العطاوي.. مؤسّس "الروسية" بالجامعة وحامل أشعار "لغة بوشكين" للعربية - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

استحضارا لمسار عبد الرحيم العطاوي، أحد أعلام تدريس اللغة والأدب والثقافة الروسية والسوفياتية بالمغرب، تم، مساء السبت بمدينة تمارة، خلال فعاليات المعرض الجهوي للكتاب، الذي تنظّمه المديرية الجهوية للثقافة بجهة الرباط سلا القنيطرة، تكريم مؤسس قسم اللغة الروسية بجامعة محمد الخامس، الحاصل على جوائز، من بينها جائزة “بوشكين” الروسية، نظيرَ عنايته بالشعر الروسي وترجمته إلى اللغة العربية.

وقال مراد القادري، رئيس “بيت الشعر بالمغرب”، إن عبد الرحيم العطاوي “كبير في علمه ومعرفته وإنسانيته”، وله “مكانة رئيسَة شغلها في التعريف بالشعرية الروسية وترجمتها إلى اللغة العربية بكثير من الدقة والمعرفة والفهم (…) واستحق بجدارة وسام بوشكين للآداب، وتسلمه في المعهد الثقافي الروسي بمقره الأول، وحضرت الحفل حين كنت طالبا سنة 1989”.

وأضاف أن “العطاوي ابن الكُتّاب المغربي (المسيد) بآسفي حيث حفظ القرآن وتشبع بالقيم الإسلامية الأصيلة والنبيلة، مما نمّى فيه روح تمغربيت والعطاء، ودرس فترة طويلة بالاتحاد السوفياتي، البلد الكبير الذي كان بمثابة قارة، في نظام متسم بالانضباط ورغبة في العلم والمعرفة والتكنولوجيا (…) واشتغل مع علماء مغاربة ذوي شأن رفيع، مثل أحمد الطريسي وعبد الكبير الخطيبي وأحمد الأخضر غزال، في جامعة كانت تزخر بنخبة من المثقفين والأكاديميين والجامعيين”.

كما تطرق إلى “المسابقة العالمية لترجمة الشعر الروسي بمعهد الترجمة بموسكو، التي فاز بها (…) وقد تكرس اسمه في مجال الاستشراق الروسي، ومرجعُه المتوّج مدخلٌ للدراسات الاستشراقية العربية بروسيا، وهو من أهم الكتب المضيئة في المجال”، وأبرز فيه “مجالات الاستشراق الروسي، من بدايته، والاستشراق الأكاديمي، وأعلامه، والاستشراق الروسي والدين الإسلامي، والمكتبات الاستشراقية والمخطوطات العربية في روسيا. كما أبرز فيه طبيعة وسمات الاستشراق الروسي، نشأة وأهدافا وتطورات وخصائص، وأبرز المستشرقين القدامى والمعاصرين والمستعربين، وتأثير الثقافة العربية الإسلامية، خاصة القرآن، على بوشكين شاعر روسيا الكبير”.

من جهته أبرز الأكاديمي منير البصكري الفيلالي أن عبد الرحيم العطاوي “أحد الأساتذة المبرّزين في مجال الترجمة والتأليف، ومن طليعة رواد المعرفة ببلدنا”، مشيرا إلى أن “احتفاء الأمة برجالاتها غاياته متعددة، من بينها الاعتراف بالجميل لذويه، بعيدا عن أي مظهر جحود أو نكران، إضافة إلى أنها فرصة ومناسبة لتعريف الأجيال بما قام به الآباء وما حققوه من أعمال ومنجزات للبلاد”.

واسترسل قائلا: “لقد تعرفت على المكرم وأنا حديث العهد بكلية الآداب بالرباط، عام 1976، وكنت أتابع دراستي الجامعية، وكان حينها مكلفا بمصلحة الشؤون الطلابية قبل العمل محافظا لخزانة الكلية، وكان خير مساعد للطلبة، وهذه شهادة لا يماري فيها أحد؛ فقد كان يخدمهم ويمدهم بما هم في حاجة إليه، رقيق التعامل يتحلى بنزاهة فكرية واستقامة سلوكية، ويتمتع بهدوء في الطبع ولطف في المعشر، وصدق ووفاء وإخلاص”.

وتابع “هو من المثقفين المغاربة المميزين، يعيش حاضره بكل خصائصه وتجلياته، وأسس لنا كطلبة وعيا قرائيا من خلال تشجيعه وتيسيره اقتناء الكتب من خزانة الكلية”.

كما أبرز جانبا آخر من شخصية العطاوي، قائلا: “لقد عشق مدينة آسفي، مما دفعه للاهتمام بتاريخها ومآثرها ومعالمها لترسيخ قيم المحافظة على تراثها وتنوعها الثقافي، والسهر على تثمين موروثها المعماري والثقافي”، وتحقيق أعمال حول مسقط رأسه وقلبه.

وبعدما “استكمل دراسته بالاتحاد السوفياتي، بموسكو، حيث حصل على الباكالوريا، وتابع دراسته الجامعية في الفيلولوجيا والأدب الروسي من جامعة لينينغراد، ودرس مميزات الاستعراب الروسي انطلاقا من أعلامه وكتاباتهم”، عاد إلى المغرب حيث “ناقش أطروحته للدكتوراه “جسور التلاقي والتفاهم بين المغرب وروسيا”، وألف مجموعة من الكتب لتأصيل الروابط، منها مختارات “أنطولوجيا” ترجم فيها إلى اللغة العربية شعراء روسيا الكبار، وأغنى بها الخزانة العربية بروائع الشعر الروسي”.

وذكر البصكري أن العطاوي “كان أستاذا بالمعهد الجامعي للبحث العلمي، الذي كان يديره عبد الكبير الخطيبي، ثم التحق سنة 1972 بكلية الآداب بالرباط، وله فضل تأسيس قسم اللغة الروسية بها لأنه كان مؤمنا بجدوى وضرورة الاشتغال بالأدب الروسي والكتابات الروسية الاستشراقية، نظرا للدور الهائل والمهم للمدرسة الاستشراقية الروسية بفضل المخطوطات العربية والإسلامية الموجودة بروسيا. كما أشار إلى بعض ثمار مسار العطاوي، من بينها “التتويج بجائزة من الحكومة الروسية تحتفي بالأدباء الذين يكتبون بالروسية، هي جائزة بوشكين، التي تحمل اسم أمير شعراء روسيا”.

الدارس سليمان القرشي شهد بدوره على مسار أستاذ “نقل إلينا عوالم روسيا الثقافية بكل عظمتها وسطوتها وجبروتها، فكنا نستمتع خلال درسه بشعرية بوشكين، وأدب دوستويفسكي وتولستوي وغيرهم من الأعلام الروس”، مشيرا إلى أن قسمه كان فرصة “للتعرف على تطور المجتمع والثقافة المغربيين، وأثره في الإنسان والبنيان، ومعالم آسفي وأسماء أسماكها أيضا”.

وأشار إلى أن العطاوي “هو مؤسس درس اللغة الروسية بكلية الآداب بالرباط”، ومؤطر العديد من الأبحاث، قبل أن ينتقل إلى جانب آخر في شخصية المكرّم، قائلا: “لقد كان كفاية المحتاج في الاستشارة (…)، وبستانا زاهيا فيه منافع ومكارم”، تشهد عليها أجيال من الطلبة والمجايلين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق