب، في ظل ما يُعرف بـ”اتفاقيات أبراهام”.
هذا التحول الجذري في المواقف يثير تساؤلات حقيقية حول الثوابت، وحول كيف تحوّل ما كان يُعدّ خيانةً في الماضي إلى “مصلحة وطنية” اليوم، في ظل الحرب المتصاعدة على قطاع غزة.
الوضع المأساوي في غزة.. حرب إبادة وصمت دولي
منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، ويعيش قطاع غزة واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية فظاعة في التاريخ، ينام ويستيقظ الشعب على أصوات القصف.
شنّت إسرائيل حربًا عدوانية واسعة النطاق، استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمحرّمة دوليًا، مستهدفة المدنيين بشكل مباشر، فدُمّرت الأحياء السكنية فوق رؤوس الشعب، وخرجت المستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه عن الخدمة.
وارتفعت حصيلة الشهداء والجرحى بشكل غير مسبوق وتخطت 52 ألفا، معظمهم من النساء والأطفال.
وارتفع عدد المصابين إلى أكثر من 119 ألفًا، في ظل حصار مشدد يمنع دخول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى آلاف العائلات هجّرت قسرًا من منازلها.
ويعيش السكان في ظروف تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ورغم هذه المأساة، يواجه الفلسطينيون في غزة هذا العدوان بصمود أسطوري وسط تواطؤ دولي يُثير الألم والأسى، ويطرح تساؤلات عميقة عن معنى الإنسانية والعدالة في هذا العصر.
تعليقات