وصف الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، قرار تأجيل الجمعية العمومية الطارئة للأطباء لإعلان موقفهم من مشروع قانون المسؤولية الطبية، بأنه “الأصعب في حياته النقابية”، لكنه كان “الضروري والأصلح” في ذات الوقت.
وأوضح نقيب الأطباء في حوار لموقعنا الإخباري، أن النقابة تعتبر ما تحقق من تعديلات بمسودة مشروع القانون “أمر إيجابي”، لكن لا تزال هناك بعض المطالب المهمة على رأسها إلغاء الغرامة فيما يتعلق بالخطأ الطبي، وعدم تحريك الدعوى الجنائية أو التحقيق مع الطبيب إلا بعد صدور تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية.
وبشأن الأعضاء الخمسة الذين تقدموا باستقالاتهم عقب تأجيل الجمعية العمومية، أشار “عبدالحي” إلى حدوث تواصل معهم، مع تراجع أحدهم عن استقالته، آملًا أن يتفهم باقي الأعضاء الموقف كاملًا وأن يعدلوا عن استقالاتهم.. وإلى نص الحوار:
* بداية؛ هل تعتبر أن ما تحقق في البرلمان بشأن المسؤولية الطبية كان مُرضيا للأطباء أم لا تزال تعديلات مطلوبة؟
ما تحقق كان إيجابياً، لكن لا تزال هناك بعض التعديلات المطلوبة.
مجرد الموقف والموافقة على إضافة المواد التي كنا نطلبها فهذا أمر إيجابي، ولكن كل ما تحقق بحاجة لإضافات وإعادة نظر لكي يكون له تأثير منضبط وأكثر إيجابية.
* ما التعديلات التي تطلبها النقابة مجددًا؟
فيما يخص المادة 18 من مشروع القانون، كنا طلبنا أن ينص القانون على أن “تعتبر اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، هي الخبير الفني لجهات التحقيق والتقاضي”، وبالفعل وافقت لجنة الصحة بمجلس النواب وأقرت ذلك، وهذا إنجاز.
ولكن طلبنا ألا يتم تحريك الدعوى أو التحقيق مع الطبيب إلا بعد صدور تقرير لجنة المسؤولية الطبية، وهذا لم يُنص عليه صراحة، ونتفاوض حالياً بشأن ذلك لتحقيق أهداف أساسية على رأسها: توفير وقت جهات التحقيق في النيابات في شكاوى الضرر الطبي، لأن هناك الكثير من الشكاوى المتعلقة بالأضرار الطبية، لكن وفقًا للإحصائيات فما يزيد عن 80 إلى 90% من الشكاوى تكون في غير محلها، وبالتالي نحرص على توفير وقت النيابة، وكذلك وقت الأطباء في الذهاب إلى النيابة ولمنع التشهير بهم، لأنه في كل الأحوال عندما يتم التحقيق في النيابة يتم إرسال الأوراق والشكوى كاملة للجنة.
* هل تعتبرها إضافة جوهرية؟
كل الدول المحيطة بنا، وفي أوروبا والولايات المتحدة، يتم إحالة الشكوى للجنة الفنية أولا، ثم يتم إرسال تقرير اللجنة إلى النيابة أو جهة التحقيق التي أرسلت الشكوى للجنة.
وبالطبع هذه الإضافة نراها جوهرية.
* ماذا عن باقي المطالب؟
ما يخص تعريف الخطأ الطبي الجسيم، وهذا يستوجب العقوبة بالحبس والغرامة، فالتعريف مطاط، ونريد إدخال تعديل فيه لحسم هذا الخطأ الطبي الجسيم.
وأذكر هنا أنه من المميزات التي حدثت، أننا كنا طلبنا إضافة تعريف الخطأ الطبي الجسيم لأنه لم يكن هناك تعريفا بنص مشروع القانون سوى للخطأ الطبي فقط، وتمت الموافقة على إضافة تعريف الخطأ الطبي الجسيم، وفعلنا ذلك لأنه يستتبعه العقوبات، والخطأ الطبي الجسيم به حق جنائي للدولة بخلاف الحق المدني.
* هل تقبل النقابة بالحبس في قضايا الخطأ الطبي الجسيم؟
الخطأ الطبي الجسيم يُقبل فيه الحبس والغرامة (الحق الجنائي للدولة) ثم الحق المدني للمريض، إنما الخطأ الطبي الوارد حدوثه من أي طبيب متخصص وملتزم بكل قواعد المهنة وقوانين الدولة، لا يجب أن يكون هناك حبس أو غرامة، بل تعويض مادي لجبر الضرر فقط.
جرى إلغاء الحبس في الخطأ الطبي الوارد حدوثه، لكنهم أضافوا الغرامة، وتم تغليظها من 100 ألف جنيه حتى مليون جنيه، وهذا ليس منطقيًا؛ فالطبيب ليس شركة، وهذه الغرامات بهذا الشكل لا تكون إلا لشركات استثمارية، إنما الأفراد لا تتجاوز 50 ألف جنيه وبعض دول العالم الآخر تكون الغرامة 10 أضعاف المرتب الشهري للشخص، لأن الغرامة حق للدولة وليس للمتضرر، فالمريض لن يستفيد من الغرامة.
وبشكل عام، فالعقوبة المدنية هدفها الردع في حالات التهور أو تجاوز القوانين، وضمان عدم عودة الطبيب لخطأه مرة أخرى، وهذا لا ينطبق على الخطأ الطبي الوارد حدوثه في أي وقت، لأنه مهما كان هناك ردع لكي لا يحدث الخطأ، فالخطأ لا يمكن تجنبه خاصة أنه غير متعمد.
* ماذا فعلتم إزاء استقالة 5 أعضاء بمجلس النقابة بعد تأجيل الجمعية العمومية؟
حدث تواصل، وهؤلاء المستقيلون منهم اثنان قدما استقالتهما منذ فترة طويلة، وثلاثة آخرون، أحدهم تراجع عن استقالته، وأعتقد أن الاثنين الآخرين سيعدلان عن الاستقالة.
* هل تستطيع النقابة احتواء هذا الموقف؟
أحرص على كل عضو وأتمنى أن يعدل الجميع عن استقالته، وأن نكون صفًا واحدًا من أجل مطالب الأطباء، نحن اختلفنا في أسلوب التعامل، وكان هذا القرار صعبًا جدًا بالنسبة لي، ولكن أرى أنه كان القرار السليم.
* هل كان قرار تأجيل الجمعية العمومية هو الأصعب في حياتك النقابية؟
اتخذت القرار الصعب والمؤلم، ولكنه كان ضروريًا بتأجيل الجمعية العمومية بعد ظهور شواهد لاستجابة مرجوة من الجهات المعنية لرأي الأطباء وحصولنا على بعض المكاسب التي نريد تعظيمها.
ولكن، احتمال أن يتعرض أي طبيب فقط من أولادي الأطباء لأي ضرر أو مشكلة يحدث، “فهذا عندي بالدنيا كلها”. ولم ألغِ الجمعية العمومية، بل تم تأجيلها شهرًا حتى نرى تطور المفاوضات بشأن مشروع القانون، لأن هناك مستجدات، وحدثت درجة طيبة من الاستجابة ويجب أن نستمر عليها.
* هل إن لم تتحقق باقي مطالب النقابة ستعودون للجمعية العمومية الطارئة؟
* إزاء كل هذه التطورات.. ماذا يناقش اجتماع مجلس النقابة اليوم؟
الاجتماع يناقش كل ما ذكرته الآن، وسأعرض عليهم الموقف كاملاً، وأحصل على موافقة من مجلس النقابة ونقباء النقابات الفرعية لاستكمال التفاوض بشأن التعديلات المطلوبة على مشروع القانون.
* أخيرًا.. ما رسالتك لجموع الأطباء؟
وبالتأكيد، فقوة النقابة من قوة التفاف أعضائها حولها، وغضبهم المبرر يجب أن يُوجه إلى الاتجاه الصحيح لدعم موقف الأطباء عمومًا والنقابة لتحقيق باقي مطالبنا بعيدًا عن أي اعتبارات شخصية.
اقرأ أيضا:
طبيب: إلغاء الحبس الاحتياطي في قانون المسئولية الطبية مطلب عام
“الصحة”: قانون المسئولية الطبية يضمن حقوق الأطباء والمرضى
ننشر اختصاصات اللجنة العليا للمسئولية الطبية في القانون الجديد
مصدر يكشف عن تعديلات جديدة بقانون المسؤولية الطبية.. بينها “تعريف الخطأ الطبي”
تعليقات