في مشهد يتكرر لكنه لا يفقد أثره، عادت أسعار السجائر لتشعل الجدل في الأسواق المصرية، مع مطلع يوليو، لم تعد "العبوة" كما كانت، فقد تخلّت عن سعرها السابق وانضمت إلى ركب الزيادات المتسارعة. 

القرار الذي لم يفاجئ البعض لكنه بالتأكيد أثّر على الجميع، كشف عن تحولات ضريبية جديدة، وأعاد رسم خارطة الأسعار في سوق يُعد من الأوسع استهلاكًا في المنطقة، فهل هي بداية مرحلة جديدة من السياسة المالية أم مجرّد تعديل عابر في ظل أزمات متراكمة؟.

أسعار السجائر في مصر 

بدأت شركات السجائر في مصر تنفيذ زيادات جديدة على أسعار منتجاتها، وذلك في أعقاب التعديلات الأخيرة التي أُدخلت على قانون ضريبة القيمة المضافة، والتي نُشرت مؤخرًا بالجريدة الرسمية. ويأتي هذا التحرك تماشيًا مع القرارات الضريبية التي استهدفت منتجات التبغ من خلال توسيع نطاق الشرائح الضريبية ورفع الضريبة القطعية بمقدار 50 قرشًا لأول مرة منذ عام 2023.

في طليعة هذه الشركات، أعلنت "الشرقية للدخان" – أكبر مُصنّع محلي للسجائر – عن زيادة أسعار منتجاتها الشعبية بنحو 5.25 جنيه للعبوة، ليقفز سعر العبوة من 38.75 جنيه إلى 44 جنيهًا، حسب ما أكده إبراهيم إمبابي، رئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات.

ولم تكن هذه الزيادة حكرًا على المنتجات المحلية، إذ تبعتها شركات أجنبية كبرى مثل "فيليب موريس" و"JTI" اليابانية، لترفع أسعار علاماتها المعروفة مثل "مارلبورو" و"ميريت" و"وينستون" و"L&M". هذه الزيادات شملت أيضًا منتجات التبغ المُسخّن مثل "HEETS" و"TEREA".

وأثارت موجة الارتفاعات الأخيرة حالة من القلق بين المدخنين، خاصة مع توحّد أسعار معظم العلامات المحلية عند 44 جنيهًا، فيما تخطّت العلامات الأجنبية حاجز الـ100 جنيه في بعض الأنواع مثل "ميريت"، وبلغت أسعار "مارلبورو" 97 جنيهًا و"كامل" نحو 73 جنيهًا.

وتأتي هذه التحولات في وقت تحاول فيه الحكومة تعزيز مواردها المالية عبر الضرائب الانتقائية على المنتجات الضارة، في محاولة لضبط العجز المالي دون اللجوء إلى فرض ضرائب مباشرة على الشرائح الضعيفة.

مع دخول قرارات الزيادة حيز التنفيذ، يجد المستهلكون أنفسهم أمام واقع جديد يفرض إعادة النظر في أولوياتهم الشرائية، خاصة مع ارتفاع أسعار 23 نوعًا من السجائر بشكل رسمي اعتبارًا من يوليو 2025، نتيجة لتطبيق الضريبة المضافة. 

وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الدولة لتعزيز الإيرادات وتحقيق التوازن المالي، في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. وبينما يرى البعض أن القرار قد يسهم في تقليل معدلات التدخين وتحسين الصحة العامة، يراه آخرون عبئًا إضافيًا يزيد من أعباء المعيشة اليومية. 

وفي جميع الأحوال، تبقى هذه التغيرات مؤشراً واضحاً على التحولات المستمرة في السياسات الضريبية والمالية التي تشهدها البلاد.