بعد الإفراج عن طفل المرور.. هل القانون لا يُطبق على الجميع؟ غضب يجتاح السوشيال ميديا

تتفاقم مشاعر الغضب على السوشيال ميديا، بعد عودة طفل المرور إلى واجهة الجدل، عقب تورطه في واقعة اعتداء وحشي على طالب يدعى يوسف خالد، نُقل على إثره إلى العناية المركزة في حالة حرجة.

تساؤلات كثيرة يطرحها المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي: لماذا لم يُحاسب الطفل بالشكل الذي يليق بجريمته؟ وهل كونه نجل مستشار قضائي يكفل له الإفلات من العقاب مرة تلو الأخرى؟


الغضب  هذه المرة لم يكن فقط بسبب الواقعة، بل بسبب ما وصفه البعض بـ”المعايير المزدوجة” في تطبيق العدالة، حيث يرى كثيرون أن الطفل يُعامل باعتباره فوق القانون كونه نجل مستشار قضائي.

ما يزيد من اشتعال الرأي العام، هو المقارنة بين هذه الواقعة وما حدث لنجل الفنان محمد رمضان في نفس الشهر، حيث صدر قرار بإيداعه في دار رعاية اجتماعية بعد أن صفع زميلًا له على وجهه إثر تنمره على لون بشرته.

ورغم أن الواقعة لم تسفر عن إصابات جسيمة، وكان عمر الطفل نجل محمد رمضان 10 سنوات فقط، إلا أن السلطات تحركت سريعًا واتخذت إجراءات حاسمة، في حين تم إخلاء سبيل طفل المرور بكفالة، رغم تسببه في إصابة خطيرة للمجني عليه على إثرها نقل للعناية المركزة.

وسط هذه المفارقات، يطالب المواطنون بحقيق العدالة، ليس فقط للطفل يوسف خالد، بل لمنظومة قانونية متكاملة يجب أن تضمن المساواة والمحاسبة دون تفرقة أو تمييز.


طفل المرور طفل المرور
طفل المرور الواقعة الأولى

طفل المرور الواقعة الأولى (2020)

في أكتوبر 2020، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر طفلاً يقود سيارة فاخرة في أحد شوارع القاهرة. عندما أوقفه رجل مرور وطلب منه الرخص، قابل الطفل الموقف باستهزاء، وأهان الشرطي بألفاظ نابية، ثم فر هاربًا.

تبيّن لاحقًا أن الطفل نجل مستشار بإحدى الهيئات القضائية، ما أثار موجة غضب واتهامات بتطبيق معايير مزدوجة، النيابة العامة استجوبت الطفل وأطلقت سراحه دون عقاب بتعهد والديه.

طفل المرور الواقعة الثانية (2025).. اعتداء في المقطم

في مايو 2025، عاد اسم “طفل المرور” إلى الساحة بعد تورطه في جريمة خطيرة.

بدأت القصة بمشادة كلامية بين الطالب يوسف خالد وفتاة داخل مركز تعليمي.


وفي اليوم التالي، أعدّ الطفل برفقة ثلاثة آخرين كمينًا للطالب أمام المركز، واعتدوا عليه باستخدام عصا بيسبول حديدية.

أسفر الاعتداء عن كسر في الجمجمة ونزيف داخلي، نُقل على إثره الطالب إلى العناية المركزة في حالة حرجة.

التحقيقات كشفت أن الطفل أحد المعتدين الأساسيين، وأمرت النيابة العامة بإجراء تحليل مخدرات له، ووجهت إليه تهمة الشروع في القتل.

رغم خطورة الاتهامات، تم إخلاء سبيله بكفالة مالية قدرها 20 ألف جنيه، وهو القرار الذي أثار استياء شعبيًا كبيرًا، واعتُبر استمرارًا للتساهل معه كما حدث في الواقعة الأولى.

