وسط النزاع الدامي المستمر في السودان، يبرز سؤال مؤلم ومحير: لماذا تصر ميليشيات الدعم السريع بشكل متكرر على استهداف وقتل الأطفال والنساء؟ تتواتر التقارير المروعة والشهادات الموثقة التي تتحدث عن فظائع ترتكب بحق المدنيين الأبرياء، مما يثير غضبًا دوليًا واسعًا وتساؤلات عميقة حول دوافع هذه الأعمال الوحشية.
ويظل السؤال الصعب، لماذا تصر ميلشيات الدعم السريع على اغتصاب النساء وقتل المدنيين؟! ذلك أن الخطاب السياسي للدعم السريع يزعم على المستوى السياسي أن ميلشيات الدعم السريع “تقاتل من أجل ترسيخ عملية ديمقراطية في السودان!”.
شهادات مروعة وأرقام مفزعة لضحايا مدنيين في السودان
تتحدث التقارير الواردة من مناطق النزاع عن عمليات قتل عشوائي وقصف يستهدف الأحياء السكنية، مما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، بينهم نسبة صادمة من الأطفال والنساء.
وتتصاعد الأصوات المدوية للناجيات من ويلات الحرب المستمرة في السودان، وهن يروين قصصًا تقشعر لها الأبدان عن العنف الجنسي والاعتداءات الوحشية التي ارتكبها مقاتلون ينتمون إلى قوات الدعم السريع ضدهن.
هذه الشهادات المباشرة، التي بدأت تظهر بشكل متزايد على الرغم من صعوبة الوصول إلى الضحايا وتوثيق الانتهاكات في ظل الظروف الأمنية المتردية، ترسم صورة قاتمة لجزء مظلم من الصراع الدائر، وتكشف عن نمط مقلق من الاستهداف الممنهج للنساء والفتيات.
تفاصيل مروعة للعنف الجنسي والاغتصاب الجماعي، حيث تروي الناجيات تفاصيل مؤلمة عن تعرضهن للاغتصاب الفردي والجماعي على يد عناصر من قوات الدعم السريع، وتتضمن الشهادات وصفًا لاعتداءات وحشية، مصحوبة في كثير من الأحيان بأعمال عنف جسدي وتهديد بالقتل.
وتتحدث الناجيات عن عمليات اقتحام للمنازل واختطاف للنساء والفتيات، واحتجازهن في ظروف قاسية وتعرضهن المستمر للإيذاء الجنسي، وتتفق العديد من الشهادات على وحشية الجناة وعدم اكتراثهم بكرامة الضحايا أو الآثار الجسدية والنفسية المدمرة التي يخلفونها، واستهداف ممنهج للنساء والفتيات كسلاح حرب حيث تشير العديد من التقارير الحقوقية وشهادات الناجيات إلى أن العنف الجنسي يُستخدم في هذا الصراع كسلاح حرب، بهدف ترويع السكان المدنيين وإذلالهم وكسر النسيج الاجتماعي.
ويبدو أن هناك نمطًا من الاستهداف المتعمد للنساء والفتيات، مما يضاعف من حجم المأساة الإنسانية في السودان ويزيد من صعوبة التعافي للمجتمع بأكمله.
صعوبات في التوثيق وتقديم الدعم للناجيات: يواجه توثيق هذه الجرائم وتقديم الدعم للناجيات تحديات هائلة في ظل استمرار القتال وانعدام الأمن في العديد من المناطق السودانية.
وتفتقر العديد من الضحايا إلى الوصول إلى الخدمات الطبية والنفسية والقانونية اللازمة، كما يخشين من وصمة العار والانتقام في مجتمعاتهن.
وتعمل منظمات حقوقية وإنسانية محدودة بإمكانيات شحيحة على محاولة الوصول إلى الضحايا وتقديم المساعدة الممكنة، لكن حجم الاحتياجات يفوق القدرات المتاحة بكثير.
بينما يشير العاملون في المجال الإنساني إلى أن الأطفال أصبحوا هدفًا مباشرًا في بعض الهجمات، سواء بالقتل المباشر أو بالتجنيد القسري واستغلالهم في الأعمال القتالية.
غياب تفسير واضح ودوافع متعددة محتملة
لا يوجد حتى الآن تفسير رسمي أو معلن من قبل ميليشيات الدعم السريع يوضح سبب هذا التركيز المزعوم على استهداف الأطفال والنساء، ومع ذلك، يطرح المحللون والخبراء عدة دوافع محتملة لهذه الأعمال المروعة:
- بث الرعب والترهيب: قد يكون الهدف من استهداف الفئات الأكثر ضعفًا هو بث الرعب والذعر في صفوف السكان المدنيين، بهدف ترويعهم وتهجيرهم من مناطقهم، وبالتالي تسهيل السيطرة عليها.
- إضعاف النسيج الاجتماعي: يمكن أن يكون استهداف النساء والأطفال محاولة لتفكيك البنية الاجتماعية للقبائل والمجتمعات التي تعتبر معادية، من خلال القضاء على جيل المستقبل ورمز الأمومة والحماية.
- الانتقام والعنف العشوائي: في خضم الفوضى والعنف المصاحب للنزاعات المسلحة، قد تقع أعمال قتل عشوائي نتيجة لفقدان السيطرة أو دوافع انتقامية فردية أو جماعية.
- استراتيجية حرب غير تقليدية: يرى بعض المحللين أن استهداف المدنيين قد يكون جزءًا من استراتيجية حرب غير تقليدية تهدف إلى الضغط على الخصوم من خلال إلحاق أكبر قدر من المعاناة بالمدنيين.
- غياب المحاسبة والإفلات من العقاب: قد يشجع الإفلات المستمر من العقاب على ارتكاب المزيد من الفظائع، حيث يشعر مرتكبو هذه الجرائم بأنهم بمنأى عن المساءلة القانونية.
مطالبات دولية بالتحقيق والمحاسبة
تتصاعد الأصوات الدولية المطالبة بفتح تحقيق شامل ومستقل في هذه الانتهاكات المروعة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
وتؤكد المنظمات الحقوقية على ضرورة حماية المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء، وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إليهم، كما تدعو إلى ممارسة أقصى الضغوط على الأطراف المتحاربة لوقف هذه الأعمال الوحشية وضمان عدم تكرارها.
السؤال الصعب يبقى بلا إجابة شافية
يبقى السؤال الصعب حول الدوافع الحقيقية وراء استمرار استهداف الأطفال والنساء في السودان بلا إجابة شافية ومقنعة، ومع استمرار تدفق التقارير المروعة، يزداد الإلحاح على المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية لكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع التي تهز الضمير الإنساني.
إن صمت العالم وتقاعسه عن اتخاذ إجراءات فعالة لوقف هذه الجرائم يمثل وصمة عار على جبين الإنسانية.
تعليقات