يستعد الكينج محمد منير لطرح ألبوم غنائي جديد خلال صيف 2025، بعد أن انتهى من وضع اللمسات النهائية عليه.
ويضم الألبوم تعاونات مميزة مع مجموعة من الشعراء والملحنين، منهم: هالة زيات، مصطفى حدوتة، منة القيعي، تامر حسين، كوثر مصطفى، وأحمد زعيم، عزيز الشافعي، إيهاب عبد الواحد، والراحل محمد رحيم.
ويشارك في التوزيع الموسيقي عمرو عبد الفتاح وأسامة الهندي، ويتولى أمير محروس مهام الـ”ميكس والماستر”، على أن تُطرح أغاني الألبوم تدريجيًا عبر المنصات الرقمية.
وفي لفتة إنسانية، زار الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، الفنان محمد منير في منزله لتسليمه تكريم “يوم الثقافة المصرية”، بعد أن حالت ظروفه الصحية دون حضور الاحتفالية الرسمية، في تقدير رمزي لمسيرته الفنية الحافلة.
منير لم يكن مجرد مطرب، بل “حالة” فنية نادرة، جمع بين الأصالة والحداثة، بين تراث الجنوب وروح المدينة، فاستحق عن جدارة لقب “الملك”.
البدايات.. نغمات النوبة تعانق أحلام العاصمة
وُلد محمد منير في قرية منشية النوبة بمحافظة أسوان في 10 أكتوبر 1954، وكانت طفولته مغموسة في البيئة النوبية ذات السلم الموسيقي الخماسي، الذي شكّل لاحقًا النواة الصلبة لمشروعه الفني.
بعد تهجير النوبيين بسبب بناء السد العالي، انتقل مع أسرته إلى القاهرة، وهناك بدأت رحلته الفنية تتشكّل تدريجيًا.
درس منير في كلية الفنون التطبيقية، التصوير السينمائي، لكن شغفه بالغناء طغى على كل شيء.
استمع إليه الشاعر النوبي عبد الرحيم منصور، الذي رأى فيه مشروعًا غنائيًا مختلفًا، وعرّفه إلى الملحن الكبير أحمد منيب، لتبدأ أهم شراكة موسيقية في تاريخ الأغنية العربية الحديثة.
مشروع فني لا يشبه أحدًا
ما يميز محمد منير عن سواه، أنه لم يأتِ إلى القاهرة باحثًا عن فرص متفرقة، بل جاء حاملاً “مشروعًا غنائيًا” واضح المعالم، قائم على المزج بين موسيقى النوبة، والجاز، والموسيقى الغربية، والكلمات الشعرية العميقة التي تلامس وجدان البسطاء والمثقفين على حد سواء.
كان ألبوم “علموني عنيكي” (1977) هو انطلاقته الحقيقية، لكنه لم يحقق النجاح المنتظر، بعكس ألبوم “شبابيك” (1981) الذي اعتُبر لاحقًا من أهم الألبومات في تاريخ الموسيقى العربية والأفريقية.
انضم إليه في هذا العمل الموسيقار يحيى خليل، ما أضاف له بعدًا موسيقيًا عالميًا.
من المسرح إلى السينما.. منير الفنان الشامل
رغم دراسته للسينما، لم يركن محمد منير كثيرًا للتمثيل، إلا أنه كلما وقف أمام الكاميرا، ترك بصمة لا تُنسى. تعاونه مع المخرج يوسف شاهين في أفلام “اليوم السادس”، و”المصير”، شكل منعطفًا هامًا في مسيرته.
إذ أصبح أكثر من مطرب، فقد صار وجهًا سينمائيًا يعكس قضايا الحرية والعدالة، وغنى “علي صوتك بالغنا” في زمن كانت فيه الأغاني تباع بالصمت.
كما شارك في مسلسلات مثل “جمهورية زفتى” و”المغني”، والمسرحيات مثل “الملك هو الملك”، مؤكدًا أنه ليس فقط مطربًا، بل فنان متعدد المواهب.
الجوائز والتكريمات.. الملك في عيون العالم
لم تمر تجربة محمد منير مرور الكرام على صناع الموسيقى في العالم.
فاز بجائزة السلام من قناة CNN عن ألبوم “الأرض السلام”، كما حصل على الجائزة البلاتينية من شركة يونيفرسال عن دويتو “تحت الياسمينا” مع عادل الطويل، والتي حققت أعلى نسب توزيع في ألمانيا.
واختيرت أغنيته “الليلة يا سمرة” ضمن أفضل 50 أغنية أفريقية في القرن العشرين في استفتاء BBC، في حين حصل على الجائزة الماسية من “باما أووردز”، وتكرّمت مسيرته في مهرجان الإسكندرية السينمائي.
أسلوب متفرد.. وصوت لا يشبه إلا نفسه
منير لم يكن أبدًا تقليديًا، لا في صوته ولا في حضوره المسرحي. بملابسه غير الرسمية، وحركاته التلقائية على المسرح، ولهجته المختلطة بين القاهرة والنوبة، كسر الصورة النمطية للمطرب العربي.
لم يرتدِ يومًا “البدلة الرسمية” أثناء الغناء، لكنه ارتدى وجدان الجمهور، من الإسكندرية إلى أسوان.
محمد منير.. صوت الجنوب الذي أصبح نبض الوطن
في زمن تكاد تذوب فيه الهويات الفنية في قوالب جاهزة، يظل محمد منير حالة فريدة، مدرسة قائمة بذاتها، وصوتًا نابعًا من أعماق مصر.
بصوته، غنّى للحرية، للحب، للأرض، وللإنسان، فهو “الملك” الذي لم يجلس على عرش الغناء فقط، بل جلس في قلوب الملايين.
تعليقات