افتتح مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، اليوم الأربعاء، أشغال اليومين الدراسيين حول العقوبات البديلة، المنظمين من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا وبتنسيق وتعاون مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
يأتي هذا اللقاء في سياق التحضير لتفعيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، المرتقب دخوله حيز التنفيذ في غشت المقبل، ويهدف إلى مناقشة سبل التنزيل القضائي والإداري لهذا القانون الجديد، وتحليل مقتضياته ومقاربة التحديات المرتبطة بتطبيقه.
في هذا السياق، أكد الداكي أن هذا القانون يشكل نقلة نوعية في السياسة العقابية بالمغرب، من خلال إرساء بدائل للعقوبات السالبة للحرية، خاصة في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات، من بينها العمل من أجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية.
واعتبر الداكي في كلمة افتتاحية أن هذا التوجه يعكس رغبة الدولة في تجاوز سلبيات العقوبات قصيرة المدة، التي أثبتت الدراسات الوطنية والدولية محدودية فعاليتها في الحد من العود وتحقيق الأمن المجتمعي، فضلا عن مساهمتها في الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.
وأبرز رئيس النيابة العامة الدور الحيوي المنوط بهذا الجهاز من خلال تقديم ملتمسات استبدال العقوبات الحبسية بعقوبات بديلة، وإحالة المقررات إلى قضاة تطبيق العقوبات، بالإضافة إلى تتبع مراحل تنفيذ هذه العقوبات بالتنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون.
وكشف في هذا السياق عن إصدار رسالة دورية تحت عدد 18/2024 بتاريخ 11 دجنبر 2024، تحث قضاة النيابة العامة على الانخراط الجاد في تفعيل هذا الورش، مشيرا إلى مساهمة النيابة العامة في أربع لجان موضوعاتية تم إحداثها لتأطير عملية تنزيل القانون، وإعداد النصوص التنظيمية والدليل العملي لتطبيقه، مع تصور عملي لتنفيذ عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة، والتدابير المرتبطة بالمراقبة الإلكترونية.
واستند الداكي في كلمته إلى التوجيهات الملكية التي وردت في خطاب 20 غشت 2009، والتي أكدت ضرورة تطوير السياسة الجنائية واعتماد عقوبات بديلة وطرق قضائية حديثة كالوساطة والصلح. وأبرز أن القانون 43.22 يجسد هذه الرؤية الملكية في تطوير العدالة الجنائية نحو مزيد من الإصلاح والتهذيب بدل الزجر والعقاب فقط.
وسجل المتحدث أهمية التعاون والتكامل بين المؤسسات المعنية، منوها بالدعم المتواصل الذي يقدمه كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وزارة العدل، المندوبية العامة لإدارة السجون، بالإضافة إلى مجلس أوروبا، الاتحاد الأوروبي، وخبراء دوليين من رومانيا وبلجيكا وإسبانيا، الحاضرين لتقاسم تجاربهم المقارنة في مجال تنفيذ العقوبات البديلة.
وأكد رئيس النيابة العامة أن أشغال اليومين الدراسيين تمثل فرصة مهمة لتبادل الأفكار، ورصد الإشكالات المحتملة في تطبيق القانون واقتراح حلول عملية تتماشى مع روح المشرّع. وكشف أن رئاسة النيابة العامة بصدد إصدار دليل عملي فور صدور المرسوم التطبيقي، مع تنظيم دورات تكوينية لفائدة القضاة والفاعلين المعنيين.
تعليقات