الفول السوداني هو ما أظهرت دراسة بحثية حديثة تحولاً جذريًا في فهمنا له في الحميات الغذائية والصحة العامة، متجاوزة الاعتقاد التقليدي بأنه قد يساهم في زيادة الوزن بسبب محتواه العالي من السعرات الحرارية والدهون.
هذه الدراسة، التي بدأت بسؤال بسيط حول تأثيره على الوزن، كشفت عن أسرار صحية مذهلة، بما في ذلك دوره في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، تعزيز الشعور بالشبع، وتحسين الحالة المزاجية.
الفول السوداني .. رحلة بحثية تكشف أسرار مذهلة
أوضحت الدكتورة تشاوبينج لي، رئيسة قسم التغذية السريرية في جامعة UCLA والباحث الرئيسي للدراسة، أن رحلة الدراسة بدأت بسؤال بسيط ومحوري: “هل يسبب الفول السوداني زيادة الوزن لارتفاع محتواه من السعرات الحرارية والدهون؟”.
ولكن بدلاً من الاكتفاء بالإجابة على هذا السؤال، قررت الدكتورة وزملاؤها جمع بيانات إضافية، مما أدى إلى كشف أسرار صحية مخفية أخرى.
فقد وجد أن تناول الفول السوداني كوجبة خفيفة خلال حمية خسارة الوزن ساعد على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، بالإضافة إلى تعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول.
الفول السوداني .. تفاصيل الدراسة ونتائجها على مرحلتين
تضمنت الدراسة 89 مشاركًا تم تقسيمهم إلى مجموعتين على مدار 24 أسبوعًا. طُلب من جميع المشاركين في الدراسة خفض كمية السعرات الحرارية المتناولة يوميًا بمقدار 500 سعرة، مع إضافة وجبة خفيفة محددة لنظامهم الغذائي:
- المجموعة الأولى: تناولت وجبة خفيفة يومية عبارة عن 1.5 أوقية من الفول المخلوط (حوالي 40 جرامًا).
- المجموعة الثانية: تناولت وجبة خفيفة تحتوي على نفس السعرات الحرارية من البريتزل.
المرحلة الأولى (12 أسبوعًا الأولى): سجلت كلتا المجموعتين خسارة في الوزن بغض النظر عن نوع الوجبة الخفيفة المتناولة.
لكن المفاجأة كانت في النتائج الأخرى: المجموعة التي تناولت الفول السوداني شعرت بالشبع بشكل أكبر، بالإضافة إلى انخفاض ملحوظ في ضغط الدم الانبساطي (الضغط في الشرايين أثناء استراحة القلب بين النبضات).
المرحلة الثانية (12 أسبوعًا التالية): خلال هذه المرحلة، عاد المشاركون إلى نظامهم الغذائي المعتاد مع الاستمرار في تناول الوجبات الخفيفة المخصصة لهم.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين تناولوا الفول كانوا قادرين على الحفاظ على وزنهم بشكل أفضل من المجموعة الأخرى التي تناولت البريتزل، مما يشير إلى دور الفول السوداني في الاستدامة طويلة الأمد لإدارة الوزن.

الفول السوداني : ميكروبيوم الأمعاء و”هرمون السعادة”
كشفت الدراسة أنه، إلى جانب خفض ضغط الدم وتعزيز الشعور بالشبع، يحتوي على نسبة عالية من الألياف والبوليفينول.
هذه المركبات تمتلك خصائص البريبايوتكس (Prebiotics)، أي أنها تشكل مصدر غذاء للبكتيريا النافعة في الأمعاء. وبالتالي، يمكن أن يكون للفول السوداني دور مهم في تغيير ميكروبيوم الأمعاء وتقليل البكتيريا الضارة، مما يعود بالنفع على الصحة العامة.
للغوص أعمق في هذه الفوائد، قام الباحثون بتحليل عينات تم جمعها من المشاركين. وقد تم استخدام هذه التحاليل لمعرفة ما إذا كانت التغييرات في ميكروبيوم الأمعاء يمكن أن تفسر العلاقة بين استهلاك الفول وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد، إذ أظهرت الدراسة أنه حتوي على حمض أميني أساسي يُسمى التريبتوفان (Tryptophan). يلعب هذا الحمض الأميني دورًا رئيسيًا في إنتاج السيروتونين، وهو ناقل عصبي مرتبط بتقلب المزاج، ومعروف على نطاق واسع باسم “هرمون السعادة”.
وأظهرت الدراسة أن المشاركين الذين تناولوا الفول السوداني لديهم مستويات أعلى من السيروتونين، مما يشير إلى تحسن في حالتهم المزاجية بشكل عام ومقاومة الاكتئاب .
تُعزز هذه الدراسة من مكانة هذا العنصر كغذاء صحي متعدد الفوائد، ليس فقط في إدارة الوزن وصحة القلب، بل أيضًا في دعم صحة الأمعاء وتحسين الحالة النفسية.
تعليقات