تحل اليوم السبت 26 أبريل 2025، ذكرى ميلاد الفنانة الراحلة هالة فؤاد، التي ولدت في مثل هذا اليوم من عام 1958، وتركت رغم عمرها القصير إرثًا فنيًا وإنسانيًا لا يُنسى.
وكانت هالة فؤاد صاحبة وجه ملائكي وأداء رقيق جعلها تحفر اسمها في قلوب المشاهدين، حتى رحلت مبكرًا بعد رحلة قصيرة مليئة بالحب والألم.
بداية الحكاية
ولدت هالة أحمد فؤاد لأسرة فنية، فهي ابنة المخرج السينمائي الكبير أحمد فؤاد، وعلى عكس كثيرين من أبناء الوسط الفني، لم تعتمد هالة على نفوذ والدها في بناء مشوارها، بل سعت لإثبات موهبتها بنفسها.
ظهرت للمرة الأولى أمام الكاميرا وهي لا تزال في عمر العامين، في مجموعة من الأفلام التي أخرجها والدها، مثل “العاشقة”، و”إجازة بالعافية”، و”رجال في المصيدة”، ليكون ذلك اللقاء المبكر مع الكاميرا بمثابة بداية قصة عشق طويلة للفن.

دراستها
رغم حبها الكبير للفن، درست هالة فؤاد في كلية التجارة، وحصلت على بكالوريوس التجارة عام 1979، إلا أن الفن كان يسكن قلبها منذ الطفولة، حيث كانت تحضر جلسات تصوير الأفلام التي كان والدها يقيمها داخل البيت، وكانت هذه الأجواء السينمائية تنعكس على أحلامها وشغفها بالتمثيل.
وفي حديث تليفزيوني نادر سُجل عام 1986، اعترفت هالة بأن تلك الجلسات والتجهيزات وراء الكواليس كانت السبب الأول في تعلقها بعالم الفن.
نرشح لك: هالة فؤاد… مسيرة فنية قصيرة لفتت انتباه الجمهور
انطلاقة مبكرة ونجاحات متتالية
بدأت هالة مسيرتها الفنية الجادة أثناء دراستها الجامعية، حين رشحها المخرج عاطف سالم لدور مهم في فيلم “عاصفة من دموع”، ولم تخيب التوقعات، بل أبهرت الجميع بأدائها الصادق والعفوي، لتحصل عن دورها على جائزتين الأولى من جمعية الفيلم، والثانية من المجلس الأعلى للثقافة.
توالت بعدها الترشيحات، وبرزت في أدوار البطولة، مثل دورها في فيلم “مين يجنن مين” أمام عملاقي السينما محمود ياسين وحسين فهمي، وهو العمل الذي رسّخ مكانتها كنجم قادم بقوة.

أبرز أعمالها
رغم قصر مشوارها الفني، قدمت هالة فؤاد مجموعة من الأفلام والمسلسلات التي ما تزال حاضرة في الذاكرة، منها فيلم العاشقة، وسجن بلا قضبان، ورجال في المصيدة، والحدق يفهم، والبنت اللي قالت لأ.
أما على شاشة التليفزيون، فقد تألقت في مسلسلات مثل الحرمان، والحياة مرة أخرى، الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين، وهو العمل الذي جمعها بالفنان أحمد زكي.
حب وزواج انتهى بالألم
لم تكن حياة هالة فؤاد الخاصة أقل درامية من أدوارها الفنية. خلال تصوير مسلسل “الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين”، نشأت بينها وبين الفنان أحمد زكي قصة حب، تُوجت بالزواج عام 1983. ورُزقا بابنهما الوحيد، الفنان الراحل هيثم أحمد زكي.
لكن سرعان ما دبت الخلافات بينهما، إذ طلب أحمد زكي من هالة التفرغ لحياتهما الأسرية واعتزال الفن، وهو ما لم تتقبله هالة التي كانت في أوج تألقها الفني، ومع رفضها الابتعاد عن التمثيل، وقع الطلاق، ليكمل كل منهما طريقه بمفرده.

قرار الاعتزال وتغير الحياة
في عام 1990، وبعد تجربة زواج جديدة من رجل الأعمال عز الدين بركات وإنجابها ابنها الثاني رامي، بدأت رحلة جديدة تمامًا لهالة فؤاد.
عانت أثناء الولادة من مضاعفات صحية خطيرة، جعلتها تعيد التفكير في أولوياتها، وقررت الابتعاد عن الأضواء، وارتدت الحجاب، وابتعدت تدريجيًا عن الساحة الفنية، مفضلة حياة أسرية هادئة بعيدة عن الشهرة.
معاناة المرض والرحيل الحزين
لم تدم الراحة طويلاً، فسرعان ما بدأت معاناة أخرى مع المرض، حيث أصيبت هالة فؤاد بسرطان الثدي، وسافرت إلى فرنسا للعلاج، وظن الجميع أنها قد انتصرت عليه، لكنها وللأسف، تعرضت لانتكاسة، وعاد المرض يهاجم جسدها النحيل.
دخلت في غيبوبات متقطعة، واشتد عليها الألم، حتى فارقت الحياة يوم 10 مايو 1993، وهي لم تتجاوز الخامسة والثلاثين من عمرها، تاركة خلفها 23 عملًا فنيًا فقط، وكثيرًا من الحب والوجع في قلوب من أحبوها.
إرث لا ينسى
اليوم، وبعد مرور عقود على رحيلها، ما تزال هالة فؤاد حاضرة في وجدان جمهورها، فوجهها البريء، وابتسامتها الخجولة، وصوتها الهادئ، وأدوارها التي جسدت رقة الفتاة المصرية، كلها تجعلها واحدة من نجمات الزمن الجميل، اللاتي لا يغيبن عن الذاكرة.
كانت هالة فؤاد مثالًا للفنانة التي أحبها الناس ببساطتها وصدقها، ورغم أنها رحلت مبكرًا، إلا أن قصة حياتها تظل رسالة محبة لكل من يؤمن أن الجمال الحقيقي لا يقاس بعدد السنين، بل بصدق المشاعر وجمال الروح.
تعليقات