رد الدكتور مظهر شاهين، الداعية والمفكر الإسلامي، على ما أثير حول تحريم رؤية الابن لأمه بملابس بيتها المحتشمة، أو يمنعونه من الجلوس في حجرها أو النوم في حضنها، مؤكدا أن هذا التعميم لا يستند إلى دليل شرعي من كتابٍ أو سنة، ولا قال به أحدٌ من أهل العلم المعتبرين على هذا النحو المطلق.
وأضاف «شاهين»؛ في تصريح خاص لـ «الحرية»، أن هذا التحريم هو محض خلط وتشويش بعيد عن التأصيل الشرعي، وكلامٌ يُعبّر عن اضطراب في الفهم وضعف في البناء الفقهي، لما فيه من نشرٍ للريبة، وتفكيكٍ للأسرة، وزرعٍ للوساوس في العلاقات النقية بين الأمهات وأبنائهن، وهي علاقات قامت على الفطرة، واستقرت على المودة والسكينة.
وأوضح الداعية والمفكر الإسلامي، أن هذا التعميم في الأحكام ضربٌ من الجهل الشرعي، لأنه يعارض أصول الفقه، ويخالف ما استقر عليه عمل الأمة وسلوك سلفها الصالح، من اعتبار العلاقة بين الأم وولدها علاقة رحمة ومودة، لا مظنّة ريبة ولا محل شبهة.
الحكم الشرعي المؤصّل
وأشار إلى أن جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة اتفقوا على أن عورة المرأة أمام محارمها – كالابن – هي ما بين السرة والركبة، بشرط عدم وجود شهوة أو ريبة.
▪ قال الإمام النووي (الشافعي) في روضة الطالبين (1/284): “يجوز نظر المحرم إلى ما عدا ما بين السرة والركبة مما جرت العادة بكشفه في البيت، كالذراعين والرأس والقدمين.” ▪ وقال ابن قدامة (الحنبلي) في المغني (6/555): “يجوز النظر إلى ما لا يباح للأجانب، مما جرت العادة بكشفه، ولا يقصد الشهوة.” ▪ وقال السرخسي (الحنفي) في المبسوط (10/152): “مع المحرم يجوز النظر إلى الرأس والصدر والقدم، لأن ذلك لا يكون عادة محل شهوة.
وفي حكم ملابس البيت والعرف والعورة
وحول هذا الحكم، قال «شاهين»، إن الملابس المنزلية الفضفاضة – كـ”البيجامة” أو “الجلابية الواسعة” – لا تُعد عورة في ذاتها، ولا يحرم على الابن رؤيتها ما دامت لا تكشف ما يجب ستره، ولا تبرز الجسد بطريقة مثيرة.
وتابع بأن الفقهاء قد قرروا أن العرف المعتدل معتبر ما لم يُخالف نصًا شرعيًّا، وقد جرى عرف المسلمين على التساهل في كشف ما عدا العورة المغلظة في البيوت.
حكم الاحتضان والجلوس في حجر الأم
وحول هذا الحكم أيضا، قال إنه لم يرد في الشريعة نهيٌ عن نوم الابن في حضن أمه أو جلوسه في حجرها، ما دام ذلك في حدود العلاقة السوية، ولم تُرصد ريبة أو شهوة.
▪ قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار (6/202): “الأصل في المحارم الجواز، إلا إن وُجدت ريبة أو خُشيت فتنة، فيُمنع سدًّا للذريعة.”
خطأ الفرد لا يُبطل الأصل الشرعي
وشدد على أنه من القواعد المقررة في الفقه أن وقوع خطأ فردي لا يبرر قلب الحكم العام أو تحريم الأصل المشروع.
▪ قال الإمام الشاطبي في الموافقات (5/135): “الاعتبار بالعموم لا بالخصوص، فلا يُترك الأصل لأجل فاسد خرج عنه.
واختتم الداعية والمفكر الإسلامي، بأن التشدد غير المؤصل في هذه القضايا لا يخدم الدين ولا يحقق مقاصد الشريعة، بل يفسد فطرة العلاقات الأسرية، ويشيع الريبة بين الأمهات وأبنائهن، وهو ما يخالف روح الإسلام وتعاليمه الوسطية. والواجب على من يتصدر للكلام في هذه المسائل أن يتحرى العلم والإنصاف، وأن يفرق بين التوجيه الوقائي المشروع، والتحريم المطلق الذي لا دليل عليه.
. .atf5
تعليقات