بعد يومَين من المناقشات، انتهت مساء الأربعاء، بالرباط، الورشة التكوينية التي نظمتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بشراكة مع سفارة النرويج بالمغرب ومركز “U4″، حول موضوع “مخاطر الفساد في قطاع الصحة بالمغرب.. سلسلة القيمة الخاصة بالمنتجات الطبية والقطاع الطبي الخاص” إلى “خلاصات وتوصيات عملية ستؤخذ بالاعتبار لأجل إنجاز دراسة تتعلق بإعداد خريطة لمخاطر الفساد”، وفق ما أفاد منظموها.
ومن المقرّر أن يتم “إنجاز الدراسة التي ستشرف عليها الهيئة الوطنية للنزاهة (مع إعداد دفتر تحملات TDR) في إطار مقاربة تشاركية مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وبتعاون مع مختلف الأطراف المعنية بقطاع الصحة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بهدف تصميم أدوات ناجعة لتعزيز الشفافية والنزاهة وضمان استدامة الإصلاحات في هذا القطاع الحيوي”، حسبهم.
المعطيات التي توفرت لهسبريس أكدت أن “الجلسة الختامية شهدَت عرض تجربة الهيئة الوطنية للنزاهة في تقييم مخاطر الفساد داخل القطاعات العمومية، مع تقديم نماذج من خريطة المخاطر الخاصة بقطاع الصحة، وتوضيح الآفاق المستقبلية لتوسيع هذه التجربة وإسقاطها في قطاعات أخرى”.
وخلُص المشاركون إلى “مجموعة من التوصيات العملية”، توزعت منقسمةً على محاور خمسة؛ أبرزها: “المحور الأول: إصلاح التشريعات والتنظيمات عن طريق مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي للقطاع الصحي، بما يَضمن تعزيز الشفافية، وحماية حقوق المرضى، وتحقيق توازن أفضل بين مختلف الفاعلين”.
ونادى المشاركون بـ”تحسين الشفافية في العمليات الطبية” بـ”فرض التصريح الإلكتروني المسبق واللاحق للعمليات الطبية وتكاليفها على المصحات، بهدف تمكين الرقابة وتحسين الممارسات التعاقدية وربطها بأنظمة التأمين الصحي”.
“تنظيم علاقة المصحات بالتأمين”
تمت الدعوة بوضوح إلى “تنظيم العلاقة بين المصحات وشركات التأمين”، بـ”مراجعة الإطار القانوني الذي يحكم هذه العلاقة لضمان وضوح الالتزامات، عدالة التعويضات، وحماية حقوق المرضى من خلال قواعد أكثر شفافية وإنصافاً”.
كما أشارت التوصيات، وفق ما توفر للجريدة، ضمن محورها الثاني، “تعزيز النزاهة والشفافية في القطاع الصحي من خلال تدابير عملية تستهدف مجموعة من مكونات المنظومة الصحية، سواء على مستوى القطاع الخاص، أم فيما يتعلق بسلسلة القيمة للمنتجات الطبية، أم عبر مبادرات ذات طابع شمولي تشمل الحكامة والممارسات المهنية”.
وفي “القطاع الصحي العام”، أوصت الورشة بـ”إطلاق برامج تكوينية لتعزيز ثقافة النزاهة لدى مهنيي الصحة، ودَمجها ضمن مسارات التكوين الأساسي والمستمر”، مع “وضع إطار واضح لمسار المريض يشمل جميع مراحل العلاج، بدءًا من الاستقبال مرورا بالتشخيص ووصولًا إلى المتابعة، لضمان الشفافية والعدالة في تقديم الخدمات الصحية”.
وشددت على “إرساء نظام لتصنيف المصحات الخاصة وفق معايير واضحة للنزاهة وجودة الخدمات، يُنشر بشكل دوري لتعزيز التنافس الشريف”.
“رقمنة مسار الدواء”
أما في مجال الأدوية، فإن “تطوير منصة رقمية لتتبع مسار الدواء من الإنتاج إلى التوزيع” شكل أبرز الخلاصات المرفوعة للهيئة، كما تمت الدعوة إلى “اعتماد مؤشرات لقياس مخاطر الفساد في الصفقات العمومية المتعلقة بالأدوية، بما يعزز الشفافية والرقابة”.
المحور الثالث همّ بـ”إشراك المواطن والمجتمع المدني في الحكامة الصحية عبر تقوية دور المواطنين ومكونات المجتمع المدني كفاعلين في مراقبة جودة الخدمات وضمان المساءلة”؛ من خلال “تعزيز الوعي المجتمعي بإطلاق حملات وطنية للتوعية بحقوق المرضى وأهمية النزاهة في المرفق الصحي”، وعبر “دعم المراقبة المجتمعية بتعزيز قدرات المجتمع المدني ومواكبته للقيام بدور فاعل في تتبع الأداء الصحي والإبلاغ عن الاختلالات”.
المحور الرابع أوصى بـ”تحديث أدوات الرقابة الرقمية وتعزيز استخدام التكنولوجيا من خلال توظيف التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي كأدوات داعمة لرصد الفساد وتحسين التتبع وضمان الشفافية في تقديم الخدمات”؛ على أساس أن تتم “رقمنة الشكاوى وتعزيز المشاركة المواطنة: بإنشاء منصات إلكترونية تتيح للمواطنين تقديم شكاوى ومتابعتها بسهولة وشفافية”، و”التحليل الذكي للمعطيات: باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الصحية، ورصد المؤشرات غير الطبيعية أو السلوكات المشبوهة”.
وأكدت الورشة حتمية “اعتماد مقاربات مبنية على تحليل المخاطر: بتبنّي أدوات رقابية تركّز على مكامن الهشاشة عوض الاقتصار على التدخل الزجري”.
وفي المحور الأخير، أبرزت “التنسيق الوطني والدولي لضمان حكامة مندمجة من خلال بناء شراكات مؤسساتية فعالة على المستويين الوطني والدولي لتوحيد الجهود وتبادل الخبرات عبر “بناء إطار تنسيقي وطني متعدد الفاعلين وتعزيز التعاون الدولي وتنظيم منتديات حوارية”.
كما ناقش المشاركون، أيضا، “ضرورة تحويل مخرجات الورشة إلى خطة عمل واقعية، ترتكز على التشخيص المشترك، وتعبئة المعطيات، وتحديد مؤشرات للقياس والتقييم. كما تم التأكيد على أهمية بناء إطار مؤسسي دائم لتبادل المعلومات والتنسيق في ما يخص الحكامة الصحية ومحاربة الفساد”.
تعليقات