تُعدّ ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة من أبرز ميزات هذا اليوم المبارك، إذ وردت أحاديث عديدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم تؤكد وجود ساعة يُستجاب فيها الدعاء.
ومع ذلك، فإن تحديد هذه الساعة ظلّ مثار جدل واجتهاد بين العلماء، استنادًا إلى اختلاف الروايات النبوية.
ساعة الاستجابة في الأحاديث النبوية
جاءت أحاديث متعددة توضح وجود ساعة استجابة يوم الجمعة، ومنها:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً، لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ” (رواه مسلم).
حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: “هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ” (رواه مسلم).
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: “التَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ” (رواه الترمذي).
اختلاف العلماء في تحديد الساعة
تفرقت آراء العلماء حول وقت هذه الساعة، حيث أوصل الحافظ ابن حجر عدد الأقوال إلى 43 قولًا، واعتبر أن أبرز الأقوال تنحصر في اثنين:
1. ما بين جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة: يُستدل به من حديث أبي موسى.
2. الوقت بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس: استنادًا إلى حديث أنس بن مالك وغيره.
ورجح الإمام أحمد بن حنبل أن ساعة الإجابة تقع بعد العصر، لكنه أشار أيضًا إلى أهمية الدعاء بعد زوال الشمس.
حكمة الإبهام في التوقيت
يرى العلماء أن عدم تحديد الساعة بدقة، يشبه إبهام ليلة القدر، حيث يشجّع المسلم على الاجتهاد بالدعاء طوال اليوم، مما يعظم الأجر والثواب.
الإمام ابن عبد البر أشار إلى ضرورة الدعاء في كلا الوقتين المرجحين، وعدم الاعتماد على أحدهما فقط.
وينصح العلماء بعدم التقيد بوقت محدد لإنكار باقي الأوقات، بل بالدعاء والاجتهاد طوال يوم الجمعة.
يقول الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري: “إذا علم أن فائدة الإبهام هي بعث الداعي على الإكثار من الصلاة والدعاء، فإن العجب ممن يجتهد في تحديد هذه الساعة ويترك باقي الأوقات”.
تعليقات