القاهرة (خاص عن مصر)- توفي جيمي كارتر، الرئيس التاسع والثلاثون للولايات المتحدة ورائد في الجهود الإنسانية، يوم الأحد عن عمر يناهز 100 عام في مسقط رأسه بلينز بولاية جورجيا.
وفقا لتقرير يو اي أيه توداي، عُرف كارتر بأنه مدافع ثابت عن السلام وحقوق الإنسان والمساواة، وكانت حياته ومسيرته المهنية مثالاً على التزام عميق بخدمة الإنسانية. وأعلنت عائلته وفاته تكريمًا لإرثه الدائم.
قال نجله، شيب كارتر، في بيان: “كان والدي بطلاً، ليس فقط بالنسبة لي، بل ولكل من يؤمن بالسلام وحقوق الإنسان والحب غير الأناني”.
رئاسة تميزت بالتحديات والإنجازات
تميزت فترة ولاية جيمي كارتر الوحيدة كرئيس (1977-1981) بإنجازات كبيرة وتحديات دائمة. كان كارتر ديمقراطيًا ومزارعًا سابقًا للفول السوداني، وتولى منصبه خلال فترة مضطربة اتسمت بتوترات الحرب الباردة وأزمة الطاقة والديناميكيات الاجتماعية المتطورة.
على الرغم من الصراعات الاقتصادية وأزمة الرهائن في إيران التي ألقت بظلالها على إدارته، إلا أن نهجه المبدئي في الحكم ترك تأثيرًا دائمًا.
والجدير بالذكر أن كارتر توسط في اتفاقيات كامب ديفيد التاريخية، التي عززت السلام بين إسرائيل ومصر، وأعطى الأولوية لحقوق الإنسان باعتبارها حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأمريكية. ومع ذلك، انتهت رئاسته بالهزيمة أمام الجمهوري رونالد ريجان في عام 1981، مما يشير إلى انتهاء فترة استقطاب سياسي.
اقرأ أيضا: أذربيجان تتهم روسيا بحادث تحطم الطائرة وتنتقد الكرملين
صاحب رؤية في القيادة بعد الرئاسة
أعاد كارتر تعريف دور الرؤساء السابقين، وكرس أكثر من أربعة عقود للجهود الإنسانية العالمية. ومن خلال مركز كارتر، الذي أسسه جنبًا إلى جنب مع زوجته روزالين، تناول قضايا حرجة مثل الفقر والمرض وحل النزاعات. وقد أكسبه عمله الدؤوب جائزة نوبل للسلام في عام 2002 عن “إحلال السلام ومحاربة المرض وبناء الأمل”.
لقد امتد تفاني كارتر إلى ما هو أبعد من قاعات الاجتماعات والخطابات. ففي أواخر التسعينيات من عمره، شوهد وهو يبني منازل لمنظمة هابيتات للإنسانية ويدرس في مدرسة الأحد، مجسدًا بذلك أخلاقياته في الخدمة.
صرح كارتر ذات مرة: “يطالبني إيماني بأن أفعل كل ما بوسعي، أينما كنت، ومتى استطعت، وأطول فترة ممكنة، وبكل ما لدي لمحاولة إحداث فرق”.
الجانب الشخصي للقيادة
كان زواج كارتر من روزالين كارتر حجر الزاوية في حياته. فمعًا لمدة 77 عامًا، تقاسم الزوجان شراكة متجذرة في الاحترام المتبادل والغرض المشترك.
لم تكن روزالين، التي توفيت في نوفمبر 2023، شريكة حياته فحسب، بل كانت أيضًا أقرب مستشارة له. قال كارتر بعد وفاتها: “لقد أعطتني التوجيه الحكيم والتشجيع عندما كنت في حاجة إليه”.
لقد ألهم تفاني الزوجين لبعضهما البعض ومهمتهما المشتركة الكثيرين، وتركا إرثًا من الحب والتعاون.
التأثير الدائم والسياسة الاستقطابية
في حين نال عمل كارتر بعد الرئاسة إعجابًا واسع النطاق، أثارت آراؤه الصريحة الجدل أحيانًا. فقد انتقد السياسات الأمريكية في عهد خلفاء مثل جورج دبليو بوش وباراك أوباما وأعرب عن مخاوفه بشأن الاستقطاب السياسي المتزايد.
كانت تحذيراته بشأن حالة الديمقراطية الأمريكية صدى لانتقاداته من عصر نيكسون، مؤكدة على التزامه مدى الحياة بالنزاهة والقيادة الأخلاقية.
أبرزت تصريحات كارتر في عام 2019 ضد إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب انخراطه الدائم في الخطاب السياسي. وعلى الرغم من الطبيعة الاستقطابية لآرائه، ظلت رؤية كارتر لعالم أفضل ثابتة.
إرث يتجاوز السياسة
تجاوزت حياة جيمي كارتر حدود المنصب السياسي. بصفته رئيسًا، سعى إلى تجسيد قيم اللياقة والرحمة. بصفته إنسانيًا، كرس حياته لبناء عالم أكثر عدلاً وسلامًا.
إن رحيله يمثل نهاية حقبة، إلا أن إرثه لا يزال قائماً من خلال مركز كارتر وحياة لا تُحصى لامسها. وقد ترك كارتر خلفه أربعة أطفال و11 حفيدًا و14 من أبناء الأحفاد، وترك وراءه عائلة ومجتمعًا عالميًا مستوحى من عمل حياته.
كما أشار الرئيس جو بايدن بعد زيارة عائلة كارتر في عام 2021، فإن تأثيرهم لا يمحى: “إن الحياة التي غيروها والأمل الذي قدموه للعالم هو شهادة على رحلتهم غير العادية”.
تعليقات