تحل اليوم الجمعة 30 مايو 2025 الذكرى الخامسة لرحيل الفنان الكبير حسن حسني، الذي ما زال حضوره مستمرًا رغم غيابه، ليس فقط لأن مشاهد من أعماله تُعاد على الشاشات، ولكن لأن روحه لا تزال حاضرة في ذاكرة الناس، فهو من نوعية الفنانين الذين لا يمكن نسيانهم بسهولة، حتى بعد مرور سنوات على رحيلهم.
نشأة حسن حسني
ولد حسن حسني في 19 يونيو 1936 بحي القلعة في القاهرة، فقد والده في سن صغيرة، فعاش يتيمًا منذ كان عمره 6 سنوات، هذه النشأة القاسية أكسبته حسًّا إنسانيًا واضحًا، وظهر ذلك في تعاملاته وفي أدواره، حتى حين يقدم شخصية شريرة أو قاسية، ينجح في إظهار بعدها الإنساني.
ورغم أنه لم يتحدث كثيرًا عن حياته الخاصة، إلا أن المقربين منه يعرفون جيدًا كم كان عطوفًا وحنونًا، ليس فقط على أسرته، بل على كل من حوله، وربى أبناء زوجته من زواجها الأول، مصطفى وإنجي أشرف فهمي، وكأنهم أولاده، واحتضنهم بحب كامل.

أول خطوة على طريق الفن
بدأ حسن حسني حياته الفنية من باب المسرح، ولكن أول ظهور له على شاشة السينما كان عام 1963 في فيلم “الباب المفتوح” مع الفنانة فاتن حمامة، لم يكن دورًا كبيرًا، لكنه كان كافيًا ليبدأ منه مشوارًا طويلًا امتلأ بالأعمال القوية والمهمة.
عام 1975 كان نقطة تحول كبيرة في حياته، عندما شارك في عدد من الأفلام البارزة مثل “الكرنك” و”أميرة حبي أنا” و”لا شيء يهم”، إلى جانب “الحب تحت المطر”، هذه الأفلام لم تكن فقط ناجحة، لكنها كانت علامات في تاريخ السينما المصرية.
واللافت أن خمسة أفلام شارك فيها حسن حسني دخلت ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهي: “الكرنك”، “سواق الأتوبيس”، “البرئ”، “زوجة رجل مهم”، و”ليه يا بنفسج”، وهو ما يعكس مكانته الفنية الحقيقية.

الجوكر الذي لا يتكرر
كان حسن حسني ممثلًا قادرًا على لعب جميع الأدوار، من الكوميديا إلى التراجيديا، من الشرير إلى الطيب.
لذلك لُقب بـ”الجوكر”، كما أطلق عليه الكاتب الكبير موسى صبري لقب “القشاش”، لأنه كان “يقتنص النجاح” في أي عمل يشارك فيه.
من أبرز مميزاته أنه لم يكن نجمًا يسعى للبطولة المطلقة، بل كان فنانًا يحب العمل نفسه، أيًا كان حجم الدور، المهم عنده هو القيمة، وليس المساحة.
وهذا ما جعله يشارك في عدد ضخم من الأعمال، تجاوز 500 عمل في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة.
على خشبة المسرح وأمام ميكروفون الإذاعة
في المسرح، تألق حسن حسني في عروض لا تُنسى، مثل: “على الرصيف”، “سكر زيادة”، “فلاح فوق الشجرة”، “جوز ولوز”، “عفروتو”، و”حزمني يا”، وكلها مسرحيات حققت جماهيرية كبيرة، خاصة في فترة التسعينيات.
أما في الإذاعة، فقدم أعمالًا مهمة منها: “قشتمر”، “سلام لحضرة الناظر”، “كل هذا الحب”، و”العمر لحظة”، كان صوته مميزًا، وأسلوبه في الإلقاء بسيطًا وجذابًا.
وفي التلفزيون، شارك في سهرات ومسلسلات لا تُنسى، مثل: “الوريث”، “بذور الشك”، و”فندق النجوم الزرقاء”، وحقق فيها نجاحًا واضحًا.

دعم النجوم الشباب
أحد أبرز أدوار حسن حسني في السنوات الأخيرة من حياته لم يكن فنيًا فقط، بل إنسانيًا أيضًا، عندما اختار أن يكون سندًا للجيل الجديد من الفنانين، دعمه لمحمد هنيدي بدأ في مسرحية “عفروتو”، ووقف إلى جانب منى زكي وهاني رمزي، وغيرهم.
وفي السينما، كان ظهوره أشبه بـ”وش الخير” على عدد كبير من النجوم، مثل: أحمد السقا في “أفريكانو”، محمد سعد في “اللمبي”، أحمد حلمي في “ميدو مشاكل”، كريم عبد العزيز في “الباشا تلميذ”، هاني رمزي في “جواز بقرار جمهوري”، علاء ولي الدين في “عبود على الحدود”، وحتى رامز جلال، وحمادة هلال، وشيكو وهشام ماجد وأحمد فهمي.
خسارات شخصية
رغم ابتسامته الدائمة وحب الناس له، إلا أن حياة حسن حسني لم تكن سهلة، كان أكثر موقف هزه نفسيًا هو وفاة الفنان علاء ولي الدين، حيث قال عنه: “كان زي ابني”، وظل حزينًا عليه فترة طويلة.
لكن الجرح الأكبر في حياته كان عام 2013، عندما توفيت ابنته “رشا” بعد صراع مع المرض، هذا الحدث أثّر عليه بشكل كبير، وظهر الحزن في ملامحه حتى بعد سنوات.
الرحيل المفاجئ
في 30 مايو 2020، رحل حسن حسني عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد إصابته بأزمة قلبية مفاجئة. نُقل إلى المستشفى لإجراء قسطرة في القلب، لكنه دخل في غيبوبة استمرت 4 ساعات فقط، ثم فارق الحياة.
خبر وفاته نزل كالصاعقة على الوسط الفني والجمهور، لأنه كان فنانًا حاضرًا حتى آخر لحظة، لم يكن مبتعدًا، ولم يشعر أحد بأنه مريض، لذلك كان رحيله صادمًا.
لكن رغم الغياب، لا تزال أعماله تملأ الشاشات، ولا تزال ذكراه حاضرة في قلوب جمهوره ومحبيه، حسن حسني لم يكن مجرد فنان، بل كان نموذجًا نادرًا للفنان الحقيقي الذي يعطي بلا حدود، ويحب من قلبه، ويظل حاضرًا حتى وهو غائب.
تعليقات