المركزي الأوروبي يحذر من صعود العملات المستقرة.. ما القصة؟ - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المركزي الأوروبي يحذر من صعود العملات المستقرة.. ما القصة؟ - بلس 48, اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 01:33 مساءً

في الوقت نفسه، تتسارع خطوات الولايات المتحدة لتقنين هذا القطاع عبر تشريعات تُنظم إصداره واستخدامه، مما يمنح هذه العملات زخماً إضافياً ويضع الاقتصادات الأخرى أمام واقع مالي متغير. وتأتي هذه التحركات في سياق تنافسي عالمي يخلط بين الابتكار المالي والمخاطر المرتبطة بانتقال رؤوس الأموال وأساليب الدفع.

وسط هذه التحولات، تتزايد تحذيرات خبراء المال وصانعي السياسات النقدية من تداعيات الاعتماد الواسع على العملات المستقرة، خصوصاً في اقتصادات تتعامل بعملات رئيسية غير الدولار. وهو ما يفتح النقاش حول سيادة السياسات النقدية وأدوات التحكم المالي التقليدية في مواجهة هذا التغيير السريع.

تحذير أوروبي

ونقل تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تحذيرات مسؤول كبير في البنك المركزي الأوروبي من أن صعود العملات المستقرة المرتبطة بالدولار الأميركي "يهدد بتقويض سيطرة البنك على السياسة النقدية".

ووفق المستشار في وحدة البنية التحتية للسوق والمدفوعات في البنك المركزي الأوروبي، يورجن شاف، فإن التبني السريع للعملات المستقرة قد يترك منطقة اليورو تواجه ظروفًا مماثلة للاقتصادات الناشئة "المدولرة"، حيث يمكن أن يؤدي الاستخدام الواسع النطاق للعملة الأميركية إلى إعاقة جهود صناع السياسات المحليين لتحديد أسعار الفائدة أو السيطرة على المعروض النقدي.

ارتفعت التداولات العالمية للعملات المستقرة - الرموز التي تتبع قيمة العملات الورقية وتشكل حجر الزاوية في تداول العملات المشفرة - إلى حوالي 250 مليار دولار، حيث ترتبط الغالبية العظمى منها بالدولار، حيث يسعى دونالد ترامب إلى ترسيخها كركيزة أساسية للتمويل السائد.

وفي مقال نُشر على مدونة البنك المركزي الأوروبي الاثنين، كتب شاف: "إذا أصبحت العملات المستقرة بالدولار الأميركي مستخدمة على نطاق واسع في منطقة اليورو - سواء للمدفوعات أو الادخار أو التسوية - فقد تضعف سيطرة البنك المركزي الأوروبي على الظروف النقدية".

وقال أيضا إن "الانهيار غير المنظم" لعملات القطاع الخاص المستقرة قد "يتردد صداه في جميع أنحاء النظام المالي"، مع تزايد قلق البنوك المركزية بشأن انتقال العدوى.

تدير Tether وCircle أكبر عملتين مستقرتين، ولكن من المتوقع أن يمهد إقرار التشريع الأميركي التاريخي هذا الشهر لتنظيم القطاع الطريق أمام بنوك وول ستريت لإطلاق عروضها الخاصة.

ويضيف تقرير الصحيفة البريطانية:

  • العملات المستقرة مدعومة بأصول آمنة، مثل السندات الحكومية، بنسبة متطابقة، وهي مصممة لتكون بمثابة جسر بين العملات المشفرة والنظام المالي السائد.
  • يزعم داعموها أنها أكثر كفاءة من التحويلات المصرفية الدولية، إلا أن إخفاء هويتها جعلها قنوات شائعة لتهريب المخدرات وغسل الأموال.
  • يُمثل تحذير البنك المركزي الأوروبي أحدث مخاوف محافظي البنوك المركزية بشأن نمو العملات المستقرة.. وقد صرّح بنك التسويات الدولية الشهر الماضي بأن أداء العملات المستقرة كعملة "ضعيف"، لأنها لا تحظى بدعم البنوك المركزية، وتفتقر إلى الحواجز الكافية ضد الاستخدام غير المشروع، ولا تتمتع بالمرونة اللازمة للتمويل اللازم لإصدار القروض.
  • إن الإطلاق المحتمل لعملات مستقرة تدفع فائدة للمودعين قد يؤدي إلى استنزاف الأموال من الودائع المصرفية التقليدية، مما يعيق قدرة المقرضين على توفير الائتمان للاقتصاد.

مخاطر تدريجية

يرى خبير أسوق المال، محمد سعيد، أن صعود العملات المستقرة في منطقة اليورو لا يشكل تهديداً مباشراً للسياسة النقدية حتى الآن، لكنه ينطوي على "مخاطر تدريجية" قد تتزايد مستقبلاً، لا سيما في حال توسّع استخدامها كوسيلة للدفع بالتجزئة أو تنويع الودائع المصرفية.

