تشهد أوساط السلفية الجهادية حول العالم حالة من الترقب والقلق، على خلفية وصول شخصيات من التيار السلفي الجهادي في درعا السورية إلى مناصب حساسة في السلطة المركزية بدمشق.
هذا التطور، الذي يأتي في سياق تغييرات سياسية داخلية، يثير تساؤلات حول مستقبل التيار السلفي الجهادي في البلاد، الذي يواجه الآن تحديًا جديدًا يتمثل في كيفية التعامل مع صعود منافسيه السابقين إلى مراكز النفوذ.
وتتحدث مصادر عن وجود انقسامات داخل التيار بين مؤيدين ومعارضين لهذا التطور، وسط مخاوف من تهميش أو استبعاد بعض الفصائل السلفية الجهادية التي كانت لها مواقف معارضة للنظام في السابق، لكن المأزق الوجودي الذي تتعرض له السلفية الجهادية هو الإجابة على السؤال الصعب: هل بعد وصولها للحكم في سوريا سوف تحرر الجولان السورية المحتلة أم سوف يبقى الوضع كما هو عليه؟ وهو السؤال الذي سوف تمثل الإجابة عليه علامة فارقة في تاريخ هذا التيار.
ترقب لموقف الرئيس الشرع من الجولان والعلاقات مع إسرائيل
تتجه الأنظار في الوقت الحالي نحو الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي يواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في تحديد موقف واضح تجاه قضية الجولان المحتلة والعلاقات مع إسرائيل.
ويأتي هذا الترقب في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، وتزايد الضغوط الدولية على سوريا لتغيير سياساتها تجاه إسرائيل.
وتثير تصريحات بعض المسؤولين السوريين تساؤلات حول ما إذا كان النظام السوري سيتخذ خطوات عملية تجاه استعادة الجولان، أو ما إذا كان سيسعى إلى فتح قنوات حوار مع إسرائيل.
تأثير صعود درعا على المشهد السياسي السوري
يشهد المشهد السياسي السوري تحولًا لافتًا مع وصول شخصيات سلفية بارزة من محافظة درعا، المعروفة تاريخيًا بتدينها المحافظ وتياراتها السلفية المتشددة حتى في فترة حكم الأسد الأب والابن، إلى مراكز نفوذ مهمة في العاصمة دمشق.
ويمثل هذا الصعود تغييرًا نوعيًا في تركيبة السلطة السورية، ويطرح تساؤلات جوهرية حول توجهات النظام المستقبلية وتأثير هذه الشخصيات على مختلف جوانب الحياة في البلاد.
تأثير محتمل على العلاقات بين الطوائف الدينية في سوريا
يثير صعود شخصيات سلفية من درعا إلى مراكز السلطة في دمشق، تساؤلات حول انعكاسات ذلك على العلاقات بين مختلف الطوائف الدينية في سوريا، التي تتميز بتنوعها العرقي والديني. ففي ظل وجود تاريخ من التوترات الطائفية في البلاد، يخشى البعض من أن يؤدي تعزيز نفوذ تيار ديني محافظ إلى تفضيل طائفة على أخرى أو إلى فرض قيود اجتماعية ودينية قد لا تتقبلها جميع مكونات المجتمع السوري بتنوعه. بالمقابل، يرى آخرون أن هذا الصعود قد يمثل فرصة لدمج مختلف التيارات الدينية في إطار حكم وطني شامل، شريطة تبني خطاب معتدل وتعزيز التسامح الديني، وعلى الرغم من الخطاب المعتدل حتى الآن للرئيس السوري أحمد الشرع، إلا أن هناك شكوكًا حول قدرته هو نفسه على تحويل هذا الخطاب لواقع مستدام.
تداعيات محتملة على أوضاع النساء وحقوقهن في سوريا
يمثل صعود تيارات سلفية متشددة إلى السلطة مصدر قلق خاص فيما يتعلق بأوضاع النساء وحقوقهن في سوريا، فالتفسيرات المحافظة للشريعة الإسلامية التي تتبناها بعض هذه التيارات غالبًا ما تفرض قيودًا على حرية المرأة وحركتها ومشاركتها في الحياة العامة. وبالتالي، يخشى ناشطون في مجال حقوق المرأة من أن يؤدي تعزيز نفوذ هذه التيارات إلى تراجع في المكاسب التي حققتها المرأة السورية في مجالات التعليم والعمل والمشاركة السياسية، وإلى فرض المزيد من القيود على لباسها وسلوكها الاجتماعي.
مستقبل سوريا في ظل التحولات الجديدة
يبقى مستقبل سوريا في ظل هذه التحولات السياسية والدينية الجديدة غير واضح المعالم، فمن جهة، قد يمثل صعود شخصيات من خلفيات اجتماعية ودينية مختلفة محاولة لتوسيع قاعدة النظام وكسب تأييد شرائح جديدة من المجتمع، ومن جهة أخرى، قد يؤدي هذا الصعود إلى خلق توترات داخلية جديدة وتغيير في أولويات النظام وسياساته الداخلية والخارجية، وستكون الفترة المقبلة حاسمة في تحديد مسار هذه التحولات وتأثيرها على مستقبل سوريا واستقرارها.
وقد يكون له تداعيات بعيدة المدى على مستقبل العلاقات بين النظام السوري والمعارضة، وعلى طبيعة السياسات التي ستتبناها سوريا تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
ويرى مراقبون أن هذا التطور قد يؤدي إلى تغيير في موازين القوى داخل النظام السوري، وقد يفتح الباب أمام حوارات ومفاوضات جديدة بين الأطراف السورية المختلفة.
تعليقات