فقدت الساحة الثقافية التونسية والعربية أحد أعمدة الفن التشكيلي، الفنان الكبير حمادي بن سعيد، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة إبداعية امتدت لأكثر من أربعة عقود من العطاء الفني والتربوي.

وأصدرت وزارة الشؤون الثقافية بياناً نعت فيه الراحل، معتبرة إياه "صوتاً تعبيرياً مميزاً ومربيًا جماليًا آمن بدور الفنون في صياغة وعي الأجيال"، معربة عن عميق حزنها لفقدان فنان ترك بصمة واضحة في المشهد الفني التونسي. كذلك، تقدم اتحاد الفنانين التشكيليين بتونس بخالص التعازي إلى عائلة الراحل وزملائه ومحبيه، مؤكداً أن خسارة حمادي بن سعيد "لا تُعوض لمسيرة من الالتزام الفني والتربوي".

وُلد حمادي بن سعيد في عام 1948 بالعاصمة تونس، ولم يتلقَّ تكويناً أكاديمياً رسمياً في مجال الفن، بل كان مثالاً للفنان العصامي الذي بدأ حياته المهنية كمدرس قبل أن يكرّس حياته للفن والثقافة. وكان يؤمن بأهمية التربية الجمالية، فاتخذها محور مشروعه الفني، حيث عمل على تنشيط نوادي الفنون التشكيلية للأطفال في مختلف المناطق التونسية، مساهماً في تنشئة أجيال من محبي الفن.

امتدت تجربة حمادي بن سعيد الفنية إلى الخارج، فقد أقام ثلاث سنوات بمدينة الفنون في باريس، حيث تفاعل مع تيارات الفن الأوروبي الحديث، مما أغنى رؤيته التعبيرية وأضاف بعداً عالمياً إلى أعماله، مع الحفاظ على خصوصيته الثقافية التونسية الأصيلة.

شارك الراحل في العديد من المعارض الشخصية والجماعية المحلية والدولية، منها مشاركات بارزة في إطار "مدرسة تونس للفنون التشكيلية"، وكذلك معارض في فرنسا وسويسرا وإيطاليا والدنمارك، حيث لاقت أعماله استحساناً نقدياً لما تحويه من أصالة وحس إبداعي رفيع.

ويعتبر نقاد الفن التشكيلي أن مساهمات حمادي بن سعيد تمثل منجزاً بارزاً في تاريخ الريشة التونسية المعاصرة، إذ تميزت أعماله بالعمق التعبيري والتجريب التقني، مما جعلها تحتفي بها المتاحف وأروقة العرض الكبرى، لتظل إرثاً خالداً في المشهد الفني العربي.

رحم الله الفنان حمادي بن سعيد، ورحم الله موهبة نادرة تركت أثراً لا يُنسى في عالم الفن والثقافة.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك