انتقد المجلس الأعلى للحسابات ورش المغرب في ما يخصّ الغاز الطبيعي، مسجلا أنه “لوحظ عدم استكمال المبادرات المتخذة لتطويره، مما يؤثر على الجهود الرامية إلى التخلي التدريجي عن الفحم في إنتاج الكهرباء، حيث تم إطلاق مبادرات عدة لتطوير قطاع الغاز الطبيعي منذ سنة 2011، إلا أنه لم تتم بلورتها في إطار استراتيجية رسمية”.
وقدّم المجلس في تقريره السنوي برسم 2023-2024 توصياته لرئاسة الحكومة للعمل “على بلورة استراتيجية وطنية للنجاعة الطاقية والمصادقة عليها وأجرأتها، وكذا وضع إطار تحفيزي بهدف تشجيع تدابير النجاعة الطاقية”، مقدما توصية أخرى للوزارة المكلفة بالانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بوضع إطار تدبيري للقطاع الطاقي يعتمد على برامج عقود بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية في القطاع مع الحرص على التنفيذ الأمثل لبنودها”.
كما دعا المجلس الوزارة في ما يخص قطاع الكهرباء، إلى “تسريع مسلسل الإصلاح من خلال الفصل بين أنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع، واستكمال إصدار النصوص القانونية المتعلقة بضبط القطاع، ولا سيما تلك الخاصة بإحداث جهة مسيرة لشبكة نقل الكهرباء وتنظيم عملها”، مناديا بإتمام “عملية نقل منشآت الطاقات المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى وكالة مازن”.
وضمن توصياته المتعلقة بالقطاع الطاقي، أثار المجلس اهتمام الوزارة بـ”وضع آليات لتدبير ومراقبة المخزون الاحتياطي لقطاع المحروقات بهدف التخفيف من أثر تقلبات الأسعار في السوق الدولية وانعكاساتها على الأسعار في السوق الوطنية، وكذا بوضع استراتيجية وإطار قانوني مناسب للقطاع الغازي، وذلك بتنسيق مع الأطراف المعنية، قصد تطوير سوق للغاز الطبيعي شفاف وجاذب للاستثمارات”.
أسئلة الحكامة
وقال التقرير السنوي إن هناك جوانب متصلة بالشأن الطاقي في المغرب تحتاج إلى “تحسين”، وترتبط “أساسا بحكامة القطاع وبمدى تحقيق الأهداف المحددة لمختلف مكونات هذه الاستراتيجية”، وزاد: “بخصوص حكامة القطاع، اقتصر التخطيط الطاقي بشكل أساسي على قطاع الكهرباء، حيث تمت بلورة مخططات التجهيز المرتبطة بتوليد ونقل الطاقة الكهربائية”.
ونبهت المؤسسة عينها إلى أن “هذه العملية لا تشمل جوانب أخرى مهمة كتأمين الإمدادات والنجاعة الطاقية وتنويع مصادر الطاقة، مما يبرز الحاجة إلى إرساء رؤية شمولية في مجال التخطيط الطاقي”، مبرزة أنه “لوحظ كذلك عدم انتظام اجتماعات هيئات الحكامة الخاصة بالمؤسسات والمقاولات العمومية بقطاع الطاقة”.
ووضّحت المحاكم المالية أن “مجلس إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لم يعقد سوى خمسة اجتماعات خلال الفترة 2010-2023 من أصل 28 اجتماعا كان يفترض عقدها طبقا للقانون”، مسجلة “محدودية اللجوء إلى آلية التعاقد بين الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية بقطاع الطاقة، وذلك رغم القيام بعدة مبادرات في هذا الاتجاه”.
ولفت التقرير إلى انتقال حصة الطاقات المتجددة في القدرة المثبتة من 32 في المائة سنة 2009 إلى 40 في المائة نهاية سنة 2023، لكن دون الوصول إلى هدف 42 في المائة المحدد لسنة 2020، وأرجع ذلك إلى “تأخر إنجاز عدد من المشاريع المتعلقة بإنتاج هذه الطاقات. كما لم يتم الترخيص لعدد من المشاريع التي تقدم بها القطاع الخاص في إطار القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة، وذلك نظرا لنقص القدرة الاستيعابية لشبكة نقل الكهرباء”.
وشدد على أن “نقل منشآت ومشاريع الطاقة المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى وكالة مازن، عرف تأخرا ملحوظاً، حيث إلى غاية متم شتنبر 2024 لم يتم هذا النقل بعد، علما أن القانون رقم 38.16 المعدل والمكمل للظهير المنشئ للمكتب حدد نهاية شتنبر لسنة 2021 كموعد أقصى لهذه العملية”.
مشاريع متأخرة
كما تأخر أيضا، وفق المجلس، “فصل الأدوار في قطاع الكهرباء، حيث إلى متم شتنبر 2024، لم يتحقق الفصل المحاسبي لأنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع للمكتب، كما لم يحدد موعد نهائي لهذا الفصل”، مضيفا أن هذا وضع من شأنه تأخير تحقيق أحد الأهداف الهامة للقانون رقم 48.15، المتمثل في إنشاء مسير للشبكة الكهربائية الوطنية.
وذكر التقرير الطاقة النووية والطاقة الحيوية، التي اعتمدتهما الاستراتيجية الطاقية الوطنية كخيارين مفتوحين لتعزيز الأمن الطاقي للبلاد، ليسجل أنه إلى حدود نهاية سنة 2023 لا يزال تطوير هذين الخيارين في مراحله الأولى.
وفي ما يتعلق بقطاع المحروقات، أوردت المحاكم المالية أنه منذ اعتماد الاستراتيجية الطاقية سنة 2009 ظلت المخزونات الاحتياطية لمختلف المنتجات البترولية دون المستوى المحدد في 60 يوما”، موردة: “على سبيل المثال، في سنة 2023 لم تتعد مخزونات كل من الغازوال والبنزين وغاز البوتان على التوالي 32 و37 و31 يوما”.
كما سجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات المرفوع إلى الملك “محدودية التقدم المحرز في مجال تنويع نقاط دخول المنتجات البترولية المستوردة، بإضافة نقطة دخول فريدة بميناء طنجة المتوسط منذ إطلاق الاستراتيجية الطاقية الوطنية 2009-2030”.