في ظل معركة اللوائح بين وزارة الصحة وهيئة الإسعاف المصرية ونقابة المسعفين، ورغم مرور أكثر من قرن على تأسيسها، تواجه هيئة الإسعاف المصرية أزمات متراكمة، كان أبرزها شكاوى المسعفين من سوء الأوضاع الوظيفية والتمييز في الحقوق المالية مقارنة بنظرائهم من أعضاء المهن الطبية، ومع تصاعد هذه المطالب، تلقي قضية الطفلة صوفيا بظلالها على الهيئة؛ لتعيد فتح ملف اللوائح القديمة والقرارات المثيرة للجدل.
بدل المهن الطبية.. مسعفون خارج الحسابات
في الوقت الذي أعلن فيه الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، عن رفع بدل المهن الطبية، فوجئ العاملون بهيئة الإسعاف بعدم شمولهم بالزيادة، بحجة أنهم يخضعون للوائح تنظيمية خاصة، مما أثار حالة من الغضب بينهم.
وقال مصدر مطلع لـ”الحرية”، إن العاملين تقدموا بشكوى رسمية إلى رئاسة مجلس الوزراء بعد مناشدات للهيئة برئاسة الدكتور عمرو رشيد، والنقابة العامة للمسعفين برئاسة الدكتور وائل سرحان، وذلك احتجاجًا على التمييز المالي، مشيرين إلى أن البدلات التي يحصلون عليها تقل كثيرًا عن تلك الممنوحة لأعضاء المهن الطبية، حيث يحصل العاملون في الهيئة على 500 جنيه فقط بدل عدوى، مقارنة بـ1350 جنيهًا لأعضاء المهن الطبية، و50 جنيهًا بدل سهر مقابل 75 جنيهًا، كما يحصلون على نفس القيمة (50 جنيهًا) بدل مبيت مقارنة بـ115 جنيهًا، أما بدل الوجبة عن يوم عمل يستمر 24 ساعة فلا يتجاوز 20 جنيهًا، في حين يتقاضى الآخرون أكثر من 150 جنيهًا لنفس المدة.

وجاء الرد على الشكوى نقلًا عن الهيئة بأن اللوائح الخاصة التنظيمة هي التي تتحكم في زمام الأمور.
لائحة بلا تمثيل.. ونهاية خدمة مفقودة
أحد أبرز أسباب الأزمة يعود إلى القرار رقم 134 لسنة 2019، الصادر عن وزير الصحة، والذي تضمن لائحة الموارد البشرية الخاصة بهيئة الإسعاف، ووفقًا للمصدر، لم يُستشر أي من العاملين أو أعضاء النقابة في صياغة تلك اللائحة، رغم أنها تنظم حياتهم المهنية والمالية بالكامل.
وأشار إلى أن اللائحة كانت تتضمن مكافأة نهاية خدمة، لكنها عُدلت وألغيت لاحقًا، مما فاقم الإحباط لدى المسعفين، وافتعل أزمة.
انتهاك قانون العمل
على الرغم من قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، الذي يحدد سقف ساعات العمل الأسبوعية بـ48 ساعة، إلا أن المسعفين يعملون حتى 70 ساعة أسبوعيًا، مما وصفه المصدر بأنه “انتهاك صارخ للقانون”.
الطفلة صوفيا.. من المسؤول؟
وفي قضية أثارت الجدل مؤخرًا، حادثة الطفلة صوفيا التي توفيت عقب تأخر في نقلها إلى المستشفى المناسب، بعدما أوضحت التحقيقات أن المسعف توجه لمستشفى خاطئة ثم عاد بعد فوات الأوان، وأعلنت وزارة الصحة عن مساءلته.
وتساءل العاملين عن غياب التوجيه من رئاسة الهيئة، مؤكدين أن التعليمات تمنع نقل الحالات الحرجة دون طبيب مرافق، خصوصًا مع وجود أجهزة مثل الصدمات الكهربائية التي لا يحق للمسعف أو لوالد الحالة استخدامها قانونًا.
وتساءل المصدر: “هل المسعف هو السائق أيضًا؟ من يتحمل المسؤولية عن القرارات الميدانية؟ أين دور الإدارة؟”.
هل تجد المطالب صدى لصنّاع القرار؟
ما بين أعباء مهنية مضاعفة، وحقوق مالية منقوصة، ولوائح لم يشارك العاملون في صياغتها، يواجه مسعفو هيئة الإسعاف المصرية واقعًا يحتاج إلى مراجعة جذرية، فهل تجد هذه المطالب صدى لدى صنّاع القرار؟
تعليقات