نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
طوطو وجيله.. من يسمع له؟ - بلس 48, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 11:09 مساءً
في زمن تتعالى فيه أصوات كثيرة وتُخنق فيه أخرى بصمت مدوٍ، يبرز جيل جديد ما يسمى بـ”جيل طوطو” كتعبير مجازي ولكنه جيل شبابي إختار التعبير عن ذاته بلغته الخاصة وموسيقاه الجديدة، وقلقه المشروع واحتجاجه العلني على واقع لا يُشبهه ولا يمنحه مساحة للتعبير.
“طوطو” هنا ليس فقط اسم فنان، بل صار رمزًا لتيار اجتماعي وثقافي جديد لم يجد نفسه في البرامج التعليمية، ولا في السياسات العمومية، ولا حتى في خطب السياسيين الذين لا يعرفونه ولا يتكلمون بلغته ولا يفهمون أولوياته.
والسؤال المؤلم الذي يفرض نفسه من يسمع لهذا الجيل؟
للأسف، الأحزاب السياسية التي من المفترض أن تكون آليات تأطير وتوجيه غابت عن هذا الدور واختارت في كثير من الأحيان إما التفرج من بعيد أو إصدار أحكام جاهزة او استعمال الشباب في محطات انتخابية لتأثيث المشهد وانتهى الأمر، إنشغلت كذلك بموازين الإنتخابات وتحالفات المصالح، وتناسَت أن دورها الأساسي هو الإنصات لصوت الشباب وتمثيل طموحاته.
والمجتمع المدني بدوره الذي يُفترض فيه أن يكون وسيطا بين المواطن والدولة وقع بدوره في فخ الروتين، أو في علاقات التبعية أو الاكتفاء بالشكل دون المضمون، ففشل في إحتضان هذا الجيل واحتوائه داخل فضاءات آمنة للتعبير والمشاركة الفعلية.
جيل الذي حج بالآلاف إلى مدينة الرباط ليسمع“طوطو” لا يبحث عن الفوضى، بل عن الشرعية شرعية الصوت وشرعية الوجود وشرعية الإبداع لكنه لم يجد في الوسائط التقليدية من ينصت له ،فالبطع سيصنع لنفسه وسائطه الخاصة من الموسيقى إلى “الراب”، إلى وسائل التواصل الإجتماعي ، ليصرخ بوضوح نحن هنا سئمنا التهميش والوعود الكاذبة والخطب الجوفاء والمكررة التي لا تشبه واقعه ولا تعكس معاناته.
إن عدم الإنصات لهذا الجيل، وتركه يواجه مصيره وحده ليس فقط خطأً بل مخاطرة حقيقية ،لأنه كلما ازدادت الهوة بين هذا الجيل ومؤسسات التأطير إزداد الغضب واتسعت دائرة الرفض ،كما هو الحال اليوم تتعمق هوة الانفصال بين الشباب والمؤسسات وتضعف الثقة تدريجيا في السياسة والسياسيين، نتيجة الاقصاء وغياب الإنصات الفعلي لعموم هذا الجيل وتطلعاته.
نحتاج اليوم إلى ثورة هادئة في طريقة تفاعلنا مع شبابنا ،نحن في أمس الحاجة إلى أحزاب جادة ومسؤولة ومجتمع مدني قوي يعيدان تعريف دورهما على أساس القرب والحوار والجرأة في إحتضان الشباب بصدق ،لا أن تتعامل معهم أرقام انتخابية موسمية أوديكور تنظيمي ،نريد احزابا تصغي وتؤطر وتفتح الباب أمام الكفاءات الشابة لتساهم فعليا في صياغة المستقبل.
جيل لا يطلب أكثر من أن يُعامل باحترام وأن يسمع إليه دون أحكام مسبقة من يحتضن طاقته بدل أن يخاف منها ومن يشاركه بناء الحاضر لا الحديث عن ماضي لم يعشه...
0 تعليق