عبد الغني الحايس يكتب لـ”الحرية”: أنياب الديمقراطية

تغنينا بالحوار الوطني، وجلساته، ومواضيعه، ومناقشاته، وتباري الجميع باختلاف أيدولوجياتهم السياسية، في أطروحاتهم للنهوض بالجمهورية الجديدة.

لا شك أن كان الجميع مخلص في البحث والتنقيب، والطرح، الذي حول الأحزاب الي خلية نحل، لتعمل بجد وإخلاص، فقد فتحت لها نافذة ليراها الجميع في عرضها لرويتها، وأفكارها، وبرامجها، التي تهدف لصالح الوطن والمواطنين.


مع ايماني أن الاختلاف سنة طبيعية، لكنهم استطاعوا (المعارضة) ان يتغلبوا على ايدولوجياتهم المختلفة ويتلفوا حول مائدة الحوار الوطني. لدرجة زن البعض طالب باستمرارية انعقاده. وخصوصا مناقشة كل ما يواجه الوطن من تحديات.

ولأن التنوع في الآراء يخدم الدولة المصرية، ويحفظ لها استقرارها، ويخدم صانع القرار في قراءة المشهد من كل جوانبه، وكذلك اكتشاف حلول مختلفة، والاطلاع علي وجهات نظر أيضا مختلفة.

وكان من ضمن جلسات الحوار الوطني مناقشة قانون التمثيل السياسي والانتخابي الأمثل، وعرض كل طرف وجه نظره، ولم يحدث توافق علي الاتفاق علي النظام الانتخابي الأفضل.

كان هناك اتفاق علي النظام الفردي بين الجميع، لكن لم يتم الاتفاق علي نظام القوائم.


ففريق يري ان القائمة المغلقة المطلقة هو الأنسب، لأنها تحقق النسب الدستورية لسبع فئات ينص الدستور علي تمثيلهم.

وفريق يري ان القوائم النسبية الأمثل، وباستطاعتها تحقيق النسب الدستورية للفئات المراد تمثيلها، وقد أوضحوا طريقة تحقيق ذلك، كذلك طرحت رؤي اخري تحقق ما تبغيه الأغلبية من تحقيق النسب الدستورية، وان يتم إقرار قوائم مغلقه مطلقه مع قوائم نسبية والنظام الفردي.

وكان تأمل أحزاب المعارضة، والأحزاب التي ليس لها تمثيل برلماني ان تسمح الدولة بخلق تعددية سياسية بشكل حقيقي، وتقر النظام النسبي، لتكسر جمود الحياة السياسية، التي انتعشت أثناء الحوار الوطني، وان تسمح بالتعددية السياسية.

انما طمست أحزاب الأغلبية بالبرلمان بالحلم المشروع لباقي الكيانات السياسية، ولم تسمح لها بالنهوض، بل تعمدت تقويض الحياة السياسية، بتقديمها مشروع قانون بتعديل بعض احكام قانون مجلس النواب الصادر بقانون رقم ٤٦ لعام ٢٠١٤ والقانون رقم ١٧٤ لعام ٢٠٢٠ بشأن تقسيم الدوائر لمجلس النواب، وكذلك تعديل بعد احكام قانون مجلس الشيوخ رقم ١٤١ لعام ٢٠٢٠.


من الطبيعي قانون مقدم من الأغلبية في المجلس سوف يتم اقراره عند عرضه في البرلمان، وهذا ما حدث، ووسط رفض الأقلية داخل البرلمان، او عند مناقشته في مجلس الشيوخ.

وخرجت الأغلبية عبر ممثليها عبر كل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، وتحت القبة، تبرر موقفها بأنه النظام الأفضل، والذي يراعي النسب الدستورية، ومتطابق مع المادة ٨٧ في الدستور، وكذلك المادة ١٠٢ التي تلزم المشرع بالتقسيم العادل للدوائر الانتخابية، وانه قانون يرسخ مبدأ العدالة، والمساواة، والتوازن وكل الجمل الرنانة البلاغية تضمنت مدخلاتهم وطرحهم.

وعلي طريقة الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا تم إقرار القانون، بدون النظر على انه هذا النظام يخنق الحياة السياسية، ويهدر أصوات الناخبين، العازفين أصلا عن المشاركة ايمانا بالمثل السابق.

وعلي الطرف الاخر تقف المعارضة، بل والأقلية بالبرلمان عاجزة عن تمرير مشروعها، التي تراه انقاذا للحياة السياسية، بل انقاذا لمصر، وكل ما توجهه الدولة المصرية.

وان الحوار الوطني كان أكذوبة، ومجرد مكلمة، تم استحضارنا فيه لنؤمن اننا شركاء في الحلم، وبناء الجمهورية الجديدة، وان الحوار بناء وشراكة ممتدة، وليس اقصاء متعمد، لكن ما حدث هو اقصاء، وقتل الحلم بالتعددية السياسية، وعدم احترام صوت المواطن، الذي يذهب صوته ادراج الرياح في نظام انتخابي ظالم، لا يضمن التمثيل العادل، ولا اختيار للمرشح الأفضل.


فانتبهوا أيها السادة فإن سيارة الوطن تعود الي الخلف، وكان بالإمكان خلق مساحة من لم الشمل، والاشادة بالحوار الوطني الذي تغنينا بمضمونه وبمخرجاته، لكن جاءت التوصيات بما لم يتوافق مع صالح الوطن وليس الأقلية الرافضة للقانون الذي تم اقراره.

فحقا للديمقراطية أنياب .

. .aarh

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *