بالبلدي: إسرائيل وسياسة فرض الأمر الواقع - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم ✍️ محمد دياب (مسؤول بقسم الموارد البشرية بإحدى الشركات السياحية -القاهرة)

في وقت يُعيد العالم حساباته في ظل تغيرات كبرى على المسرح السياسي الدولي تقف إسرائيل على مفترق طرق مُستغلة حالة الفوضى والتردد العالمي لتنفيذ أجندتها الإقليمية من خلال اعتمادها على سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.
تسعى إسرائيل لإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها دون النظر إلى التبعات الدولية أو الإنسانية.
هذا النهج الإسرائيلي يطرح تساؤلات عميقة حول مدى قوة القانون الدولي وإلى أي مدى يمكن أن يظل النظام العالمي قائما على مبادئ العدل والشرعية في مواجهة المصالح السياسية والعسكرية.

يشهد العالم اليوم لحظة من الضعف في القيادة الدولية خاصة في الولايات المتحدة التي تعيش حالة من التردد بسبب الانتخابات الرئاسية.
إسرائيل وبدقة شديدة تستغل هذا التردد لتحقيق مكاسب على الأرض ،فالولايات المتحدة التي كانت تمثل لسنوات الحليف الأقوى لإسرائيل تبدو اليوم أقل قدرة على اتخاذ قرارات حاسمة مما يمنح إسرائيل مساحة أكبر للتحرك دون رادع.

إسرائيل تدرك أن القوى الكبرى مشغولة بصراعاتها الداخلية والخارجية وهو ما يتيح لها فرصة نادرة لتوسيع نفوذها.
هذه الاستراتيجية تعتمد على توقيت مدروس حيث تستغل إسرائيل لحظة الفراغ هذه لتوجيه ضربات متتالية لحماس في غزة وحزب الله في لبنان بالإضافة إلى استهداف الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق.

القانون الدولي الذي كان يهدف إلى ضمان العدالة والاستقرار بين الدول بات اليوم ضعيفا في مواجهة التحركات الإسرائيلية، فمنذ عقود كانت إسرائيل تتحرك ضمن إطار حماية القوى الدولية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة لكنها اليوم تعتمد بشكل أكبر على فرض الأمر الواقع من خلال القوة العسكرية.

ما نشهده من تدخلات إسرائيلية في شؤون دول أخرى مثل لبنان وغزة والعراق واليمن هو تعبير واضح عن تراجع شرعية النظام الدولي ،فإسرائيل لا تتردد في تنفيذ عملياتها العسكرية تحت ذرائع “مكافحة الإرهاب” أو “الأمن القومي” بينما تُبطن أهدافًا أعمق تتعلق بتوسيع نفوذها وتحقيق مصالحها الجيوسياسية.
ولكن منذ متى كانت اسرائيل صادقه؟ منذ متى كانت اسرائيل تقول ماتفعل او تُبطن غير ماتُظهر دائماً تُظهر مالا تُبطن.

إن ما يجري في المنطقة اليوم يعكس تحولًا في توازنات القوى والمصالح العالمية.
القوى الكبرى لم تعد تسعى إلى فرض سياسات تقوم على مبادئ القانون الدولي بقدر ما تركز على حماية مصالحها الاستراتيجية. هذه الحسابات السياسية المعقدة تمنح إسرائيل القدرة على التحرك بحرية أكبر مستغلة الفراغ الذي خلّفه غياب القيادة الدولية.

ما تفعله إسرائيل اليوم يتجاوز مجرد صراع إقليمي إنه مؤشر على انهيار النظام العالمي القائم على القانون الدولي.
إذا استمرت إسرائيل في سياستها دون مواجهة ردع دولي حقيقي فإننا قد نشهد صعودا جديدا لقانون الغاب حيث تصبح المصالح والقوة العسكرية هي الحكم الوحيد.
نحن أمام مفترق طرق حقيقي في العلاقات الدولية، إما أن يُعاد فرض القانون الدولي ويستعيد دوره في ضبط السلوكيات الدولية أو أن يسيطر منطق القوة على العالم مما قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى والاضطرابات في الشرق الأوسط والعالم بأسره.

إن ما تفعله إسرائيل اليوم ليس مجرد انتهاك للقوانين الدولية بل هو تحدٍ صارخ لمفهوم العدالة في العالم بأسره. إذا استمر هذا التجاهل الصارخ للقانون الدولي فإن العالم سيصبح ساحة مفتوحة لقوى الغاب حيث تنتصر القوة على الحق وتُهمّش العدالة لصالح المصالح الضيقة.
اليوم العالم يقف على شفا هاوية وإذا لم تتحد القوى الدولية لإعادة النظام إلى نصابه فقد نشهد انهياراً تاماً للنظام العالمي كما نعرفه. السؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل سيترك العالم إسرائيل تفرض قانونها الخاص أم أن هناك مَن سيقف ليُعيد للعالم صوته العادل؟.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق