في واحدة من أكثر الحوادث غموضًا وإثارة للجدل في تاريخ الفن المصري، تعرض المطرب الشعبي أحمد عدوية لمحاولة اغتيال غامضة في 29 يونيو 1989 بفندق ماريوت في الزمالك، الحادثة التي بدأت كسهرة عادية انتهت بمأساة شخصية وفنية لعدوية، وفتحت الباب لتحقيقات مكثفة كشفت تفاصيل صادمة.
بداية القصة: ليلة غامضة في غرفة 750
بعد انتهائه من فقرته الغنائية، تلقى عدوية دعوة من رجل أعمال كويتي لقضاء السهرة في غرفته بالفندق، ووفقًا للتحقيقات، قدم رجل الأعمال مشروبًا لعدوية يحتوي على مزيج خطير من المخدرات، بينها الهيروين والمورفين والكودافين، مما أدخله في غيبوبة استمرت لعدة أشهر.
وكانت أولى الخطوات في التحقيق هو تحديد الشخصيات الرئيسية التي تواجدت في السهرة، وضمت القائمة رجل أعمال كويتيًا يدعى طلال الصبّاح، مضيفة مغربية تُدعى حنان، وطالبة كويتية تُدعى هند شهيد، التي كانت تربطها علاقة سابقة بعدوية.
ووفقًا لتقرير تحريات مباحث الجيزة، بدأت السهرة عندما دعا رجل الأعمال الكويتي عدوية إلى غرفته، حيث قدم له مشروبًا يحتوي على المخدرات، وبعد ساعات، تم العثور على عدوية فاقدًا للوعي بملابسه الكاملة، بينما غادر رجل الأعمال الفندق سريعًا برفقة المضيفة.
وضمن التحقيقات، برزت نقطة خلافية؛ هي أن الطالبة الكويتية هند ذكرت في التحقيقات أنها تركت السهرة مبكرًا، لكنها عادت لتجد عدوية في حالة خطيرة، ومع ذلك، أقوالها كانت متناقضة، إذ أبلغت مدير الفندق عن الحادثة بطريقة توحي بأنها على علم مسبق بما حدث.
دور النيابة: تحليل الأدلة والاتهامات
استمعت النيابة إلى شهادات متعددة، أبرزها شهادة مدير الفندق وسائق عدوية، وأظهرت التحقيقات وجود تقصير في استدعاء الإسعاف بسرعة، مما أدى إلى تفاقم حالة عدوية.
وأكد التقرير الطبي أن المواد المخدرة وُضعت عمدًا في مشروب عدوية، وهو ما أثار تساؤلات حول دافع رجل الأعمال الكويتي، وهو ما جعل النيابة طرحت عدة احتمالات؛ هل كان الأمر محاولة انتقام؟ أم مجرد مزحة ثقيلة؟ ورغم الاتهامات التي وُجهت لرجل الأعمال بمحاولة القتل، تمكّن من مغادرة مصر سريعًا قبل إلقاء القبض عليه، بمساعدة مستشاره القانوني.
الحكم بالإعدام: نهاية مأساوية لخصم عدوية
وبعد سنوات من الحادثة، عاد اسم رجل الأعمال الكويتي، طلال ناصر الصباح، إلى الواجهة، ففي يناير 2007، أصدرت محكمة الجنايات الكويتية حكمًا بإعدامه بتهمة الاتجار بالمخدرات، والتحريات كشفت أنه كان يدير شبكة واسعة لتجارة المخدرات تضمنت كميات ضخمة من الحشيش والكوكايين.
وهذا الحكم كان بمثابة إغلاق لملف شخص أثار الجدل في أكثر من حادثة، أبرزها محاولة اغتيال أحمد عدوية، وعندما سُئل “عدوية” عن حكم الإعدام، قال ببساطة: “يمهل ولا يهمل، وكل ظالم وله يوم. أنا لا أشمت في أحد، لكن هذه نهاية طبيعية لأفعاله”.
ورغم تعافي “عدوية” جزئيًا واستعادته القدرة على الغناء بعد سنوات، إلا أن الحادثة تركت أثرًا عميقًا على حياته ومسيرته الفنية، وبقيت التساؤلات حول الدافع الحقيقي وراء محاولة اغتياله جزءًا من لغز لم يُحَل بالكامل.
تعليقات