نبّهت أحزاب المعارضة بمجلس المستشارين، خصوصا الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية والفريق الحركي، اليوم الأربعاء، خلال جلسة عمومية مخصصة للدراسة والتصويت على مشروع قانون المالية للسنة المالية 2025 في الغرفة الثانية، السلطة الحكومية إلى “حماية التعليم والصحة والسكن والتشغيل”، وكذا تحصين المال العام من النهب، باعتبار البلد “يحتاج الموارد لإنجاز أوراشه التنموية وتلبية المطالب الاجتماعية للمواطنين”.
“التصدي للفساد”
يوسف أيدي، رئيس الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين، قال إن “الحكومة اعتبرت في برنامجها “محاربة الفساد أولوية وطنية، والتزمت بالعمل على تطبيق الآليات الرقمية بالمصالح الإدارية لتقليص فرص الفساد الإداري”؛ لكنه تساءل: “ما هو تفسير الجهاز الحكومي لتراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد بخمس نقاط خلال السنوات الخمس الأخيرة؟”.
وتابع أيدي، ضمن كلمته باسم الفريق: “أنتم تعلمون أن ظاهرة الفساد تكلف المغرب ما يفوق 50 مليار درهم سنويا، أي من 3.5 في المائة إلى 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، إلا أننا لا نرى تدابير جدية للحد من تفاقم وضع الفساد. ونسجل، بكل أسف، ضعف فعالية الجهود الحكومية للتصدي لهذه الآفة الخطيرة”.
وزاد: “لقد كان من بين أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، [جعل الفساد في منحى تنازلي بشكل ملموس وبصفة مستمرة وتعزيز ثقة المواطنين، وتحسين مناخ الأعمال وتموقع المغرب دوليا]؛ لكن هذه الأهداف ظلت، للأسف، بعيدة المنال”، مسجلا أنه “تم التنبيه غير ما مرة إلى هذا القصور البين في توطيد قيم النزاهة والحد من الفساد”.
ومضى شارحا: “لقد نبهنا أكثر من مرة إلى تجاوزات تحديد الأسعار، خاصة الارتفاع المهول لأسعار المحروقات والتي حققت معه الشركات هوامش ربح مفرطة؛ مما أضر غاية الضرر بالقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، فضلا عن تأثيراته الكارثية على القدرة التنافسية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، ولم تحرك الحكومة ساكنا”، بتعبيره.
وزاد القيادي في حزب “الوردة”: “أين الحكومة من التزامها الصريح في برنامجها [بتتبع أكبر للمعاملات الاقتصادية اليومية في إطار محاربة الغش والفساد]؟ ويبقى السؤال متمردا في أذهاننا، ليس عن أسباب ارتفاع الأسعار وتدابير مكافحة التضخم، بل عن سبب العجز عن تحسين القدرة الشرائية للمواطنين”، وتابع: “وإن كنا نتفهم تداعيات ما يسمى بـ”التضخم المستورد”، والتضخم الذي تفرضه الطبيعة، فإننا لا نفهم عجز الحكومة عن محاربة التضخم الناتج عن المضاربة في الأسعار والاحتكار؟”.
ولدى وصوله إلى مسألة المال العام، سجل أيدي أنه “تم التنبيه، في مناسبات كثيرة، إلى ملفات نهب المال العام وتبديده، من نهب الرمال ونهب المعادن والاستيلاء على الثروتين الغابوية والبحرية، فضلا عن استباحة المال العام بواسطة الرشوة واستغلال النفوذ، وشيوع اقتصاد الريع سواء الريع الناجم عن الاحتكار أو الحصول على امتيازات غير مشروعة أو استغلال التأثير الذي توفره السلطة السياسية على القرار الاقتصادي”.
“حماية الصحة”
امبارك السباعي، رئيس الفريق الحركي بمجلس المستشارين، حاول “إحراج” الحكومة بالغايات الأربع التي حددها الملك محمد السادس؛ وتتمثل في “تعليم ناجع، وسكن لائق، وصحة للجميع، وشغل قار”، معتبرا أن “مضامين المشروع، كما السياسات العمومية المتبعة إلى حد الآن، تبقى غير قادرة على بلوغ هذه الغايات؛ فالسياسة القطاعية في مجال التعليم فقدت البوصلة التي حددها القانون الإطار للتربية والتكوين”.
وقال السباعي إن “المؤشرات الصادرة عن المؤسسات الوطنية والدولية خير دليل على فشل الحكومة في مجال التعليم بكل أسلاكه. أما برنامج دعم السكن، ورغم أهميته، فهو يفتقر إلى روح العدالة والإنصاف المجالي؛ لأن شروطه وضعت على مقاس ساكنة المدن بعيدا عن الخصوصيات المجالية وساكنة البوادي والجبال التي لم تستفد تاريخيا من أي برنامج حكومي للسكن، وفي نتائج الزلزال والفيضانات عبرة ودليل”.
وفي ما يرتبط بالسياسة الصحية ورغم ما قال عنه المتحدث “مجهودات قانونية وتأسيسية مبذولة”، فإن “التخوف القائم هو أن تفقد تدريجيا طابعها العمومي”، متطرقا إلى التشغيل، إذ “اعتبر أن أرقام البطالة غير المسبوقة في المدن كما القرى تكشف غياب حلول جادة لتشغيل مستدام، وأن برامج من قبيل “أوراش” و”فرصة” تظل عابرة وغير مؤثرة، ونتطلع فعلا إلى أن تجعل الحكومة خلال المدة القصيرة المتبقية من عمرها من رهان التشغيل أولوية عبر التأسيس لأفق جديد تسهر الحكومة المقبلة على تنزيله”.
كما دعا الحكومة إلى “تقييم موضوعي لآليات تنزيل الورش الملكي الاستراتيجي المتعلق بالحماية الاجتماعية، عبر مراجعة الأسس المحددة للمؤشر الاجتماعي المتحول؛ وذلك من خلال اعتماد مؤشرات جهوية منصفة، وكذا الكف عن الحلول التقنية المؤقتة لسد العجز في تمويل هذا الورش الإستراتيجي، عبر إجراءات من قبيل البحث عن التوازنات المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على حساب القضاء على ‘الكنوبس”.
بالنسبة للقيادي الحركي، فإن “الغاية الإستراتيجية لكل سياسة عمومية هي تحصين كرامة المواطن وصون هويته”، مسجلا أن “الحكومة، رغم المؤشر المالي الإيجابي المخصص لترسيم الأمازيغية، ما زالت مترددة في تفعيل هذا الترسيم وعاجزة عن بناء سياسة لغوية وطنية متكاملة”، مشددا على أن “مدخل ذلك هو الكشف عن المخططات القطاعية الملزمة قانونا لكافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية لتفعيل هذا الترسيم”.
0 تعليق