محمد سعد عبد اللطيف يكتب: غموض في سماء القاهرة.. تحذيرات مبهمة تربك الشارع المصري

شهدت الساحة المصرية في الأيام الأخيرة حالة من الارتباك والقلق بعد تصريحات غامضة أطلقها عدد من الإعلاميين المعروفين بقربهم من دوائر الحكم، تحدثوا فيها عن “حدث كبير وشيك”، دون أن يُفصح أي منهم عن طبيعة هذا الحدث أو توقيته. كلمات مشحونة بالتحذير والتهويل ألقيت في برامج تلفزيونية وصحف قومية، فأثارت تساؤلات أكثر مما قدمت إجابات، وفتحت باب التكهنات على مصراعيه.

وفي ظل هذه الأجواء الضبابية، وجدت شريحة واسعة من المصريين أنفسها أمام موجة جديدة من الغموض، في وقت يعاني فيه الشارع أصلًا من ضغوط اقتصادية واجتماعية متراكمة. بدا الأمر وكأن هناك محاولة منظمة لتهيئة الرأي العام لتغيرات مفصلية قد تكون صادمة، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي، من دون تقديم أي تفسيرات منطقية أو معلومات موثوقة.


الخطاب الموحد رغم تنوع المنابر – من الحديث عن “صدمات قادمة” إلى “حدث جسيم” و”قلق بالغ” – يطرح تساؤلات حقيقية حول ما إذا كانت هذه التصريحات مبنية على معلومات فعلية تتعلق بعمليات مرتقبة أو تهديدات أمنية، أم أنها تأتي في إطار تهيئة الرأي العام لتحولات سياسية أو اقتصادية قد تكون قاسية أو غير شعبية.

من بين السيناريوهات المتداولة بين المتابعين، تصعيد محتمل في الملف الفلسطيني وتأثيره على الدور المصري، أو ربما تغييرات داخلية مرتقبة قد تمس البنية السياسية أو السياسات الاجتماعية والاقتصادية. كما لا يُستبعد أن تكون هناك رسائل موجهة للخارج أكثر منها للداخل، في سياق لعبة توازنات إقليمية بدأت تتغير ملامحها بوتيرة متسارعة.

لكن الأخطر من ذلك كله، هو أن يُستخدم هذا النوع من الخطاب الغامض كأداة للتهيئة النفسية أو التخويف الجماعي. فالشعوب لا تُدار بالتحذير من المجهول ولا بالإيحاءات المبهمة، بل بالمكاشفة والمسؤولية. الشفافية في وقت الأزمات ليست ترفًا، بل ضرورة وطنية تعزز مناعة المجتمع وتقوي ثقته في مؤسساته.

إن إطلاق رسائل غير واضحة للرأي العام في هذا التوقيت الحرج قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ويزيد من منسوب القلق بدلًا من أن يحقق “الاحتواء النفسي” المطلوب. المطلوب هو إعلام مسؤول، يتحدث إلى الناس لا عنهم، ويكشف الحقيقة بدلًا من التلميح بها.


ويبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن بالفعل على أعتاب حدث جسيم؟ أم أن ما يحدث هو مجرد تمهيد لمفاجأة قد لا تكون في مصلحة المواطن العادي؟ في كل الأحوال، فإن الغموض لم يعد سلاحًا ناجعًا في زمن تتسرب فيه المعلومات عبر كل وسيلة رقمية، ويحتاج فيه المواطن إلى الثقة، لا التهويل.

. .121j

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *