في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى الصناعة المحلية، تستعد مصر لطرح أول سيارة كهربائية مصرية تدخل الأسواق قريبًا، وذلك عبر التعاون بين شركة “النصر للسيارات” التابعة للدولة، وعدد من الشركاء في القطاع الخاص.
وهذا المشروع الطموح يمثل علامة فارقة في مجال التصنيع المصري، ويأتي في توقيت حساس يشهد فيه العالم تحولات كبرى نحو السيارات الصديقة للبيئة.

مشروع وطني بطموحات عالمية
أعلنت شركة النصر للسيارات، إحدى الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، أن المرحلة النهائية لإنتاج أول سيارة كهربائية مصرية قد أوشكت على الاكتمال، وأن موعد طرح السيارة في الأسواق المصرية سيكون خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 4 أشهر.
ويأتي هذا الإعلان وسط حالة من الترقب في السوق المحلية، لا سيما مع الاهتمام المتزايد من شريحة كبيرة من المستهلكين بالسيارات الكهربائية كخيار اقتصادي وبيئي في آنٍ واحد.
ويُنظر إلى هذا المشروع على أنه أحد المشاريع الاستراتيجية للدولة المصرية في مسار التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتعزيز التصنيع المحلي كأداة للتنمية المستدامة وتوفير فرص عمل جديدة.
سعر تنافسي ودعم حكومي محفّز
من أبرز النقاط التي أثارت انتباه المتابعين هي الأسعار التقديرية للسيارة الكهربائية المصرية، إذ تشير التوقعات إلى أن السعر سيتراوح ما بين 200 ألف إلى 250 ألف جنيه مصري، مما يجعلها من أرخص السيارات الكهربائية في السوق مقارنة بالموديلات المستوردة.
ولزيادة جاذبية المنتج، أعلنت الحكومة عن مبادرة دعم للمستهلكين بقيمة 50 ألف جنيه تُخصم من سعر السيارة عند الشراء، وذلك في إطار سياسة الدولة لتشجيع المواطنين على اقتناء المركبات الكهربائية والتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
هذه الحوافز قد تمثل نقطة تحوّل فعلية في توجهات السوق المصرية.
متغيرات الاقتصاد العالمي وانعكاسها على الأسعار
رغم التوقعات الإيجابية، إلا أن الجهات المسؤولة أوضحت أن السعر النهائي للسيارة قد يتأثر بالظروف الاقتصادية العالمية، بما في ذلك أسعار المواد الخام وسلاسل التوريد وأسعار البطاريات الكهربائية التي تشهد تذبذباً في السوق العالمية.
وتُعد هذه المرونة في تسعير السيارة مؤشرًا على رغبة الدولة والقطاع الخاص في طرح منتج محلي قادر على المنافسة، وفي نفس الوقت يحافظ على مستوى اقتصادي ملائم للمستهلك المصري.
نماذج متنوعة تناسب جميع الفئات
المثير في المشروع هو تنوع النماذج التي سيتم إنتاجها ضمن هذه المبادرة، حيث أكدت شركة النصر أن السيارة الكهربائية الجديدة لن تقتصر على نموذج واحد فقط، بل ستشمل:
سيارة ركوب صغيرة تتسع لأربعة أفراد، مناسبة للعائلات الصغيرة أو الشباب.
سيارات ربع نقل كهربائية مخصصة للأعمال التجارية والنقل الخفيف.
مركبات أكبر تتسع لـ 8 أو 9 ركاب، موجهة للاستخدامات المؤسسية أو النقل الجماعي الخفيف.
هذا التنوع يعكس استراتيجية شاملة تستهدف تغطية مختلف احتياجات السوق، من الاستخدام الشخصي إلى المهني، ما يُعزز فرص نجاح المشروع وانتشاره على نطاق واسع.
مكون محلي بنسبة 75%.. والطموح يصل إلى 83%
واحدة من أبرز الإنجازات التي تحققت حتى الآن في المشروع هي الوصول بنسبة المكون المحلي في السيارة إلى 75%، وهو إنجاز كبير بالنظر إلى أن السيارات الكهربائية تتطلب تقنيات متطورة ومعقدة في التصنيع.
ولم تتوقف طموحات القائمين على المشروع عند هذا الحد، بل تم الإعلان عن خطة طموحة لرفع نسبة المكون المحلي إلى 83% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
هذه النسبة، إن تحققت، ستجعل من السيارة الكهربائية المصرية واحدة من أعلى السيارات اعتمادًا على الصناعة الوطنية في المنطقة.
ويُسهم هذا التوجه في تعزيز سلاسل التوريد المحلية، ودعم الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة، وإعادة إحياء الصناعات المغذية للسيارات والتي كانت قد تراجعت خلال العقود الأخيرة.
متى تنطلق أول دفعة رسمية؟
وفقًا لما ذكرته بوابة الزهراء، فإن تحديد الموعد الدقيق لطرح السيارة في الأسواق سيتم بعد الانتهاء من اختبارات الجودة والاعتماد النهائي للنماذج، وهي المرحلة الأخيرة في عملية الإنتاج.
وقد أكدت الشركة أن العمل يسير بوتيرة متسارعة في خطوط الإنتاج والتجهيزات النهائية، وسط رقابة صارمة من الجهات الحكومية لضمان الالتزام بأعلى معايير الجودة العالمية.
خطوة في طريق المستقبل الأخضر
إن دخول أول سيارة كهربائية مصرية إلى الأسواق قريبًا لا يمثل فقط حدثًا اقتصاديًا أو صناعيًا، بل هو رسالة قوية من مصر للعالم بأنها جادة في مسار التنمية المستدامة والاعتماد على الطاقة النظيفة.
كما يعكس المشروع توجه الدولة نحو تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يُسهم في ضبط ميزان المدفوعات وتحقيق الاستقلال الصناعي.
وفي ظل أزمة تغير المناخ، فإن التوسع في إنتاج السيارات الكهربائية يمثل ضرورة بيئية وليست رفاهية، خاصة في دولة مثل مصر تسعى إلى تحقيق أهداف “رؤية مصر 2030” فيما يتعلق بالاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
ختامًا: مستقبل الكهرباء على الطرق المصرية
إن طرح أول سيارة كهربائية مصرية يدخل الأسواق قريبًا ليس سوى البداية.
فالمشروع يمثل نموذجًا لما يمكن تحقيقه عندما تتكاتف الدولة والقطاع الخاص في إطار رؤية واضحة تستهدف التطوير الحقيقي للاقتصاد.
وبينما يترقب الشارع المصري رؤية هذه السيارة على الطرقات خلال الأشهر المقبلة، فإن هناك آمالاً كبيرة بأن يكون هذا الإنجاز فاتحة لمزيد من المشروعات الوطنية التي تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة لخدمة المواطن والبيئة معًا.
تعليقات