بالبلدي: نصر أكتوبر..علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم ✍️ أ.د مها عبدالقادر

(أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة ـ جامعة الأزهر)

يعد نصر أكتوبر المجيد علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حيث حقق الجيش المصري انتصارًا كبيرًا استعاد من خلاله كرامة الوطن وأراضيه المحتلة وهذا النصر لم يكن مجرد نجاح عسكري، بل كان تجسيدا لوحدة الشعب والجيش، ورمزًا للعزيمة والإرادة؛ فالجيش المصري العظيم هو العمود الفقري للأمن القومي، وقد أثبت منذ ذلك الحين قدرته على مواجهة التحديات، سواء على الصعيد العسكري أو في مجالات التنمية والبناء، وتاريخه مليء بالتضحيات والبطولات، وهو دائمًا في مقدمة الصفوف؛ لحماية الوطن وصون مقدراته، كما يُذكرنا نصر أكتوبر بأهمية الوحدة والتضامن، ويدفعنا للعمل معًا نحو مستقبل أفضل ومواصلة دعم جيشنا العظيم، ونتذكر دائمًا أن قوتنا تكمن في تلاحمنا وعزيمتنا على تحقيق المزيد من الإنجازات.
وتعبر انتصارات أكتوبر المجيدة عن العقيدة الراسخة لجيشنا المصري العظيم والتي تقوم على الولاء والانتماء للوطن وتغليب مصالحه العليا، والقيام بالعديد من المهام والمسؤوليات القومية، أهمها حماية الدستور والأرض والذود عن الوطن ودحر التنظيمات الإرهابية التي تهدف إلى تدمير مقدرات البلاد البشرية والمادية، لذلك فهو سيف الوطن ودرعه.
وقد أقسموا جنودنا البواسل أمام الله عز وجل أن يدافعوا عن وطنهم ضد كل ظلم أو عدوان، وأن يطيعوا قيادتهم الذين اتخذوا القرارات الحكيمة والحاسمة دون تردد أو تهاون من أجل الهدف النبيل والاسمي وهو حماية الوطن؛ فإما النصر أو الشهادة، فهم يمتلكون قيمنا الأصيلة والنبيلة من حب الوطن والصدق والأمانة والعزة والكرامة والجرأة والشجاعة في الحق، تلك القيم التي تتفق مع قيم المجتمع المصري وتاريخه العريق، ونؤكد أن مكانة الجيش المصري كقوة دفاعية ذات مبادئ راسخة لم يكن أداة للعدوان أو الأطماع، وذلك يؤكد صورته كقوة دفاعية، والتزامه بمبادئ الدفاع عن الوطن، مما يُعطيه مصداقية على الصعيدين الداخلي والدولي، وبالتالي يحظى باحترام الجميع ويُبرز قوته وثباته.
وتُعتبر حرب أكتوبر المجيدة عام 1973م، ونحن في الذكري (51) لها حدثا تاريخيا مُلهِما للأجيال، حيث تُعكس قيم الشجاعة والتضحية والإصرار وتحقيق الأهداف الوطنية، ولا تزال حرب أكتوبر حاضرة، وتؤكد لدينا الإصرار والعزيمة في مواجهة التحديات، وتُبرز قيمة الشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعًا عن الوطن، بكل فخر واعتزاز؛ فقد تمت حرب أكتوبر في ظل ظروف صعبة وموارد محدودة، لكن الإرادة القوية للشعب والجيش كانت العامل الحاسم في تحقيق النصر، إلي جانب التعاون الإقليمي مع الدول المجاورة، مما يؤكد علي أهمية فكرة التضامن العربي وتحقيق النهضة ومواجهة كافة التحديات والأخطار كقوة إقليمية.

وقد قدم نصر أكتوبر، العديد من الدروس المستفادة التي يمكن تطبيقها في الوقت الحالي؛ فالتخطيط الجيد والدقيق المسبق، كان له دور أساسي في تحقيق النصر العظيم، كما أن التضامن والتعاون بين جميع فئات المجتمع، والتنسيق مع الدول الإقليمية من خلال بناء تحالفات وشراكات استراتيجية تعد من أبرز علامات النجاح، وتحقيق الأهداف وحماية المقدرات البشرية والمادية، مع وجود جيش مصري أصيل يمتلك القدرة على إدارة الأزمات بفعالية وذكاء ومرونة واستثمار الموارد المتاحة بشكل أمثل مع الإيمان بالقدرات الذاتية والإرادة القوية والدبلوماسية العسكرية التي تؤمن بالقدرات وتسعي دوما لتحقق المستحيل.
وأمام هذه الذكري الجليلة لا نملك من الكلمات ما يعبر عن الاحترام العميق والتقدير والإجلال لشهداء الوطن، فلا يسعنا إلا أن نشيد بهم، وجميع أبناء المؤسسة العسكرية والشرطة، الذين ضحوا بأرواحهم فداءً للوطن، لرفع راية الحق عالية خفاقة وتحقيق الأمن والاستقرار؛ فما حدث في شبه جزيرة سيناء هو خير شاهد ودليل على قوة وصمود الجيش المصري وإصراره على دحر العدوان والإرهاب بكافة أشكاله وصوره؛ فقواتنا المسلحة المصرية بقيادتها القوية والصارمة، تسعي دومًا لتكوين وإعداد أفراد ذوي مسؤوليات ومهام مستحيلة، وتمتلك العديد من آليات التنسيق والتعاون بين مختلف أفرعها؛ لتنفيذ الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها وصيانة الأمن والسيادة المصرية.
ونظراً لأهمية مؤسساتنا العسكرية والشرطية، فإن القيادة السياسية تسعى دائماً إلى تحسين تجهيزات وتقدم الدعم اللوجستي الازم لهم، واستخدام الأسلحة المتطورة والتقنيات الحديثة، فضلاً عن التدريب المشترك الذي يساعد على تطوير المهارات وزيادة الخبرات؛ للمقاتلين وهذه الجاهزية تضعهم في حالة تأهب تامة، مما يدعم قدرتهم على حماية وطنهم والمنطقة بكل ما أوتوا من شجاعة، وإقدام، وإصرار، وعزيمة.
وعلى الرغم من أن الجيش المصري العظيم معروفًا ببراعته العسكرية، إلا أن إنسانيته أظهرت نفسها في مساعدة أولئك الذين يعانون من العدوان أو الكوارث بكافة أشكالها، واشتراك الأجهزة العسكرية في التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية الشديدة التي تعاني منها المنطقة والدول المجاورة، وتوفير الدعم اللوجستي اللازم لهم في أوقات الأزمات، والمساعدة في إعادة الإعمار، فهي رسائل نبيلة لا يمكن تحقيقها إلا من قبل أفراد ذوي قدرات خاصة يمتلكون الإيمان والعقيدة النقية المعطاءة.

وتعتبر حماية الأمن القومي من الأولويات القصوى للمؤسسة العسكرية، وهي تتطلب جهودًا مستمرة من جميع الأطراف المعنية، للتوعية بأهمية دور المؤسسة العسكرية في الحفاظ على الأمن والاستقرار؛ فلا يمكن تحقيق الإصلاح والتنمية المستدامة دون وجود بيئة آمنة، حيث يعتبر الأمن هو الأساس الذي يُبنى عليه أي تقدم في مختلف المجالات، ومن ثم فالوضع الحالي يتطلب الاصطفاف الوطني، وتكاتف جميع طوائف الشعب خلف دولته، ويعد هذا الاصطفاف تأكيدا لقوة الدولة وقدرتها على مواجهة التحديات وتمكينها من أن تأخذ مكانتها بين الدول المتقدمة، مما يُسهم في تحقيق الأهداف، والطموحات المستقبلية وتحقيق الريادة والتنافسية.
وهذا يتطلب منا جميعًا أن نكون حصنا منيعا ضد الشائعات والمعلومات المغلوطة؛ فالتسلح بالوعي والعلم والمعرفة هما الأساس لمواجهة كل من يحاول النيل من وحدتنا الوطنية، وفي هذا السياق نجد ضرورة لتجديد العهد مع شهدائنا وتقدير تضحياتهم وأن نتذكر أن الحرية التي ننعم بها اليوم هي نتيجة لتضحياتهم، ولنعاهدهم أن نحافظ على مكتسبات الوطن ومواصلة المسيرة نحو التقدم؛ فالثقة بين الجيش والشعب ليست مجرد شعار، بل هي عهد يتجدد كل يوم بأفعالنا قبل أقوالنا؛ فقوة مصر تكمن في وحدة شعبها وتلاحمه مع دولته.
ويعد أمر ضروريا لحماية وطننا وجيشنا العظيم أن ننتبه ونأخذ الحذر والحيطة؛ لكل ما يواجه وطننا بكل قوة وحزم؛ فأعداء الوطن يسعون دائما لزرع الفتنة وبث الأكاذيب للنيل من الشعوب وعملا بمبدأ فرق تسد، ولنقف جميعًا صفًا واحدًا ضد هذه المحاولات الخبيثة، ولنجدد التزامنا بالالتفاف حول جيشنا وثقتنا في قدراته؛ فكما كانت وحدتنا سر النصر العظيم، فهي اليوم حصننا المنيع ضد كل من يحاول المساس بأمن وطننا الغالي؛ فالتلاحم والوعي هما المفتاحان لحماية وطننا.
ويجب علينا اليوم أن نقف صفا واحدا في مواجهة التحديات المعاصرة، سواء كانت عدوانا أو الإرهاب الذي يحاول النيل من أمننا أو التحديات الاقتصادية المتزايدة يوميا، وأن نستمد الإلهام من نصر أكتوبر التاريخي، ولنرفع رؤوسنا عالياً بعزة وفخر وكرامة، فنحن أبناء أمة عريقة تحمل في طياتها تاريخًا مجيدًا وما زالت تصنعه، وتصدره للعالم، من نصر أكتوبر إلى الإنجازات المستمرة لليوم، ومن حماية الأرض والعرض والحدود إلى التعمير والإعمار وتشيد المدن الجديدة؛ فالمصري يستمر في تسطير عظمته، وسيظل جيش مصر العظيم رمزًا للقوة والكفاءة والوطنية الصادقة؛ فلنستمر في العمل والتكاتف معًا من أجل مستقبل أفضل، فالوطن يستحق منا كل الجهد والعمل الجاد والعطاء؛ ولنحافظ على وحدتنا ونبني على ما حققناه، ولنجعل من كل إنجاز خطوة نحو مزيد من التقدم والازدهار، وبناء مستقبل أفضل لوطننا وشعبنا وأجيالنا الحالية والمستقبلية.
حفظ الله مصرنا العزيزة وجيشنا العظيم وقيادته الحكيمة المخلصة، ومؤسسات دولتنا وشعبنا لاستكمال مسيرة البناء والنهضة والتعاون.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق