الضفة تُذبح من الوريد إلى الوريد.. والكبار نائمون! - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الضفة تُذبح من الوريد إلى الوريد.. والكبار نائمون! - بلس 48, اليوم الجمعة 25 يوليو 2025 05:33 مساءً

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية

يا ضفّةَ النخيل والزيتون، يا روحَ فلسطين، يا خاصرةَ التاريخ التي ضاق بها الصبر.. .اليوم نبكيك علنًا. نبكيك كأم فقدت طفلها ولم تجد من يعزّيها، كقلب انتُزع من صدر أمّة بات فيها الإحساسُ ترفًا.

في ظهيرة الأربعاء المشؤوم، انعقدت جلسة الكنيست الإسرائيلي، لا لإقرار ميزانية أو سن قانون اجتماعي، بل لإعلان دفن الضفة الغربية تحت ركام السيادة الصهيونية. جلسة باردة في قاعة مكتظة بالحقد والادعاء، خرج منها قرار يزفّ خبر الضم القانوني والإداري والسياسي الكامل لما تبقّى من جسد الضفة الجريح، وكأنهم يضعون آخر مسمار في نعش القضية.

71 عضواً صوّتوا بنعم، و15 فقط، معظمهم من الأحزاب العربية، حاولوا أن يقولوا لا.. .لكن من يصغي في عالم أصمّ؟ أما الآخرون، ممن امتنعوا عن التصويت، فلم يفعلوا ذلك بدافع الشرف، بل بدافع حسابات التأجيل والتوقيت، كمن يختار ساعة الذبح بهدوء كي لا تُفسد كاميرات العالم مشهد السيطرة التوراتية الكاملة.. .

الضفة لم تُضَم اليوم، بل تُوّج قرار ضمّها بعد سنواتٍ طويلة من الزحف الاستيطاني والتقسيم الجغرافي والتهويد المتدرج. عقودٌ تغيّر فيها المشهد الميداني، وتعقّدت الخيارات، وتراكمت التحديات على كاهل الفلسطيني المتمسك بالبقاء رغم كل الظروف.، ،

الكنيست ما كان ليجرؤ على هذا القرار لولا ختم الرضا الأمريكي، الذي يأتي في كل مرة كمهر لتطبيع جديد، أو صفقة تبادل، أو تأييد ديني يضفي شرعية زائفة على عقيدة سياسية تزعم: هذه الأرض لنا وحدنا، لا مكان للفلسطيني، لا مكان للعربي، لا مكان حتى للذكرى.، ،

إنه قرارٌ يُعيد كتابة النكبة بأحرف سوداء، على جبين أمة تشتت مواقفها، وتفرّق مشروعها، وتراخت مؤسساتها، بينما تتواصل عمليات التهويد والتجريف في صمت دولي وعجز إقليمي.

وداعًا يا ضفّتنا، يا زهرةً جُرّفت، ويا بيتًا أُحرق، ويا زيتونةً اقتُلعت من جذورها. لن يكتب التاريخ عن هذا اليوم فقط كجلسة برلمانية، بل كجلسة وداع مؤلمة، اختار فيها العدو زمن الذبح، واختار فيها العرب لحظة الصمت.

إنها نكبة جديدة، أشد قسوة من سابقتها، لأننا نراها تحدث أمامنا، ولا نملك إلا الحزن. نكبة تُقاس لا فقط بمساحات الأرض، بل بوزن الخسارات الرمزية، وغياب الفعل، وانهيار الحلم الجماعي.، ،

الضفة الآن ليست محتلة فقط، بل إسرائيلية بالقانون.، ،

وغدًا، سيتحوّل هذا القرار إلى خرائط، ثم إلى حدود، ثم إلى مناهج، ثم إلى واقع جديد مفروض على الجميع.

أما نحن، فسنكتفي بدمعة وبقايا أغنية، وحديث مكسور عن عروبة ضائعة في زمن المتاهة.

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية..

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق