اعتراف أمريكا بصوماليلاند.. ما مدى تداعياته وتقاطعاته مع المصالح المصرية؟

اعتراف أمريكا بصوماليلاند.. ما مدى تداعياته وتقاطعاته مع المصالح المصرية؟

يمتلك الصومال ساحلاً يمتد لـ3300 كيلومتر على المحيط الهندي وخليج عدن، ويعد مدخلًا مهمًا نحو البحر الأحمر وقناة السويس، هذا الموقع الاستراتيجي جعل الصومال ساحة لصراع إقليمي ودولي محتدم.

وسط هذا المشهد، تبرز أهمية متابعة وتحليل التداعيات على أمن مصر، خاصة في ظل وجود الجيش المصري في المنطقة ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي.

الصراع في الصومال يجمع لاعبين رئيسيين؛ أبرزهم الولايات المتحدة، إسرائيل، الإمارات، وإثيوبيا، إلى جانب مصر وتركيا، هذه الأطراف تتنافس ضمن تنسيق معقد وتوزيع أدوار متشابك، مما يزيد من حساسية الوضع.

مخططات أمريكا وصعود صوماليلاند

وفقًا لمشروع “2025”، الذي يُعتبر خارطة طريق محتملة لإدارة ترامب المستقبلية، بات التوسع الصيني في جيبوتي مصدر قلق كبير، حيث عززت الصين وجودها العسكري وطورت شراكات استراتيجية مع مقديشو ردًا على اعتراف صوماليلاند بتايوان.

وفي هذا السياق، تروج معاهد بحثية أمريكية للاعتراف بصوماليلاند كبديل استراتيجي في حال تهديد القاعدة الأمريكية في جيبوتي.

أبرز من أيد هذا التوجه هم شخصيات بارزة بالحزب الجمهوري ومستشارو ترامب للشؤون الخارجية، كما كشفت تقارير عن اعتزام إدارة ترامب الاعتراف بصوماليلاند، بدعم من بريطانيا وإسرائيل.

من جهتها، تحركت إدارة بايدن لإرسال وفد رفيع المستوى إلى صوماليلاند نهاية عام 2024، لتهنئة الرئيس المنتخب، ما يعكس تغيرًا في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة.

الأبعاد العسكرية للتواجد الأمريكي في المنطقة

فشلت واشنطن وحلفاؤها في كسر الحصار البحري الذي فرضه الحوثيون على باب المندب منذ عام 2023، وفي محاولة لتعزيز نفوذها، تخطط الولايات المتحدة لبناء قاعدة عسكرية في صوماليلاند تطل على خليج عدن، تعمل كحاملة طائرات ثابتة ومركز استخباراتي لمواجهة الحوثيين والصين.

مع ذلك، فإن القواعد الأمريكية القائمة في جيبوتي وإريتريا والصومال لم تُستخدم لضرب اليمن بسبب مخاطر الاستهداف الحوثي، ما يفسر التركيز على صوماليلاند كبديل.

الإمارات وإسرائيل.. دعم أمريكي لحلفاء إقليميين

الإمارات نجحت في تعزيز وجودها العسكري بالقرن الأفريقي منذ عام 2016، من خلال بناء قاعدة بحرية في ميناء بربرة بصوماليلاند، هذا التواجد تطور ليشمل تنسيقًا مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتشير تقارير إلى أن الإمارات تتوسط لإنشاء قاعدة إسرائيلية في صوماليلاند، بهدف تكثيف الضغط على الحوثيين واليمن.

التأثير على النفوذ المصري والإثيوبي

الوجود المصري في الصومال يهدف إلى دعم استقرار المنطقة، لكنه يواجه حساسيات خاصة مع إثيوبيا، التي حذرت من نشر قوات مصرية قرب حدودها.

التحركات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة قد تؤثر على استراتيجية مصر، خاصة إذا اعتُبر الاعتراف بصوماليلاند تهديدًا مباشرًا للمصالح المصرية.

وتأتي زيارة مدير المخابرات الأمريكية للصومال عام 2024 في سياق تقييم دور مصر العسكري وتأثيره على دول الجوار، حيث يبدو تعزيز التفاهمات بين القاهرة وواشنطن ضروريًا لتجنب أي سوء فهم أو تصعيد.

تحالفات متشابكة بين الحوثيين وحركة الشباب

رغم الاختلاف المذهبي بين الحوثيين (الشيعة) وحركة الشباب الصومالية (السنية)، نجحت إيران في خلق تقارب بينهما، مستغلة علاقاتها القديمة مع الحركة،وأكدت تقارير أممية ضلوع طهران في تسليح الحركة مقابل خدمات تهريب الأسلحة للحوثيين، ويهدد هذا التعاون خطوط الملاحة الدولية ويعطي مبررًا للتواجد الأمريكي في المنطقة.

تركيا.. شريك حذر في المعادلة

رغم كونها عضوًا في الناتو، تخشى تركيا من تأثير النفوذ الأمريكي المتزايد في الصومال على مصالحها النفطية والعسكرية، مع ذلك، لعبت أنقرة دور الوسيط بين الصومال وإثيوبيا، بدعم أمريكي، لتخفيف التوترات وإقرار اتفاق مصالحة لم تُعلن تفاصيله بعد.

مصر.. استراتيجية الحذر

تحقيق الاستقرار في الصومال دون الانزلاق إلى صراعات إقليمية أو داخلية يمثل أولوية للوجود المصري، وتلتزم القاهرة بعدم تحويل الصومال إلى ساحة مواجهة مع إثيوبيا أو أي طرف آخر، لضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية من وجودها هناك.

الأشهر المقبلة تحمل تحولات استراتيجية كبيرة في القرن الأفريقي، سيكون لها تأثير مباشر على المصالح المصرية، وعلى توازن القوى الإقليمي والدولي في المنطقة.

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.