القاهرة (خاص عن مصر)- رفض المستشار الألماني أولاف شولتس وابل الإهانات التي وجَّهها إليه إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، بنصيحة موجزة: “لا تطعم المتصيدين”، بحسب ما نقلته الجارديان، عن حواره مع الأسبوعية الألمانية شتيرن.
يأتي هذا التعليق في وقت دعم فيه ماسك، الذي استخدم بشكل متزايد منصته إكس (تويتر سابقًا) للتعبير عن آرائه السياسية، حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف علنًا، مما أثار رد فعل عنيفًا في البلاد.
تأثير ماسك ورد شولتس الهادئ
يعكس تعليق شولتس موقفه من الانتقادات المستمرة من ماسك، والتي لم توجه فقط إلى الزعيم الألماني ولكن أيضًا إلى سياسيين أوروبيين بارزين آخرين.
في المقابلة، وصف شولتس سلوك ماسك بأنه متوقع، مشيرًا إلى أنه بصفته ديمقراطيًا اجتماعيًا، اعتاد هو وحزبه منذ فترة طويلة مواجهة انتقادات من أباطرة الإعلام الأثرياء الذين يحملون وجهات نظر سياسية متباينة. وقال شولتس: “يجب أن تظل هادئًا”، مؤكدًا رفضه التعامل مع ماسك، وكرر مبدأه بعدم الرد على الإهانات التي لا أساس لها.
كان شولتس صريحًا بشأن افتقاره إلى الاهتمام بمغازلة ماسك، مشيرًا إلى أن هذه مهمة سيتركها للآخرين. وكان تعليقه ردًا على نفوذ ماسك المتزايد في السياسة الأوروبية، وخاصة تأييده للأحزاب اليمينية المتطرفة. وكما أشار شولتس، فإن الشاغل الأساسي ليس إهانات ماسك، بل دعمه الصريح لحزب يراه البعض متطرفًا.
اقرأ أيضًا: 101 عام منذ اكتشاف تابوت الملك توت.. قرن من الإثارة
دعم ماسك لحزب البديل من أجل ألمانيا وانتقاد شولتس
أثار تورط ماسك في السياسة الأوروبية جدلًا كبيرًا، وخاصة تأييده لحزب البديل من أجل ألمانيا، الذي صنفته أجهزة الاستخبارات الألمانية على أنه يحتوي على عناصر من التطرف اليميني.
في ديسمبر 2024، أعلن ماسك علنًا أن “حزب البديل من أجل ألمانيا وحده قادر على إنقاذ ألمانيا” ودافع لاحقًا عن الحزب في افتتاحية ضيف في صحيفة فيلت أم سونتاغ، رافضًا اتهامات التطرف. وزعم أن حزب البديل من أجل ألمانيا يمثل “آخر شرارة أمل” لألمانيا، مما أثار المزيد من الانتقادات من الزعماء السياسيين والمراقبين.
أعرب شولتس في مقابلته عن انزعاجه من دعم ماسك لحزب البديل من أجل ألمانيا، وخاصة بالنظر إلى موقف الحزب من قضايا مثل علاقاته الوثيقة مع روسيا ومعارضته للعلاقات عبر الأطلسي.
ووصف شولتس هذه المواقف بأنها تهديد للقيم الديمقراطية الألمانية والوحدة الأوروبية، ووصف تصرفات ماسك بأنها أكثر إزعاجًا من الإهانات التي وجهت إليه شخصيًا.
البصمة السياسية الدولية لماسك
يمتد نفوذ ماسك إلى ما هو أبعد من حدود ألمانيا، حيث تجتذب أنشطته السياسية الانتباه في المملكة المتحدة والمجر وإيطاليا.
بالإضافة إلى دعمه لحزب البديل من أجل ألمانيا، انتقد ماسك علنًا حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وحث الملك تشارلز على حل البرلمان. كما التقى بفيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، الذي واجهت حكومته عقوبات من الاتحاد الأوروبي بسبب مخاوف بشأن التراجع الديمقراطي.
أثار تورط ماسك في هذه المجالات السياسية مخاوف بشأن دور المليارديرات في تشكيل السياسات الوطنية، وخاصة عندما يتم ممارسة نفوذهم من خلال منصات التواصل الاجتماعي ذات الانتشار العالمي.
تسلط تصريحات شولتس، وخاصة دفاعه عن المؤسسات الديمقراطية في ألمانيا، الضوء على التوتر بين الزعماء السياسيين والقوة المتزايدة لأباطرة التكنولوجيا في تشكيل الخطاب العام.
الصورة الأكبر: الديمقراطية وأباطرة الإعلام
في مقابلته، استهدف شولتس أيضًا تعليق ماسك الأخير حول الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي وصفه ماسك بأنه “طاغية مناهض للديمقراطية”. رفض شولتز بشدة هذا الوصف، مؤكدًا أن الديمقراطية في ألمانيا لا تزال قوية ومستقرة، مع إرادة مواطنيها، وليس التعليقات غير المنتظمة لملياردير.
يؤكد الصدام بين ماسك والقادة الأوروبيين على نقاش أوسع نطاقًا حول قوة شركات التكنولوجيا العملاقة وقدرتها على التأثير على الانتخابات الوطنية والمناظر السياسية. وبينما يواصل ماسك استخدام منصته لدعم الحركات اليمينية المتطرفة، يحذر منتقدوه من أن هذا الاتجاه قد يزعزع استقرار الديمقراطيات الأوروبية، ويهدد قيم المجتمعات المفتوحة.
مسار ماسك المثير للجدل إلى الأمام
مع اقتراب الانتخابات الألمانية في فبراير 2025، من المرجح أن يظل تأييد ماسك لحزب البديل من أجل ألمانيا وتدخله المستمر في السياسة الأوروبية قضية مثيرة للجدال. في حين يزعم منتقدو ماسك أن أفعاله تهدد الاستقرار الديمقراطي، يزعم أنصاره أنه يمارس حقه في حرية التعبير ويروج لوجهات نظر بديلة فحسب.
ومع تطور هذه الدراما السياسية، لا يزال التأثير الحقيقي لتدخل ماسك في الشؤون الأوروبية غير واضح، ولكن من الواضح أن نفوذه سيستمر في إشعال فتيل الجدل على جانبي الأطلسي.
تعليقات