ويوضح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"  أن هيمنة الدولار الأميركي على سوق العملات المستقرة، من خلال عملات مثل USDT وUSDC، قد تمثل تحدياً لسيادة منطقة اليورو النقدية، إذ يؤدي ازدياد استخدام هذه العملات في المعاملات داخل أوروبا إلى تعزيز التأثير غير المباشر للولايات المتحدة على السياسة النقدية الأوروبية، وزيادة الاعتماد على النظام المالي الأمريكي.

ويضيف: "إذا ما استُخدمت العملات المستقرة المقومة بالدولار على نطاق أوسع، فقد يجد البنك المركزي الأوروبي نفسه في وضع يصعب فيه التحكم بنفس الكفاءة في المعروض النقدي أو أسعار الفائدة، بل وقد ترتفع تكلفة الاقتراض في أوروبا مقارنة بالولايات المتحدة، حيث يكتسب الدولار وزناً أكبر في التعاملات"

ورغم ذلك، يؤكد سعيد أن البنك المركزي الأوروبي لا يزال يسيطر على أدوات السياسة النقدية، مشيراً إلى أن حجم العملات المستقرة المقومة باليورو لا يزال "صغيراً نسبياً"، لكنه يرى أن الصورة قد تتغير مستقبلاً.

ضغط على أوروبا

ويشير تقرير لمؤسسة SWP الألمانية المتخصصة إلى أن "تنظيم العملات المستقرة في الولايات المتحدة يزيد الضغط على أوروبا".. ويضيف:

  • يضع قانون جينيس GENESIS Act الأميركي قواعد واضحة للعملات المستقرة.
  • قد تُسبب المخاطر المرتبطة به صعوبات للاتحاد الأوروبي، وتزيد من الضغوط لمواجهة ذلك باليورو الرقمي.

تلعب العملات المستقرة دوراً متنامياً في النظام المالي العالمي. ويمثل قانون جينيوس لعام 2025، الذي وقّعه الرئيس دونالد ترامب في 18 يوليو، تطوراً هاماً، إذ يُرسي إطاراً قانونياً شاملاً وملزمًا للأصول المشفرة. وتضع هذه الخطوة التاريخية الولايات المتحدة في طليعة الابتكار التنظيمي في هذا القطاع. كما أنها تثير تساؤلات مهمة حول الاستقرار المالي العالمي، والديناميكيات الجيوسياسية، وتضارب المصالح المحتمل.

تُمثل العملات المستقرة فئةً محددةً من العملات المشفرة. ترتبط قيمتها بأصلٍ مُحدد، وهو عادةً عملةٌ تقليديةٌ كالدولار الأميركي. ويُدمج قانون "جينيوس" العملات المستقرة في النظام المالي الأميركي. وللامتثال للمتطلبات التنظيمية، يجب أن تكون العملات المستقرة مدعومةً بالكامل بأصولٍ سائلةٍ بالدولار الأميركي، وبشكلٍ رئيسيٍّ في شكل سندات خزانة قصيرة الأجل. كما تُرسي القواعد الجديدة إطارًا قانونيًا واضحًا للعملات المستقرة في أكبر أسواقها، ولكنها تنطوي أيضًا على مخاطر كبيرة.

تحدي متصاعد

من جانبها، تشير خبيرة أسواق المال حنان رمسيس، لدى حديثها مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن العملات المستقرة، وهي أصول رقمية تُصمم للحفاظ على قيمة ثابتة غالباً ما تكون مرتبطة بالدولار الأميركي، تمثل تحدياً متنامياً أمام سياسات النقد في منطقة اليورو.

وتوضح أن البنك المركزي الأوروبي حذّر مؤخراً من الاعتماد الواسع على العملات المستقرة المرتبطة بالدولار، لما لذلك من انعكاسات سلبية محتملة على الاستقرار النقدي في المنطقة، مشيرة إلى أن هذا الارتباط يعزز قوة الدولار على حساب اليورو، ويحدّ من قدرة الأخير على عكس الأداء الحقيقي لاقتصادات منطقة اليورو.

كما أن التبني السريع للرموز المرتبطة بالدولار من شأنه أن يترك البنك المركزي الأوروبي يواجه صعوبة في السيطرة على المعروض النقدي وأسعار الفائدة؟

وتضيف: "استمرار ارتباط العملات المستقرة بالدولار يعمّق من هيمنة العملة الأميركية عالمياً، ما قد يضعف مكانة اليورو ويفرض قيودًا إضافية على سيادة السياسة النقدية الأوروبية".

وتؤكد رمسيس أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تعقيد جهود البنوك المركزية الأوروبية في إدارة الاستقرار الاقتصادي، خاصة في ظل التقلبات التي يشهدها الدولار حاليًا، الأمر الذي قد يفرض تحديات إضافية أمام ضبط التضخم وحركة رؤوس الأموال في المنطقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق