Categories: أخبار دولية

قليل من الكلمات الدافئة وكثير من مدافع الهاوتزر.. احتياجات أوكرانيا تتجاوز الخطابة

القاهرة (خاص عن مصر)- بينما تستعد أوكرانيا للمفاوضات المحتملة عام 2025، تتصارع قيادتها مع أسئلة صعبة حول طبيعة التحالفات، وضمانات الأمن، والمعنى الحقيقي للسيادة. سيتطلب دعم أوكرانيا أكثر من الكلمات – سيتطلب مدافع الهاوتزر والطائرات بدون طيار والإرادة لضمان أن الحرية والسيادة ليست مجرد مُثُل بل حقائق.

وفقا لتحليل بيتر بوميرانتسيف، في الجارديان، بالنسبة للرئيس فولوديمير زيلينسكي، أكد النضال من أجل بقاء أوكرانيا أن العبارات السياسية النبيلة مثل “الحرية” و”السيادة” لا تكتسب وزناً إلا عندما تكون مدعومة بدعم ملموس.

أصبح هذا الواقع بمثابة اختبار حاسم لحلفاء أوكرانيا، خاصة مع انتقال الأمة من مقاومة الغزو إلى تحديد إطارها الأمني ​​المستقبلي.

إعادة تعريف الحرية والسيادة

أعاد نضال أوكرانيا اليومي ضد العدوان الروسي تنشيط مصطلحات مثل “الحرية” و”السيادة”، وحولها من مُثُل مجردة إلى تجارب معاشة. في الدفاع عن نفسها، تحمي أوكرانيا أيضًا حرية جيرانها، وبشكل غير مباشر، شركائها البعيدين مثل تايوان.

مع ذلك، يعرف زيلينسكي وحكومته جيدًا أن البقاء يعتمد على أكثر من الخطابة. بدون مساعدات كبيرة – وخاصة من الولايات المتحدة – فإن قدرة أوكرانيا على المقاومة ستكون معرضة للخطر بشدة.

مع اقتراب المفاوضات وصفقات السلام المحتملة، يجب تعزيز معنى “الحليف” و “النظام الأمني”. يظل الأوكرانيون حذرين من تكرار التأكيدات الفارغة لمذكرة بودابست لعام 1994، حيث تعثرت الوعود باحترام حدود أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي.

الدرس واضح: لا يمكن للسلام أن يرتكز على اتفاقيات هشة أو معايير دولية غامضة. بدلاً من ذلك، فإن أوكرانيا المسلحة جيدًا هي الضمانة الوحيدة القابلة للتطبيق ضد الهجمات المستقبلية من موسكو.

الفجوة بين المثل العليا والعمل

لقد كشفت مقاومة أوكرانيا عن أوجه القصور في الأطر الجيوسياسية القائمة. أظهرت مفاهيم مثل “النظام الدولي القائم على القواعد” والتحالفات مثل حلف شمال الأطلسي حدودها.

بالنسبة للعديد من الدول، لا يزال غزو روسيا صراعًا بعيدًا، وحتى تعبيرات الاتحاد الأوروبي عن التضامن، مثل تسمية أوكرانيا جزءًا من “الأسرة الأوروبية”، تفتقر إلى القوة العملياتية اللازمة للردع.

الولايات المتحدة، على الرغم من دعمها العسكري الحاسم، تقدم تحدياتها الخاصة. مع انقساماتها السياسية الداخلية، فإن موثوقية العزم الأمريكي موضع تساؤل، مما يترك أوكرانيا تسعى إلى ترتيبات أمنية أكثر قوة واكتفاء ذاتيًا.

اقرأ أيضًا: هل أمريكا مستعدة لرئاسة امرأة؟ استمرار التحيز الجنسي في السياسة الرئاسية

الحرب الصناعية: واقع جديد

في كييف، سلطت المناقشات الأخيرة بين البرلمانيين الأوروبيين وضباط الاستخبارات العسكرية ومصنعي الأسلحة الضوء على حاجة ملحة: ربط الأهداف السياسية النبيلة بالقدرات الصناعية العملية. وهذا يشمل زيادة إنتاج المعدات العسكرية الأساسية، مثل الطائرات بدون طيار ومدافع الهاوتزر، وتأمين سلاسل إمداد موثوقة.

يخشى المصنعون الأوكرانيون، على سبيل المثال، أن تؤدي العقوبات المفروضة على الرقائق الدقيقة الصينية إلى إعاقة الإنتاج، مما يثير تساؤلات حول الموردين البديلين مثل تايوان.

للحفاظ على دفاعها، تحتاج أوكرانيا إلى التحول من المنافسة الاقتصادية في زمن السلم إلى التعاون الصناعي في زمن الحرب.

يدعو الخبراء إلى تغييرات سياسية لتبسيط الإنتاج، وتحفيز الاستثمار، ومواءمة البحث الأكاديمي مع احتياجات ساحة المعركة. إن مثل هذه التدابير من شأنها أن تضع الأساس لصناعة دفاع أوروبية مشتركة قادرة على مواجهة العدوان الروسي.

بناء تحالفات الراغبين

يقترح إدوارد لوكاس من مركز تحليل السياسات الأوروبية أن أمن أوكرانيا في المستقبل لا يكمن في التحالفات العتيقة بل في تشكيل “تحالفات الراغبين والقادرين والواعين بالتهديدات”. ويمكن أن تدور هذه الشراكات حول شمال شرق أوروبا وتشمل حلفاء عالميين يدركون الترابط بين مصالحهم الأمنية وبقاء أوكرانيا.

ويتضمن هذا النهج أيضا تعطيل قدرات روسيا الحربية. وتوضح التقارير اعتماد روسيا على الكروم عالي الجودة وقطن الأسلحة من آسيا الوسطى لمدفعيتها، والثغرات التي يمكن استغلالها من خلال العقوبات المستهدفة والتخريب الاستراتيجي.

تؤكد الحوادث الأخيرة، مثل الانفجارات الغامضة في مستودع قطن الأسلحة في أوزبكستان، على المعارك السرية التي تدور في ظلال الحرب الصناعية.

دروس في الدفاع عن النفس

إن تجربة أوكرانيا بمثابة درس واضح للمجتمع الدولي. لقد دافعت أوليكساندرا ماتفيتشوك، الحائزة على جائزة نوبل للسلام والمحامية في مجال حقوق الإنسان، ببلاغة عن حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، بما في ذلك توجيه ضربات ضد القواعد العسكرية الروسية التي تستهدف المدنيين الأوكرانيين.

يؤكد موقفها على حقيقة صارخة: وهي أن المثل العليا مثل “القانون الدولي” و”السلام” لا معنى لها إذا لم يكن من الممكن الدفاع عنها من خلال العمل.

لقد كشف نضال أوكرانيا عن حدود الخطابة والحاجة الملحة للدعم العملي. وبينما يبحر العالم في عصر جديد من الحرب الصناعية، تقف أوكرانيا كمركز للدول الراغبة في مواجهة التهديد الروسي بعزيمة جماعية.

سامر ياسين

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.

Recent Posts

“أضبط الان” تردد قناة الكأس القطرية 2025 الناقلة لاهم البطولات الرياضية علي النايل سات والعرب سات بجودة عالية

يعتبر تردد قناة الكأس واحداً من اهم القنوات العربية علي الاطلاق، هذا وقد اعلنت قنوات…

5 ثواني ago

تردد روتانا سينما 2025 الجديد الناقلة لجميع الأفلام المصرية المميزة وبجودة عالية hd

تتسابق كافة الدول العربية المختلفة من أجل تنزيل تردد روتانا سينما الجديد 2025، والذي تعتبر…

دقيقة واحدة ago

وزير الشباب والرياضة: نستعد لتنظيم الألعاب الافريقية في 2027 وكلمة فخامة الرئيس كان لها تأثير كبير في تنظيم الأحداث الكبرى

قال الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، إن وزارة الشباب والرياضة طورت أكثر من 5000…

دقيقتان ago

“لا تفوتها” موعد عرض الحلقة 177 من مسلسل قيامة عثمان مُترجمة على قناة الفجر الجزائرية بتقنية عالية

بحث مستمر من الكثير لمعرفة متى موعد عرض الحلقة 177 من مسلسل قيامة عثمان، ولقد…

3 دقائق ago

أفضل دعاء شهر رجب 1446 مكتوب ومستجاب بإذن الله

دعاء شهر رجب تصدر محركات البحث مؤخراً مع بداية الشهر الهجري اليوم، حيث أن شهر…

4 دقائق ago

سعر الدينار الكويتى اليوم الأربعاء 1-1-2025 مطلع العام الجديد متوسط 164 جنيها

استقر سعر الدينار الكويتي اليوم الأربعاء 1 -1-2025 ، مطلع العام الميلادي الجديد بالبنوك المصرية،…

5 دقائق ago