الفن يهزم «التمكين» بالضربة القاضية.. معركة «المتحدة» لاسترداد الوعي - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفن يهزم «التمكين» بالضربة القاضية.. معركة «المتحدة» لاسترداد الوعي - بلس 48, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 10:20 صباحاً

«خلي السلاح صاحي.. صاحي».. لم تكن مجرد أغنية للعندليب عبد الحليم حافظ في زمن الحرب، وإنما هي بـ «لغة الرقمنة»، كلمات استرشادية مفتاحية نهتدي بها نحو مفاهيم جديدة للسلاح وللحرب أيضاً، فلم تعد الحرب ساحة قتال على أرض معركة «ملغمة» ذات أسلاك شائكة، بها مدافع ودبابات ومدرعات وأسلحة ثقيلة كتلك التي نعرفها منذ الأزل، وإنما حروب خفية لا نخوضها وإنما تخوضنا، تتغلغل لتصيب العقول في مقتل، تهلك النفس والوجدان معاً بضربة واحدة دون قطرة دم، بطلقات لا ترى بالعين المجردة، تصيب هدفها بدقة في إحداثيات «الوعي»، برغم أن أحداً لا يعرف مكانه بالتحديد في جسم الإنسان.

ومنذ فجر التاريخ، لم يكن الفن مجرد أداة للتسلية و«التلهية»، وإنما هو بالأساس «سلاح ناعم» للمقاومة في أزمنة ظهرت بها أشكال جديدة للحروب، وإذا كانت ثورة «23» يوليو 1952 وجّهت بوصلتها نحو العزة والكرامة وطرد المحتل، وإذا كانت ثورة يناير 2011 فتحت بوابات التعبير عن الانكسار والغضب، فإن «30 يونيو»، اندلعت لتثبت أمام العالم أن "المعركة ضد مصر" لم تكن سياسية فقط، وإنما «ثقافية» في المقام الأول، معركة استخدم فيها جماعة الإخوان أساليبهم الثعبانية الملتوية، لـ «لدغ»المصريين في أعمق مناطق الوجع، بتخدير مكان اللدغ، مؤقتاً، فلا نستفيق إلا والوطن قد تم اختطافه، ولكن حلمهم الشيطاني لم يكتمل، وباءت مخططاتهم الجهنمية بالفشل الذريع، أيقظتهم ثورة 30 يونيو، مفزوعين، على الكابوس الأعظم، بفضل انتباهنا في لحظة التنوير.

يعيش تحت الأرض عدد لا بأس به من الكائنات الحية، بين فئران وزواحف وديدان وحشرات وفطريات، كنوع من التوازن البيئي للطبيعة، ولكنهم لم يطمعوا يوماً في تغيير نمط حياتهم للعيش فوق سطح الأرض، أما جماعة الإخوان المسلمين، فقد أخذتهم العزة بالإثم، وأغرتهم شهوة السلطة، وخرجوا من الجحور، حلموا بالصعود ليس لسطح الأرض فحسب وإنما إلى القمة، صوّر لهم خيالهم المريض أن المصريين «لقمة سائغة» يمكنهم التهامها بسهولة، ولم يدرِ قادتهم أن تلك اللقمة سوف تقف في حلوقهم حتى يخرج السر الإلهي، لم يتعلموا من دروس التاريخ أن مصر المحروسة كانت وستظل عصية على الاحتلال، حتى لو ارتدى الجلباب.

وعندما نجح الإخوان، في غفلة من الزمن، أن يعتلوا سدة الحكم، بانت شراهتهم وغلبتهم شهواتهم وشرعوا في تنفيذ مخططاتهم السوداء، بـ «التمكين الثقافي»، أدركوا أننا بلد الفنون، فإن هم استحوذوا عليها ملكوا عقول المصريين، حاولوا فرض مشروعهم الدموي الذي هدد الروح الحرة للفن في هوليوود الشرق، حاولوا التغلغل في عمق الثقافة المصرية وفنونها التي تقبل التعددية وتتقبل الاختلافات وتحتفظ بهويتها منذ آلاف السنين، أرادوها ثقافة «مؤدلجة»، محبوسة في أيديولوجيات وأفكار ظلامية تحاصر الإبداع بقيم الوصاية والأخونة، بذلوا قصارى جهدهم لفرض خطابهم الثقافي الأحادي، المتدين المزيف، القائم على «المظلومية»، حاولوا «إذابة» الشخصية المصرية في سرديات دينية عابرة للحدود، بالترويج لهوية بديلة قائمة على «الانتماء الأممي الإسلامي»، وجاء الرد من الميدان الفني نفسه.

«في حياة كل إنسان لحظة لا تعود الحياة بعدها كما كانت قبلها»، هكذا قال الروائي الراحل أحمد خالد توفيق، وهكذا جاء يوم «30» يونيو 2013، وكأنه جاء بزمن جديد وشكل حياة مختلف عن الحياة التي عشناها من قبل، ثمة شيء غير عادي حدث للمصريين، تحولات طرأت على كل شيء حولنا، ولم تكن بصمة الثورة على الفن، كأي بصمة تأملناها من قبل، على مدار عصور، حينما أدرك الفنانون أن عليهم دورا «وطنيا» للدفاع عن الهوية المصرية، بالوقوف على الجبهة لحماية الوعي الجمعي، وصدّ عدوان مشروع التمكين الإخواني الأخطبوطي، الذي يسعى لتحويل الشعب المصري إلى وحوش تهيم في البرية، وتأكل بعضها بعضا.

