النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي تفقد الثقة في إصلاح النظام الأساسي

مجسدة دعوات سابقة إلى الاحتجاج والإضراب ضد “تعثر” مسار المصادقة على مشروع النظام الأساسي لموظفي وزارة التعليم العالي، خاضت النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وقفة احتجاج، اليوم الأربعاء، تلوَّن خلالها الشارع المحيط بمقر وزارة التعليم العالي والبحث والعلمي والابتكار باللون الأصفر، في مشهد احتجاجي لافت بحضور قوي.

كما عاينت جريدة هسبريس الإلكترونية خلال فعاليات الوقفة ذاتها، انضمام بعض موظفي وموظفات قطاع التعليم العالي المنتمين إلى نقابتيْ “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب” (UNTM) و”النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي” (الجامعة الوطنية للتعليم FNE) إلى الشكل الاحتجاجي ذاته، الذي شهد رفع وترديد شعارات قوية، منها “الموظف كايْقاسِي.. بْغا النظام الأساسي”، داعين وزارة الميداوي إلى التوقف عن “تقديم وعود الشفوي”، حسب تعبيرهم.

وجاءت هذه الوقفة الاحتجاجية المركزية، التي شارك فيها موظفون وموظفات بقطاع التعليم العالي من مختلف جهات المملكة، على خلفية إضراب وطني جديد عن العمل دعت إليه الهيئات النقابية المذكورة أمس واليوم 17 و18 يونيو الجاري.

وندد المشاركون في الوقفة بـ”استمرار التأخير الكبير الذي عرفه مسار المصادقة على مشروع النظام الأساسي، والضبابية التي طبعت التواصل مع الوزارة بخصوص هذا الملف”، معتبرين أن “هذا الأخير موضوع مصيريٌ في مسارهم المهني لا يحتمل مزيدا من التأخيرات بعد 3 سنوات من المشاورات وجلسات الحوار بشأنه قبل أن يتعثر في مسطرة المصادقة والتأشير”، خاصة بعد وصوله إلى مرحلة اجتماعات ممثلي وزارة التعليم العالي مع مسؤولي الوزارتين المعنيتين بإخراجه: وزارة الاقتصاد والمالية، والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أوضح عبد اللطيف آيت بن بلا، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لموظفي وزارة التعليم العالي والأحياء الجامعية (CDT)، أن “الاحتجاج اليوم مركزياً أمام مقر وزارة التعليم العالي، يأتي بسبب تأخر النظام الأساسي”.

وقال آيت بن بلا إن “النقابة تنتظر منذ ثلاث سنوات نهاية مسار إخراج نظام أساسي منصف وعادل لموظفي القطاع ومؤسساته دون تقدّم جدّي واضح في مخرجات المناقشات مع الوزارة الوصية وقطاعَي المالية وإصلاح الإدارة”.

وبنبرة غاضبة، أكد المسؤول النقابي ذاته أن “الاجتماعات مع الوزير الوصي على قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، عز الدين الميداوي، كانت بروتوكولية دون نتائج ملموسة لدى الموظفين”، كاشفا أن “نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل طلبت مؤخرًا حضور ممثلي الوزارتين المعنيتين في المناقشات للحصول على نتائج فعلية”.

ولفت إلى أن “هناك رفضا من نقابتنا، وهي من الأكثر تمثيلية في القطاع، لفكرة الجلوس مع النقابات الأخرى في المناقشات، بعد أن فوجئ وفدُنا المفاوض بتشبث الوزير بصيغة الاجتماع مع كل النقابات في وقت واحد، وعدم الاكتراث بمطالب الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، كما اصطدم أعضاء المكتب الوطني لنقابتنا بمحاولة الوزير إجبارنا على الجلوس مع النقابات الأخرى، علمًا أن الاشتغال المشترك كان مبادرة منّا وباتت شروطه منعدمة حاليًا”، وفق تصريحه.

وزاد أن “النقابة قررت عبر أعضاء مكتبها الوطني تنفيذ اعتصام إنذاري، في وقت سابق هذا الأسبوع، أمام الوزارة، كشكل من أشكال الاحتجاج وتعبيرات الرفض تجاه المقاربة سالفة الذكر”، قبل أن المرور إلى “إضراب لمدة 48 ساعة كخطوة أولى في البرنامج النضالي”.

وثمّن آيت بن بلا “مشاركة موظفين من النقابات الأخرى في الوقفة الاحتجاجية اليوم أمام الوزارة”، مجددا “الموقف الرافض للتأخير في إصدار النظام الأساسي”.

من جانبه، قال عبد الحق حيسان، منسق اللجنة التقنية لمناقشة النظام الأساسي لموظفي التعليم العالي عن النقابة الوطنية لموظفي وزارة التعليم العالي والأحياء الجامعية، إن “النقاش حول النظام الأساسي استغرق حوالي ثلاث سنوات من الأخذ والرد والمشاورات (…) قبل أن نُفاجَأ بالتوقف والتعثر في المناقشات بشكل أثَّر على جميع الملفات المطلبية”.

وشدد حيسان، متحدثا إلى جريدة هسبريس الإلكترونية على هامش الوقفة، على أن “موظفي التعليم العالي ينتظرون الإنصاف من خلال تسريع مسار اعتماد النسخة النهائية للنظام الأساسي”، موردا أن “ما رشحَ لدينا من معطيات يفيد بأنها وُوجِهَت بالرفض من مصالح وزارة المالية وقطاع الوظيفة العمومية”.

وتأسف المسؤول النقابي ذاته لكون “وزارة التعليم العالي لم تدعم النقاشات التي تصب في صالح الموظفين والموظفات حول النظام الأساسي… فهي لم تقف في جانبهم، وهذا ما يؤجج غضبهم واحتجاجهم”.

وأكد أن “النظام الأساسي كان من المقرر من خلال اجتماعاتنا الدورية مع الوزارة أن يكون جاهزاً في شهر يناير 2025، أي قبل ستة أشهر من الآن. وإلى غاية يونيو 2025، لم يتم التقدم في مناقشات إخراجه واعتماد صيغة نهائية متوافق بشأنها”.

وفضلا عن “جلستيْن فقط عقدتا لمناقشة النظام الأساسي منذ بداية السنة”، وفق المصرح عينه، فإن “هذا الاحتجاج صرخة قوية ودعوة واضحة لتحريك المسار وتسريع عملية المصادقة عليه”.

يشار إلى أن بلاغا سابقا للمكتب الوطني للنقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، صدر بداية الأسبوع، دعا “جميع موظفات وموظفي التعليم العالي إلى خوض إضراب الكرامة يومي 17 و18 يونيو 2025 لإعادة الاعتبار للموظف بهذا القطاع، والضغط من أجل إخراج النظام الأساسي قبل فوات الأوان”.