يُعد الأمن والاستقرار الركيزة الأساسية لأي دولة تتطلع إلى التنمية، وهو ما ميّز المغرب عبر تاريخه الطويل كدولة عريقة لم تعرف انقطاعًا في نظامها السياسي، ما منحها قوة ومتانة انعكستا على مؤسساتها ومجتمعها.
اليوم، تنعم المملكة المغربية باستقرار سياسي وأمني، وتتداول السلطة في أجواء سلمية، فيما يعكس تنوعها الثقافي والاجتماعي حيوية واضحة بين مكونات الشعب. ورغم أنها لا تمتلك ثروات نفطية، فقد اعتمدت على الفوسفات والزراعة والصناعة والسياحة لبناء اقتصاد متنوع وقادر على التكيف مع التحديات.
سياسيًا، كان المغرب سبّاقًا إلى الإصلاح، حيث بادر الملك الراحل الحسن الثاني في أواخر التسعينات إلى تمكين المعارضة بقيادة عبد الرحمن اليوسفي من قيادة الحكومة، وهو ما شكل تحولا ديمقراطيا بارزًا. كما شملت الإصلاحات مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية، لترسخ الحقوق الأساسية. ومع موجة ما عُرف بالربيع العربي، استطاع المغرب أن يتجاوز المرحلة بمزيد من الإصلاحات، ليحافظ على استقراره في وقت عصفت فيه الأزمات بدول الجوار، حتى مع تجربة الإسلاميين الذين حكموا لدورتين في إطار سياسي منظم.
اقتصاديًا، شهد المغرب تطورات بارزة في الصناعات الكهربائية والإلكترونية وصناعة السيارات، وحتى الصناعات العسكرية، إلى جانب قطاع زراعي قوي يساهم في التصدير. كما عرفت المملكة طفرة في البنية التحتية، من شبكة طرق متطورة إلى قطاع سياحي متنامٍ جعل المغرب وجهة بارزة إقليميًا ودوليًا.
لكن رغم هذه النجاحات، تبقى المطالب الاجتماعية للشباب حاضرة، خاصة ما يتعلق بفرص العمل والعيش الكريم. وهذه المطالب مشروعة، إلا أن تلبيتها لا تنفصل عن تأثيرات الاقتصاد العالمي وظروفه. وقد تمكن المغرب، مقارنة ببعض الدول النفطية، من تحقيق قفزات تنموية لافتة رغم الصعوبات.
إن الأمن والاستقرار هما الطريق الأكيد للتنمية، وهو ما يسير فيه المغرب عبر خطط إصلاحية واقتصادية متواصلة. غير أن نجاح هذه الجهود يتطلب وعيًا مجتمعيًا أوسع وحوارات شاملة، لاسيما من الشباب، بما يعزز مسار التطوير ويحمي مكتسبات البلاد.
وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية، يصبح من الضروري أن تُترجم المطالب الاجتماعية إلى قوة دفع بنّاءة، بعيدًا عن الفوضى التي لا تخدم سوى زعزعة الاستقرار. فحق التظاهر مكفول، لكن التعبير السلمي والهادف هو ما يضمن إيصال الصوت ويحمي البلاد من الانزلاق.
وبذلك، تظل صورة المغرب مشرقة، بما حققته من تطورات على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بفضل استقرار نظامها السياسي العريق، وهو أحد أهم مرتكزات الدول التي تبحث عن مستقبل آمن ومزدهر.
0 تعليق