كباب الدونر.. تركيا تخوض حربا مع ألمانيا بسبب الشاورما

كباب الدونر.. تركيا تخوض حربا مع ألمانيا بسبب الشاورما

القاهرة (خاص عن مصر)- أصبح كباب الدونر، المعروف بـ الشاورما، رمزا لتراث الطهي في تركيا وعنصرا أساسيا في ثقافة طعام الشوارع في ألمانيا، محور نزاع دولي.

وفقا لتقرير تليجراف، تضغط تركيا على الاتحاد الأوروبي لمنح نسختها من كباب الدونر الحماية القانونية بموجب وضع “التخصص التقليدي المضمون”، وهي الخطوة التي قد تعيد تعريف الوجبات السريعة الشعبية وتثير الجدل في جميع أنحاء أوروبا.

الصراع من أجل الأصالة

تزعم تركيا أن الدونر الأصلي يجب أن يلتزم بمعايير محددة: يجب أن يكون مصنوعًا من الدجاج أو لحم الضأن أو لحم البقر من الأبقار التي لا يقل عمرها عن 18 شهرًا، ومخللًا بالزبادي والأعشاب، ويقدم على طبق مع رقائق البطاطس والفلفل الحار.

يتناقض هذا بشكل حاد مع النسخة الألمانية، التي تعتمد عادةً على لحم العجل، ملفوفة في خبز مسطح، ومزينة بالملفوف النيئ.

في أبريل، تقدمت تركيا رسميًا بطلب للحصول على حماية “التخصص التقليدي المضمون”، سعياً إلى وضع كباب الدونر الخاص بها جنبًا إلى جنب مع رموز الطهي الأخرى مثل الشمبانيا والبيتزا النابولية.

أثار اقتراح أنقرة غضبًا في ألمانيا، حيث لا يعتبر الشاورما مجرد طعام – بل ظاهرة ثقافية، حيث يتم بيع أكثر من مليار شطيرة سنويًا.

مقاومة ألمانيا

طعنت ألمانيا رسميًا في طلب تركيا، ويصر جيم أوزدمير، وزير الأغذية والزراعة الألماني ذو الأصول التركية، على أن الشاورما تطورت إلى ما هو أبعد من أصولها.

قال أوزدمير في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يضم لافتة مكتوب عليها “الشاورما تجعلك أكثر جمالًا”: “الشاورما تنتمي إلى ألمانيا، يجب السماح للجميع بتحديد كيفية تحضيرها وتناولها هنا”.

أعربت جمعية صناع الشاورما الألمانية عن هذا الشعور، بحجة أن القواعد التركية من شأنها أن تخنق الإبداع،

وقالوا: “لقد خضع كباب الدونر لمزيد من التطوير في ألمانيا على مدى عقود من الزمن”، مضيفين أن المعايير الصارمة قد تضر بالصناعة.

اقرأ أيضا.. الديمقراطيون يدعون لجيل جديد من القادة.. الحزب يخطط للرد على فوز ترامب

تطور الشاورما (الدونر) في ألمانيا

تعود جذور الدونر في ألمانيا إلى ستينيات القرن العشرين عندما قدم المهاجرون الأتراك الطبق أثناء سد فجوات العمالة في الصناعات المزدهرة في البلاد.

على مدى عقود من الزمان، تكيف الكباب مع الأذواق المحلية، مما أدى إلى ظهور نسخة أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من المطبخ الألماني.

تضم برلين وحدها حوالي 1800 كشك دونر، مما يساهم في مبيعات الدونر في جميع أنحاء أوروبا بقيمة 3.5 مليار يورو سنويًا، مع إنفاق 2.3 مليار يورو في ألمانيا.

ومؤخرًا، أصبح “الدونر الألماني” علامة تجارية دولية، حيث تسوقه سلاسل الوجبات السريعة عالميًا، من لندن إلى نيويورك.

التحديات الاقتصادية والمشاعر العامة

على الرغم من شعبيته، لم يكن الدونر محصنًا ضد الضغوط الاقتصادية، فقد أدت تكاليف المعيشة المتزايدة وانقطاعات سلسلة التوريد، والتي تفاقمت بسبب الوباء والحرب في أوكرانيا، إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

إن سعر الشاورما الذي كان يباع في السابق بأقل من 4 يورو أصبح الآن أكثر من 6 يورو، مما دفع الألمان إلى صياغة مصطلح “تضخم الشاورما”.

لقد وصل السخط العام إزاء ارتفاع الأسعار حتى إلى أولاف شولتز، المستشار الألماني.

وعلى الرغم من أن العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي شنوا حملة من أجل “كبح جماح أسعار الشاورما”، إلا أن شولتز رفض التدخل، قائلاً إنه “مندهش” من مستوى الاهتمام العام، لكنه أشار إلى أن الإعانات ليست حلاً قابلاً للتطبيق.

الأهمية الثقافية للشاورما

بالنسبة لملايين الناس، يمثل الشاورما أكثر من مجرد وجبة سريعة – إنه شهادة على التكامل الثقافي والهوية المشتركة.

يؤكد رواد الأعمال مثل أومن أصلان، الذي يدير “بيت الكباب” في برلين، على جاذبيته العالمية، وقال أصلان، معارضاً أي قيود يفرضها الاتحاد الأوروبي على تحضير الشاورما: “إنها المكونات الطازجة، والطعم الرائع، والحب الذي نضعه فيها”.

في انتظار حكم الاتحاد الأوروبي

حددت المفوضية الأوروبية موعدًا نهائيًا لبرلين وأنقرة لحل خلافاتهما بحلول الربيع. إذا تمت الموافقة على طلب تركيا، فقد يضطر مصنعو الدونر الألمان إلى تعديل وصفاتهم أو إعادة تسمية منتجاتهم.

لن يقرر الحكم مصير كباب الدونر فحسب، بل سيسلط الضوء أيضًا على التفاعل الثقافي المستمر بين تركيا وألمانيا، وهي العلاقة التي شكلت كلا البلدين بطرق عميقة ولذيذة.

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.