اقرأ أيضا: ليست حالة فردية.. أزمة الشاب المصري مع كفيله السعودي تثير موجة غضب على السوشيال ميديا


طفل المرور طفل المرور
طفل المرور في الواقعة الثانية

غضب واسع على السوشيال ميديا بعد إخلاء سبيل طفل المرور

أثار قرار إخلاء سبيل “طفل المرور” بكفالة قدرها 20 ألف جنيه موجة واسعة من التعليقات الغاضبة على السوشيال ميديا، حيث عبّر كثيرون عن شعورهم بعدم المساواة أمام القانون.

قال أحد المعلقين: “معتقدش إن في حد ها يسمعك أصلًا، الأمور محسومة ومعروفة ها ترسي على إيه، كله رد جمايل”، بينما أضاف آخر بسخرية: “قالها أحمد الزند: إحنا أسياد البلد”.

وأشار ثالث إلى غياب الردع قائلًا: “من أمن العقوبة أساء الأدب”، معتبرًا أن ما حدث هو نتيجة طبيعية للتهاون السابق.

وأكمل آخر: “ما حدث مع طفل المرور ليس سوى نتيجة طبيعية، حين يفلت المخطئ من الحساب لا يراجع نفسه، بل يتمادى ويتحول الخطأ إلى عادة، والعادة إلى خطر”.

وتابع حين لا يكون حاضرًا بقوة، تضعف هيبة الدولة، ويصبح المجتمع ساحة للفوضى. الردع مش انتقام، الردع حماية للمجتمع”.

في المقابل، أعرب عدد من المتابعين عن دعمهم الكامل للضحية يوسف، مرددين:
“#حق_يوسف_لازم_يرجع، #حق_يوسف_لازم_يرجع.

وانتقد معلق آخر قرار الإفراج قائلًا: “إزاي يطلع بكفالة؟ لو كان حد غلبان ومالوش ضهر، كان أخد استمرار يا حكومة”.

بينما أطلق عليه أحدهم اسمًا ساخرًا: “اسمه عجل المرور”.

ورأى آخرون أن هناك تمييزًا واضحًا، فقال أحدهم: “البلد بلدهم، ويعملوا اللي عايزينه، في إيه؟ سيبوا الناس تاخد راحتها في بلدهم”.

أما الجانب الإيماني والوجداني فقد ظهر في تعليقات مثل: “اتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله”، و”لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حسبي الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون”.

واختتم البعض تعليقاتهم بسخرية قائلين: “قانون سكسونيا على رأي الزعيم”.

تعكس هذه الموجة من التعليقات حالة غضب عارمة لدى قطاع كبير من المواطنين، الذين رأوا أن العدالة لا تُطبق بالتساوي، وأن الإفلات من العقاب يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى.

طفل المرور طفل المرور
آراء الجمهور
طفل المرور طفل المرور
آراء الجمهور

عقوبة الضرب في القانون المصري 

في القانون المصري، تختلف العقوبات على الاعتداء بالضرب أو التسبب في جروح حسب عمر الجاني وشدة الإصابة.

إذا كان الجاني فوق 18 سنة، فالعقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة للضرب البسيط، أما إذا نتج عن الضرب عاهة مستديمة فيُعاقب بالسجن من 3 إلى 5 سنوات، وإذا أدى الاعتداء للوفاة دون قصد القتل، تكون العقوبة السجن من 3 إلى 7 سنوات وفقًا للمواد 240 و236 من قانون العقوبات.

وتُشدد العقوبة في حالات استخدام السلاح أو الاعتداء على موظف عام أثناء تأدية عمله.

أما إذا كان الجاني أقل من 18 سنة، فيُطبق قانون الطفل الذي يركز على الإصلاح والتأهيل بدلاً من العقاب الشديد.

فمن هم دون 15 سنة لا يُعاقبون جنائيًا بل يُتخذ في حقهم تدابير احترازية مثل الإيداع في مؤسسات رعاية، أما من هم بين 15 و18 سنة، فتُحاكمهم محكمة الأحداث بعقوبات مخففة تشمل الحبس في مراكز تأهيلية أو تدابير إصلاحية أخرى.