لم يخيّب الفنانون ظن وطنهم، اصطفوا على الجبهة فور الشعور بالخطر، واحتشدوا كمنصات مؤثرة، ودروع بشرية، وشركاء أصليين ضد مشروع التمكين، وشارك كبار النجوم في مظاهرات ميدانية حاشدة تطالب بالحق في الجمال والاختلاف والحرية، والقائمة طويلة من ممثلين ومطربين استخدموا أسلحتهم «التنويرية الناعمة» في مواجهة الظلام الإخواني، والفاشية الدينية، وثقافة التحريم والتكفير، واستفاق الإعلام من غيبوبة الهزل التي وقع فيها خلال حقبة الإخوان السوداء، ونفض عن نفسه غبار الخطاب الديني المتطرف، وأصبح أكثر وعياً بأبعاد معركة الوعي والهوية، وعادت الرموز الوطنية لاعتلاء الشاشات.

واستطاعت الدولة أن تصبح رقم «1» في معادلة دعم الفن الحقيقي الذي يناهض التطرف، و«يرمم العقل الجمعي»، ودشنت أكبر صرح إعلامي وثقافي وطني في الشرق الأوسط: «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، لضبط بوصلة المصريين نحو هويتهم الأصيلة، ذلك المشروع الضخم الذي دعم الإنتاج الدرامي والسينمائي الوطني، ومنع تسلل الخطاب الظلامي «المؤدلج»، بإحياء المحتوى الوثائقي الوطني، وإطلاق المبادرات التعليمية والإعلامية، لنزع أي أفكار طائفية تسللت لعقول الأجيال الجديدة، وإعادة رسم صورة مصر إعلامياً وفنياً، بشكل يليق بتاريخها العظيم، لاستعادة دورها الريادي كـ «جوهرة التاج» للأمة العربية.

وبدأت السينما في استرداد مجدها كمشروع وطني، على أيدي المتحدة، فظهرت أفلام مثل «الخلية»، و«الممر»، و«السرب»، لوضع مفهوم «الجيش الحامي» في صلب الحكي السينمائي، كما طرحت أفلاماً منحازة لهموم الإنسان سواء بشكل ساخر أو تاريخي، مثل «بيت الروبي»، و«كيرة والجن»، وحققت الدراما المصرية قفزات هائلة من حيث الموضوعات والمضامين، وظهرت ملحمة "الاختيار" كتوثيق درامي واضح لمعركة الدولة مع الإرهاب، من منظور إنساني وبطولي، لدحض «الروايات الكاذبة» التي حاول الإخوان تسويقها أمام العالم، وظهرت مسلسلات مثل«الجماعة 2»، «هجمة مرتدة»، «العائدون»، و«القاهرة كابول»، لإعادة قراءة العشرين سنة الماضية، وكشف مشروع التمكين، في إطارات فلسفية مخابراتية، من منطلق أيديولوجي استراتيجي وطني نجح في فضح «سرديات الإخوان»، وكسب معركة «استعادة الوعي»، من خلال الحبكة الدرامية، والحوار الكاشف، والتوثيق، وطرح شهادات حية للأبطال الحقيقيين.

كما قدمت ملحمة «الحشاشين»، بأحدث مستويات الإبهار البصري والتقني، لجذب المشاهدين في عصر تنافسية السموات المفتوحة، كاختيار تاريخي رمزي لجذور الإرهاب، من خلال هذه الجماعة الدينية الدموية التي ظهرت في القرن «11»، وعادت أفكارها للظهور بعد ألف عام، تحت عباءة تنظيم الإخوان.

وفي مجال الأغنية، وبعد صعود موجة الغناء الدعوي «إنشاد الشباب»، ومحاولات تحريم الغناء، ظهر على خط المواجهة تيار الغناء «المقاوم» الذي أعاد الاعتبار لمفهوم «الوطن»، ومنها «تسلم الأيادي»، التي تعد أول صرخة انتصار للدولة المدنية، حشدت الجماهير لتحرير وطنهم، وأغاني «أنا ابن مصر»، و«قالوا إيه»، و«إحنا مش بتوع حداد»، وشهدت مرحلة ما بعد «30» يونيو عودة الأصوات المصرية الأصيلة، وتدشين الحفلات الغنائية الرسمية، بين كلاسيكي وشعبي ووطني، وأطلقت منصات جاذبة عبر السموات المفتوحة، مثل «واتش ات». وبرغم التراجع النسبي للمسرح، إلا أن مسرح الطليعة، والقومي، شهدا تجارب جادة لعرض جرائم الإرهاب، ومناقشة قضايا الهوية والانتماء.

باختصار، نجحت ثورة 30 يونيو في إغلاق نوافذ المشروع التخريبي، وإسقاط منصة التشكيك والتفكيك، وبناء قواعد صواريخ فنية وإعلامية وثقافية كدروع ذكية تفكك أدوات العدو من «رمز، سرد، خطاب ديني، وإعلام رقمي»، بتوثيق البطولات، وتحليل الإرهاب، وكشف الاختراقات، وتدمير ماكينات الإعلام الإرهابي، وإدارة «معركة الروايات»، باعتبارها «أم المعارك». واشتبك الفن في المعركة، وكشف الخداع الإخواني، وأعاد جسور الثقة بالنفس، وأسهم في بناء جهاز مناعي قوي لا ينخدع بشعارات مزيفة، مهما كانت براقة.

اقرأ أيضاً«فاتن سعيد» لـ الأسبوع: فيلمي الجديد «برشامة».. وتوقعت نجاح مسلسل قهوة المحطة

الحلقة الأولى تصدرت الترند.. ما قصة مسلسل مملكة الحرير؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق