سقوط نظام الأسد في سوريا لم يكن بالحدَث السهل؛ فالرجل الذى حكم وعائلته سوريا على مدار أكثر من 50 عامًا استطاع الصمود في مواجهة انتفاضة شعبية مسلحة على مدار أكثر من 13 عاما.
بقاء الأسد طوال سنوات الحرب كان مرتبطا بدعم عسكري قوي من حلفائه في روسيا وإيران، فهل سقوطه كان نتيجة تخلى الحلفاء عن الأسد واعتبار أن دوره انتهي.
وفق مصادر مقربة من الأسد فإن سقوط النظام لم يكن مجرد نتيجة لتدهور عسكري أو عزلة سياسية، بل جاء نتيجة تفاعل عوامل معقدة، أبرزها فقدان الثقة بالحلفاء، الإرهاق العسكري، والانفصال عن الواقع الذي هيمن على قيادة النظام.
تفاصيل الساعات الأخيرة
وفى تصريحات صحفية، كشف كامل صقر، مدير المكتب الإعلامي السابق في القصر الجمهوري، عن تفاصيل اللحظات الأخيرة لنظام بشار الأسد قبل سقوطه، مسلطًا الضوء على عزلة سياسية متزايدة، تحولات ميدانية دراماتيكية، وتوترات مع الحلفاء الإيرانيين والروس.
إرث نظام الأسد في سوريا.. الكشف عن شبكة أنفاق سرية في قلب دمشق
وقال صقر في مقابلة، إنه كان من آخر المغادرين من القصر الجمهوري برفقة زميل آخر من المكتب السياسي والإعلامي، حيث غادرا المكان حوالي الساعة الثالثة صباحًا، وسط أجواء من الترقب والسرعة التي فرضتها الأحداث منذ ظهر يوم السبت السابع من ديسمبر وحتى فجر يوم الأحد، الثامن من ديسمبر.
عزلة الأسد وتوتر العلاقات مع الحلفاء
وفقًا لصقر، شهدت الأيام الأخيرة لنظام الأسد عزلة سياسية واضحة. خلال زيارة إلى موسكو في نوفمبر 2024، التقى بشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث طلب دعمًا عسكريًا مباشرًا وتسهيل نقل المساعدات الإيرانية عبر قاعدة حميميم. لكن الرد الروسي جاء أقل من المتوقع، إذ لم تُنفذ الوعود بشأن تسهيل الإمدادات الإيرانية.
أثار هذا الفتور تساؤلات عديدة، خصوصًا بعد تحذير الطائرات الإيرانية من قبل الأميركيين أثناء عبورها الأجواء العراقية، ما أوضح محدودية التنسيق بين الأطراف الحليفة. أشار صقر إلى أن بوتين ربما تجنب استحصال موافقات أميركية جادة لتجنب مزيد من التعقيدات.
التدهور الميداني والواقع العسكري
وتابع : تزامنت العزلة السياسية مع انهيار ميداني سريع. سقوط مدينة حلب في أيدي المعارضة أظهر ضعف الجيش السوري الذي عانى من إرهاق مستمر منذ سنوات. صقر كشف أن المؤسسة العسكرية بدت غير راغبة في الاستمرار بالقتال، ما أدى إلى انسحاب تدريجي من مواقع استراتيجية.
الكاجوال والسترة والطائرة.. رسائل مشفرة من وزيرة خارجية ألمانيا لقادة سوريا الجدد
وقال: إنه رغم الاجتماعات المكثفة بين الأسد ومستشاريه لمناقشة التطورات، بدا النظام عاجزًا عن تقديم حلول. حتى الدعم الإيراني، الذي كان حاسمًا في مراحل سابقة، شهد تراجعا واضحا. خاصة أن زيارة مسؤولين إيرانيين إلى دمشق جاءت باردة النتائج، في وقت كان حزب الله يعاني من خسائر فادحة أثرت على دعمه للنظام.
اقرأ أيضًا: خدمات بالمجان.. سفارة سوريا بالقاهرة تعلن إغراءات جديدة لراغبي العودة للوطن
لحظات هروب بشار الأسد
في الساعات الأخيرة قبل سقوط النظام، قرر الأسد مغادرة دمشق إلى قاعدة حميميم بتأمين روسي. غادر القصر الجمهوري عند منتصف الليل برفقة عدد محدود من الشخصيات، بينهم وزير الدفاع وبعض أفراد أسرته. في موسكو، عكست الاجتماعات توترًا واضحًا بين الأسد وحلفائه.
الغاء خطاب متلفز لـ الأسد
وفقا لصقر كان بشار يعتزم إلقاء خطاب متلفز للتعليق على التطورات، إلا أن تسارع الأحداث أجبره على تأجيل الكلمة مرارًا قبل أن يقرر إلغاءها بالكامل. كان الخطاب يحمل لهجة متوترة ولا يعكس حجم التطورات الجارية.
أسباب عزلة النظام والتوتر مع الحلفاء
أرجع صقر توتر العلاقات بين الأسد وحلفائه إلى عدة عوامل، أبرزها انشغال روسيا بالصراع الأوكراني، وتراجع الحماس الإيراني لدعم نظام يعاني من أزمات متفاقمة. في الوقت ذاته، رفض الأسد الانخراط في وساطات سياسية مع تركيا، معتبرًا ذلك تهديدًا لشرعيته.
تعليقات