يمكن أيضًا في بعض الحالات التصالح بين الطرفين، مما يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجنائية.

طفل المرور طفل المرور
المستشار أحمد أكرم

جنحة الضرب شروط ثبوتها والعقوبات المنصوص عليها في القانون المصري

قال المستشار الدكتور أحمد أكرم عبر صفحته الرسمية على فيسبوك : “يحمي القانون حياة الإنسان وسلامة جسده من الاعتداءات، ولهذا فقد خصص المشرع في قانون العقوبات المصري مواد محددة (236، 240 إلى 244) لتنظيم جرائم الضرب والجرح وإعطاء مواد ضارة.

وتشترك هذه الجرائم في ضرورة وجود ركنين أساسيين: محل الاعتداء وهو سلامة جسم الإنسان، والركن المادي وهو السلوك الإجرامي الذي يتجلى في فعل الضرب أو الجرح أو إعطاء مواد ضارة.

يُعرّف الضرب بأنه الاعتداء على جسم الإنسان بالضغط أو الصدام دون أن يؤدي إلى تمزق أنسجة الجسم، ولا يشترط لقيام الجريمة وجود آثار جسدية ككدمات أو رضوض، بينما الجرح هو الاعتداء الذي يؤدي إلى قطع أو تمزيق أنسجة الجسم، وقد يشمل التسلخات أو الحروق.

تُعتبر جنحة الضرب بسيطة إذا لم تتجاوز مدة العلاج أقل من 20 يومًا، وتتصاعد العقوبات إذا كانت الإصابة أدت إلى مرض أو عجز لأكثر من 20 يومًا أو إذا حدثت الجريمة بوسائل مشددة كاستعمال السلاح أو ضد موظفين أثناء عملهم.

أركان جريمة الضرب تتطلب فقط تعمد الفاعل للضرب، فلا يشترط قصد خاص غير ذلك.

أما شروط ثبوت الجنحة فتتطلب توثيق الواقعة بمحضر رسمي في قسم الشرطة، وشهادة مسئول الشرطة، وتقرير طبي موثق خلال 12 ساعة من وقوع الاعتداء، يتطابق مع ما ورد في المحضر من حيث نوع الإصابة والأداة المستخدمة.

العقوبات تتفاوت حسب شدة الإصابة؛ ففي حالة الضرب بدون إصابة لا يعاقب القانون، أما الضرب البسيط فيعاقب بالحبس لعدة أشهر أو غرامة مالية، وفي حالة الضرب المشدد أو إذا استلزم العلاج مدة تزيد عن 20 يومًا فتكون العقوبة أشد بالسجن أو الغرامة أو كلاهما.

وإذا أدى الضرب إلى عاهة مستديمة أو وفاة المجني عليه، فتتحول العقوبة إلى جنائية تتراوح بين السجن المؤبد أو المشدد حسب ظروف الواقعة وسبق الإصرار.

كما يلعب التقرير الطبي دورًا محوريًا في إثبات الواقعة، لكنه لا يعتبر دليلًا قاطعًا بحد ذاته بل قرينة تحريك الدعوى، ويتطلب إعداد التقارير معايير فنية دقيقة لأن التلاعب فيها قد يؤدي إلى إدانات أو إخلاءات سبيل خاطئة.

من بين نقاط ضعف الدفاع شيوع التأخر في الإبلاغ، التناقض بين أقوال المجني عليه والتقرير الطبي، وعدم وجود إثبات شخصية أثناء الكشف الطبي، وعدم إجراء معاينة دقيقة من الشرطة.

لذلك على الدفاع استغلال هذه الثغرات بدقة لرفع الدفوع القانونية المناسبة، مع أهمية توثيق كل تفاصيل الواقعة بدقة لضمان إنصاف المتهم في قضايا الضرب”.

اقرأ أيضا: الكيل بمكيالين في قضايا العملات الأجنبية.. لماذا يُحاسب البعض ويُستثنى آخرون؟

. .00vl

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *