الاقتصاد بدأ «يَشم نَفسه ويتحسن».. أبرز تصريحات وزير المالية - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد الدكتور أحمد كجوك، وزير المالية، أن الاقتصاد المصري بدأ بالفعل «يَشم نَفسه ويتحسن» بعد فترة طويلة من التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، موضحًا أن المؤشرات الأخيرة تؤكد أن عجلة الاقتصاد تتحرك في الاتجاه الصحيح. جاء ذلك خلال حوار مفتوح عقد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأدارته الدكتورة رباب المهدي أستاذ العلوم السياسية، حيث عرض الوزير ملامح التحسن المالي والاقتصادي الذي تشهده مصر في الوقت الراهن.

وقال كجوك إن القطاع الخاص أصبح شريكًا أساسيًا في عملية التنمية، إذ استحوذ على نحو ٦٠٪ من إجمالي الاستثمارات خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يعكس عودة الثقة تدريجيًا إلى السوق المحلية، وتحسن بيئة الأعمال التي ظلت تواجه صعوبات نتيجة الأزمات المتتالية. وأوضح أن الحكومة تعمل على تمكين القطاع الخاص أكثر من أي وقت مضى، من خلال إزالة العقبات البيروقراطية وتبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية، بما يسهم في تحفيز الاستثمارات الجديدة وخلق فرص عمل مستدامة.

وأشار الوزير إلى أن الاقتصاد المصري مر بمرحلة دقيقة، إلا أن السياسات المتوازنة التي انتهجتها الدولة ساهمت في تقليل آثار الصدمات الخارجية، بدءًا من أزمة كورونا، مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، وصولًا إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا. وأضاف أن الحكومة وضعت المواطن في صدارة أولوياتها من خلال توجيه الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا، والحفاظ على الاستقرار المالي في ظل هذه الظروف الصعبة.

وأكد كجوك أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه مصر بدعم من صندوق النقد الدولي يحقق نتائج ملموسة، مشيرًا إلى قرب إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة من البرنامج، وهو ما يعزز الثقة الدولية في قدرة الاقتصاد المصري على الوفاء بالتزاماته وتحقيق التوازن بين النمو والاستدامة المالية.

القطاع الخاص يتحرك بقوة واستحوذ على ٦٠٪ من الاستثمارات

قال وزير المالية إن القطاع الخاص أصبح المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي، حيث استحوذ على النسبة الأكبر من الاستثمارات خلال العامين الأخيرين، بعد أن تبنت الدولة حزمة من الإصلاحات لتشجيع الشراكة الحقيقية بين الحكومة والمستثمرين. وأوضح أن هذه النسبة لم تأتِ صدفة، بل هي نتيجة جهود متراكمة لتوسيع قاعدة النشاط الاقتصادي وتخفيف الأعباء الإدارية والضريبية عن المستثمرين.

وأضاف كجوك أن الحكومة تعمل على ترسيخ مبدأ «شراكة الثقة» مع المستثمرين المحليين والأجانب، من خلال التيسير في المعاملات وتوحيد الرسوم والخدمات، وهو ما يجري حاليًا بالتنسيق مع وزير الاستثمار. وأكد أن الهدف ليس فقط جذب استثمارات جديدة، بل ضمان استمرارها وتوسعها داخل السوق المصري عبر توفير بيئة تنافسية عادلة لجميع الأطراف.

وأشار الوزير إلى أن السياسات الضريبية الجديدة تسعى لتوسيع القاعدة الضريبية بدلاً من فرض أعباء إضافية على الممولين، إلى جانب تطوير الخدمات الإلكترونية لتقليل التكدس الورقي وتسريع الإجراءات. كما أشار إلى أن وزارة المالية تعمل على تعديل المساهمة التكافلية لتصبح أكثر عدالة، بما يحقق التوازن بين دعم الدولة للمشروعات التنموية وضمان حقوق المستثمرين والممولين.

وشدد على أن إلغاء المزايا التفضيلية الضريبية لبعض الجهات الحكومية التي تمارس نشاطًا اقتصاديًا يمثل إصلاحًا هيكليًا مهمًا، أتاح مزيدًا من العدالة والمنافسة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. كما أشار إلى وجود مبادرات جديدة بالتعاون مع جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، تهدف إلى تحفيز ريادة الأعمال ودعم الشركات الناشئة التي تمثل المستقبل الحقيقي للاقتصاد المصري.

موقف الاقتصاد المصري يتحسن ونتائج أفضل من المستهدف

أوضح كجوك أن المؤشرات المالية تظهر بوضوح تحسن موقف الاقتصاد المصري مقارنة بالعامين الماضيين، حيث نجحت الدولة في تحقيق نتائج تتجاوز المستهدف في عدة قطاعات، منها خفض معدلات الدين العام وزيادة الإيرادات وتحسين الإنفاق الاجتماعي.

وأشار الوزير إلى أن معدل الدين للناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة ١٠٪ خلال عامين، في حين ارتفع بنحو ٧٪ في أغلب الدول الناشئة، وهو ما يؤكد قوة الإدارة المالية المصرية. وأضاف أن وزارة المالية أصبحت تسدد أكثر مما تقترض، ما يعني تحسنًا كبيرًا في كفاءة إدارة الدين العام. كما أوضح أن الدين الخارجي للموازنة انخفض بمقدار ٣ مليارات دولار خلال عامين، في خطوة تعكس حرص الحكومة على ضبط الاقتراض وتوجيه أي إيرادات استثنائية لخفض الدين.

وأكد الوزير أن هذا التوجه يعكس تناغم السياسات الاقتصادية والمالية، إذ تعمل جميع مؤسسات الدولة في إطار منسق يهدف لتحقيق استدامة النمو وخفض المخاطر. كما شدد على أن أولوية الحكومة خلال الفترة المقبلة هي مواصلة تحسين مؤشرات المديونية، وتعزيز الاستثمارات الإنتاجية التي تخلق فرص عمل وتزيد الصادرات.

وأوضح أن مخصصات دعم النشاط الاقتصادي زادت أربع مرات هذا العام، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل التصنيع والتصدير والطاقة الجديدة والمتجددة. وأكد أن الحكومة تستهدف اقتصادًا أكثر قدرة على التمويل الذاتي، وأشد توازنًا في الإنفاق العام، مع زيادة مخصصات التعليم والصحة التي ارتفعت بنسبة ٢١٪ العام الماضي لتصبح الأعلى بين القطاعات الخدمية.

تحقيق استقرار مالي واقتصادي مستدام

تعكس تصريحات وزير المالية توجهًا واضحًا نحو تحقيق استقرار مالي واقتصادي مستدام، قائم على إشراك القطاع الخاص وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي. فالتأكيد على خفض الدين العام وتراجع الدين الخارجي للموازنة يشير إلى تحسن كفاءة إدارة الموارد، بينما استحواذ القطاع الخاص على ٦٠٪ من الاستثمارات يعكس نجاح الدولة في استعادة الثقة وتحفيز رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.

كما أن التركيز على الصحة والتعليم ودعم النشاط الاقتصادي يمثل تحولًا مهمًا في أولويات الإنفاق العام، يهدف لتحقيق التنمية البشرية جنبًا إلى جنب مع الإصلاح المالي. ويرى خبراء الاقتصاد أن نجاح مصر في إتمام المراجعات الجديدة مع صندوق النقد الدولي سيعزز قدرتها على جذب تمويلات واستثمارات إضافية، ويُعيد تأكيد مكانتها كأحد الاقتصادات الناشئة الأكثر استقرارًا في المنطقة.

باختصار، ما كشفه الوزير من مؤشرات إيجابية لا يمثل مجرد أرقام مالية، بل يعكس بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي، تتجه فيها مصر نحو تحقيق توازن بين النمو والإصلاح الاجتماعي، عبر سياسات تستند إلى الواقعية والشفافية وتعظيم دور القطاع الخاص في قيادة التنمية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق